بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 أغسطس 2016

العدد7 لسنة 2016 أدباء منسيون من بلادي - 19 الشاعر جبار الغزّي بقلم : علاء الأديب



العدد7 لسنة 2016

أدباء منسيون من بلادي - 19

الشاعر جبار الغزّي
 
بقلم : علاء الأديب




التقديم :
..........
تثير فينا الغربة بين الحين والحين الشجن فنلجأ لذكريات الزمن الجميل في وطن فقدنا أن نتفيأ بظل نخيله ألذي قتله العطش في بلد النهرين الخالدين .وأن نرتوي من ماء دجلته وفراته اللذين لوثهما الإهمال واليورانيوم وقنابل الفسفور.
نعود الى حيث كنّا لا نريد أن نبرح المكان والزمان لأننا كنا على ثقة بأن القادم من الزمن سيكون ليس زماننا والمكان سيكون ليس مكاننا.
نعود الى حيث ما يمكن أن يكون السلوى وما يمكن أن يكون بعضا من العزاء وإن كان مجرد ذكرى .
وأنا اقلب في ارشيف اغاني ذلك الزمن الجميل توقفت عند اغنية لطالما رددها العراقيون حتى في زمن الراحة والهناء والرخاء لأنها كانت ومازالت تدغدغ المشاعر بالشجن المثقل باللوعة .فما كان مني الا أن اديرها فكانت صوت حسبن نعمة يردد (غريبة الروح ..لا طبفك يمر بيها ولا ديره ال تلفيها) .فشعرت بأن نارا تأججت بصدري واشتعلت الإشتعال العذب.
وبدأت افتش كعادتي عن صاحب تلك الكلمات ايمانا بأن من كتبها قد كان يعاني الأمرين فإذا به شاعر من شعرائنا الذين ما انصفهم الدهر كعادته مع اغلب الشعراء.
جبار الغزّي الشاعر الذي حمل هموما تنآى بها جبال الأرض لو حملتها.
فوجدت نفسي أمام مدرسة من مدارس الشعر الشعبي العراقي ذلك المعين الذي لم ولن ينضب يوما.
فحتمت عليّ الأمانة أن اضع سيرة هذا العملاق الذي تخاطفته يد القدر بين أيدي القراء اجلالا وتقديرا له ولتجربته الثريّة بالمرارة والألم وما أصدق الألم إذا نطق.

ولادة الشاعر :
..................

ولد الشاعر جبار عبد الرضا الغزي في ناحية الفجر في قضاء الرفاعي التابع إلى محافظة ذي قار عام 1946.
دراسته :
...............

أنتقل مع عائلته إلى مركز المحافظة في مدينة الناصرية. دخل متوسطة الصناعة في مدينة السماوة عام 1962 ومن ثم إعدادية الصناعة في مدينة البصرة وتخرج منها عام 1968.
عمله
.......

انتقل الى بغداد وعين موظفا في وزارة الشباب.
الطير الإغريقي:
...................
أطلق على نفسه تسمية الطير الإغريقي.. لا يتحمل نسمة هواء تداعب ريشه، وهذه العبارة يعرفها المقربين منه من الشعراء والفنانين.

شاعريته:
............

تفتحت شاعريته بسن مبكرة لاسيما عندما استقرت عائلته في الناصرية فأختلط بشعرائها المعروفين واستطاع هو واثنان من زملاءه الشعراء كاظم الركابي و عادل العضاض من اقامة ( اول مهرجان للشعر الشعبي في العراق) في مدينة الناصرية. وتم افتتاحه في 7 تموز عام 1969 حضره العديد من الشعراء الشعبيين المعروفين وقتها على صعيد العراق.
الشاعر في بغداد
.......................
إنتقل اوائل السبعينات الى بغداد وكان همه الوحيد بأن يكون قريبا من الاذاعة والتلفزيون لغرض تحقيق حلمه الذي راوده سنين طويلة ليرفد الفنانين بنتاجاته من الشعر الغنائي وليساهم ايضا في كتابة البرامج الاذاعية الخاصة بالريف وبقي في بغداد حتى وافاه الاجل عام 1985..

الحب بحياة الشاعر:
........................

جبار الغزي أحبّ في مطلع شبابه فتاة في مدينته الفجر وبادلته المشاعر متأثرة بشخصيته العاطفية وإحساسه كشاعر حيث كان يقوم بتضمين رسائله اليها بقصيدة تفيض عذوبة، ليبدأ خلال الستينات يلملم أوضاعه المادية ليقترن بها وتكون زوجته، لكنه لم ينجح في تحقيق ما كان يحلم به حين أصر أهلها على رفضه رغم كل ما بذله من جهد للزواج منها، ليبدأ الغزي رحلة الغربة والعذابات التي أستمرت طيلة السنوات اللاحقة، الأمر الذي جعلهُ يودع ملامح مدينتهِ مرغما عسى ان تنسيه بغداد وملذاتها وصخبها، انهيار حبه الأول الا أنه وكما هو واضح في شعره، ازداد وجعاً بعد أن رأى أن الوجوه غريبة ليس فيها من أحب . والشوارع لا تحمل أثر لذكرياته التي حزّتها سكاكين البعد، فيستعيد الماضي بحلوه ومرّه وجوره.
الخمر والضياع في بغداد
...............................

لم يكن له في بغداد مسكن ثابت، كان يسكن في الفنادق في منطقة كرادة مريم وشارع الرشيد وقد أدمن على شرب الخمر ولم يستطع تجاوز محنته، فالهجر يرافقه إينما حل، وجفاء الحبيبة يرن في روحه كأجراس الكنائس الممتدة في شارع الرشيد والباب الشرقي.
الشاعر والزواج:
..........................

لم يحالفه الحظ بالزواج من أي امرأة بغدادية بعد ان رأى فشل الكثير من تجارب الحب والزواج التي أقدم عليها أقرانه من الفنانين الجنوبيين، إضافة الى أنه كان منشغلا عن فكرة الزواج والفرح بمداواة جرحهِ النازف رغم إنه بلغ الأربعين من العمر..
حبس عاطفته فيما بعد حين اعتبر ان تلك الشابة التي ابتعد عنها قبل عشرين عاما، عالمهُ الوحيد، ودنياه التي لا تغيم بغير العافية، رغم كل الويلات التي جناها في رحلته معها..

المطربون الذين كتب لهم
...............................

أثرى جبار الغزي المكتبة الغنائية العراقية بالكثير من الأغاني لأشهر فنانين العراق منذ سطوع نجمهِ في بداية السبعينات من القرن الماضي، وحتى وفاته ومنهم حسين نعمه وفاضل عواد وسعدون جابر وحميد منصور وعلي جودة وغبرهم.
ومن اشهر الأغاني التي كتبها ومازالت الناس ترددها الى يومنا هذا :.
*غريبة الروح ..التي اداها المطرب حسين نعمة من الحان محسن فرحان
*ما بيه اعوفن هلي ...أداها المطرب حين نعمة ومن الحان محسن فرحان
*يكلون غني بفرح ...أداها قحطان العطار ومن الحان محسن فرحان
لوغيمت دنياي... أداها قحطان العطار ومن الحان محسن فرحان *
*سهلة عندك ...أداها قحطان العطار ومن الحان محسن فرحان
*يحاجي الناس كلها ولا يحاجيني ...اداها كمال محمد ومن الحان محمد جواد اموري
*لا اول ولا تالي ....أداها كمال محمد ..ومن الحان محمد جواد أموري
*عالحواجب يلعب الشعر الحرير أداها فاضل عوّاد
*عيني يم اعيون تضحك أداها فاضل عواد
*حاصودة وبيدي المنجل - أغنيته الوطنية أداها فاضل عواد ومائدة نزهت
*لعيونك الحلوات عمري وشبابي ....أداها علي جودة
*عطشان كلبي وملهوف درب الهوة اندليته... أداها صباح السهل ومن الحان محمد جواد اموري
*تاني يبنيه تاني ...أداها صباح السهل ولحنها محمد جواد اموري
*يا خية الشوك مدوهني ...أدتها غادة سالم ولحنها محسن فرحان


من ذاكرة الشاعر علي الشباني عن الغزي :
.................................................
قرر الشعراء الشعبيون في الناصرية اقامة (مهرجان اول للشعر الشعبي) العراقي وصلتني بطاقة الدعوة موقعة باسم الشاعرين كاظم الركابي وجبار الغزي وحددا يوم 7/7/1969 موعدا للمهرجان ، اتصلت بصديقي الشاعر عزيز السماوي في بغداد ، واتفقنا أنا وعزيز السماوي وطارق ياسين وشاكر السماوي وكاظم الرويعي وآخرون على الحضور المشترك والسفر بالقطار السياحي ، حضر الحفل عدد مهم من شعراء العراق اذكر منهم : ابو ضاري وزامل سعيد فتاح وجودت التميمي ومجيد جاسم الخيون ونزار القريشي وعذراً لمن لا اتذكره بالاضافة لشعراء ومثقفي المدينة المضيفة منهم عبدالامير وعادل العضاض وعبدالله الرجب وفاضل السعيدي وقاسم الدراج وكاظم العجمي والمغني حسين نعمة (مع انه كان في تلك الايام معلماً يسارياً مبعداً في أحد الاقضية ولم يكن معروفا كمغني بعد).

الغزي بين الغربة والجوع :
...................................
كان الغزي شاعراً رائعاً لم تعصمه الروعة من الجوع والعوز والغربة في وطن مثل العراق تموت اقماره غدراً ، فقد قتل فاتك الجاهل شاعراً عظيماً مثل المتنبي ، ومات السياب غريباً وكذلك الجواهري والبياتي ومصطفى جمال الدين وبلند الحيدري وغاب الشاعر ذياب كزار تحت شجرات الارز ومازال مظفرالنواب وشاكر السماوي وشعراء اخرين في غربتهم.

غريبة الروح ..رائعة وجع الغزّي
...........................................

من زخم هذه المعاناة والاحباطات ومن تأوهات الوجع المزمن الخارجة من روح متأججة نسج قصيدته الخالدة غريبة الروح والفكانت من اجمل القصائد الغنائية التي اشتهرت في العراق وغناها المطرب الكبيرحسين نعمة .
شخصت الأغنية حالة اغتراب الانسان في وطنه ، وحلق بها الشاعر جبار الغزي عالياً ولوكتب هذه القصيدة لوحدها فانها تكفي ان تصنع منه شاعراً يتذكره الناس عشرات السنين .
تحدثت القصيدة عن حالة اغتراب الانسان في منفى الوطن ، حيث يمتزج القهر الطبقي والقهر السياسي والقهر الاجتماعي النابع من وخم الافكار الراكدة ، التي تقف بوجه تطلعات الشاعر الانسانية ، الشاعر يحاول الهروب من حدود المكان الذي كبله بتلك القيود ، لكنه يتفاجأ بغربة اخرى هي المكان الذي حلم فيه بالخلاص من ثقل القيد ليشعر بألم جديد.

غريبة الروح
تحن مثل العطش للماي تحن ويلفهة المكابر ويطويها
وانت ولا يجي بالك تمر مرة غرب غرب بيها
ولاطيفك يوعيها
ولاديرة التلفيها
واحسك جرح بجروحي
يمرمرني وتفز روحي
محنة تفوح
غريبة الروح
جم اهلال هلن وانتة ماهليت
جثير اعياد مرن وانتة مامريت
سنين الصبر حنن وانتة ماحنيت
ترف ماحسبت بية
انة وغربتي وروحي
نسولف بيك ليلية
نكول يمر نكول يحن
وتظل عيونة ربية
يلمامش الك جية
محنة تفوح
غريبة الروح
ولو أجرينا مقاربة افتراضبّة للمعنى الانساني وحالة التوجع والافتقاد في هذه القصيدة مع قصيدة غريب على الخليج التي كتبها السياب في الخمسينات وهو في الكويت على مرمى حجر من قرية جيكور في ابو الخصيب وهو يشعر بالضياع لوجدنا تقاربا كبيرا في الاحساس والمعنى.

يكولون غنّي بفرح ..قصيدة هزأ بها الغزّي من الداعين للفرح في السبعينات
........................................................................................
في اواسط السبعينات دعت هيئة الاذاعة وتحديداً قسم الموسيقى المهتمين في مجال الموسقى والغناء من شعراء وملحنين ومطربين ، دعتهم الى اخراج الاغنية العراقية من دائرة الحزن التي احاطته وكان شاعرنا جبار الغزي حاضراً ، دعتهم الى تغيير القالب الحزين للاغنية العراقية متصورين ان الحزن هو غلاف تغلفت به الاغنية مثل غلاف قطع السكاكر ، ارادوا ان يغيروا هذا الغلاف من لون السواد الى الوان ذهبية وفضية ، لم يدركوا ان الشاعر هو ابن مجتمعه ويمثل خلاصة تاريخه وعصارة محتواه ، واذا كان الواقع يزخر بالظلم والقمع والفقر والتمايز ، فمن اين يأتي بالوان الفرح كي يغمس بها ريشته ، فالفواجع تتوالى منذ مجيء الحجاج الى الكوفة ليقمع صوت الثورة عند العراقيين ، ليتوج هذا القمع بقتل الثائرين ، وكانت الفواجع تقع على رؤوس العراقيين بدءاً بمقتل امام الفقراء علي بن ابي طالب ، وتناثر اجساد الثائرين من اصحاب الحسين على ارض كربلاء ، وتوزع الناس بين فلاحين وعبيد تحت جور حكم الاقطاع وبرعاية الحاكم الذي ارتدى عباءة الاسلام بعد ان حول هذا الدين الجديد الى شعائر فارغة من أي مضمون انساني ، حتى حُكْمْ العفالقة الذي قتل احلام الناس حين اسس نظام استبدادي فاسد احتوى على كل انواع الظلم .
من اين يأتي الفرح اذا اغلقت كل الابواب بوجه طائر الصباح ، كتب الشاعر الغزي قصيدته المعاتبة والساخرة ، يكولون غني بفرح وذهب بها الى بيت المطرب الرائع قحطان العطار ، واستقبلته والدته استقبال المراة العراقية النجيبة بالحفاوة والترحاب ، ثم حضر الفنان قحطان العطار واعجبته الكلمات ولحنها الملحن المبدع محسن فرحان ، وانطلقت الاغنية بسرعة ، و تغنى بها العراقيون يرددوها كلما ارادو ان يسخروا من سوء اقدارهم وسوء حكامهم وسوء ايامهم ، كانت كلمات الاغنية مثل سجادة مزركشة بكل الوان الحزن ، الحزن عند الشاعر جبار الغزي راسخ في النفس لايبارح حتى في العيد ، وهي ايام الفرح الافتراضية ، والمقتطعة عنوةً من سنين العمر الحزينة والمليئة بالمرارة فقد كتب في قصيدة يكولون غني بفرح :

يكولون غني بفرح
وانه الهموم اغناي
ابهيمة ازرعوني ومشوا
وعزوا عليه الماي
نوبة انطفي ونوبة اشب
تايه بنص الدرب
تايه واخذني الدرب لا رايح ولا جاي
جنت آنه اشوفك كمر
وهلال من بعيد
ولمن وصلتك شفت حزنك
بيوم العيد
وعرفت ظلمه العمر
وياك يلما تمر
يكولون غني بفرح وانه الهموم اغناي
لحرك اخطوط العتب وانشرهه ويا الريح
واذكر محاجي العشك
يا بو شعر تسريح
ما بين شوك وصبر
خلصن اسنين العمر
يكولون غني بفرح وانه الهموم غناي
بهيمة ازرعوني ومشو شحو علية الماي

الشاعر عادل العضاض يتحدث عن الغزّي
.....................................................

تحدث الشاعر عادل العضاض عن ذكرياته مع شعراء الناصرية وكيف خصص الشاعر الراحل كاظم الركابي غرفة بيته الصغيرة لتكون ملتقى ومضافة للشعراء حيث التحق بهذه الغرفة الشاعر الراحل جبار الغزي بعد انتقال اهله من ناحية الفجر الى مركز محافظة الناصرية وذلك عام 1968 . من هنا بدأ العمل الجاد بين كاظم الركابي وعادل العضاض وجبار الغزي ثم اكل حديثه:

"بدأنا نلتقي نحن الثلاثه بشكل يومي ومستمر . كانت لقاءاتنا عند مقهى الحاج علي نوري او في محل الشاعر الخطاط احمد عبد الجبار او في محل الحاج عوده الناهي وهكذا نتنقل بين الاحبة من اللذين يكتبون الادب الشعبي حتى اواسط عام 1969 ، بدأنا نبحث عن كيفية النهوض بالقصيدة الشعبية وتوصيلها الى المتلقي وجها لوجه وبمساحة اكثر قرباً له ، لابد من حدث جرئ وموقف قوي للوصول الى مانفكر به ونطمح . كنت اسأل كيف السبيل يا اخوان ؟ كانا الاثنان في جواب واحد وسريع باشارة اليدين فقط ، مع اشارة بالوجه بدون كلام ( اي بمعنى لا ندري ) وتكررت اللقاءات في مقهى الادباء ( مقهى ابو احمد ) والتى تقع ضمن شارع الجمهورية ، لقاءات حاده ومتعددة وتوصلنا في نقاشاتنا الى اقامة مهرجان شعري في الناصرية وندعو له الشعراء الشعبيين البارزين من كتاب القصيدة الحديثة من بغداد ومن جميع المحافظات ، كما ناقشنا وضع شعار المهرجان في ذلك الوقت واقترح الشاعر جبار الغزي شعار المهرجان ، واتفقنا بالاجماع ان يكون يوم 7/7/1969 هو يوم انعقاد المهرجان الاول للشعر الشعبي في العراق .

حسين نعمة يتحدث عن الغزّي :
...........................................

وحكى الفنان الكبير حسين نعمة بشيء من الحسرة حين اتصل به جبار الغزي عندما كان يسكن فندقاّ داخل كرادة مريم مطلع السبعينات فيما يسكن حسين نعمة في شقة بنفس المنطقة انذاك، يقول علمت أن صاحب الفندق سجّل دعوى قضائية بحق الغزي لعدم دفعه مستحقات مبيته وقد حضرت الشرطة لإلقاء القبض عليه، وبعد تدخلي ودفعي المبلغ تم حسم الموضوع وأخذت ابن مدينتي معي الى شقتي في كرادة مريم وكان في حال يرثى له بعد أن أدمن الخمر والنوم على أرصفة شارع الرشيد.
وفاة الشاعر:
....................
حين امطرت السماء بغزارة في ليلة مظلمة عام 1985 لم تتدثر جثّة جبار الغزي بغطاء يقيها بل اغتسلت بتلك المياه ثم عادت لتنشف من جديد لأكثر من ليلة، ومن ذا الذي بوسعه أن يتعرف على شاعر غيّرت ملامحه سنوات الصبر والتشرد، فكان غريبا لوحده تحت جسر الجمهورية وسط بغداد وظل كذلك في وحشة الطبابة العدلية بباب المعظم مدة عشرة ايام .

مات جبار الغزي بعد ان كتب اخر بيت من الدارمي يعاتب فيه من يعاتب ليقول..
بسّك تره اتعدّيت حد الجفه اوياي
اعطش واضوك الموت وبجفّك الماي

ولست ادري إن كان مازال يتمكن أن يقول مايريد ان يقول؟
تعال وعندي سوالف.. أسولفها لك واحچيها
تعال العين الك تبره.. ظلام وطلعتك گمره

ولكن تلك العين قد اغمضها الموت . رحم الله شاعرنا
والى لقاء جديد مع شاعر منسي اخر من شعرائنا
علاء الأديب
تونس – نابل
19-8-2016

هناك تعليق واحد:

  1. شكرا على هذه المعلومات القيمة للشاعر المبدع وانا تستوقفني سبب كتابة قصيدة غريبة الروح لان السبب والدته التي أتت الى بغداد مع الاخ الاصغر للشاعر جبار الغزي لغرض زيارة الكاظمية وعند مرور التكسي في منطقة باب الشرقي طلبت منه أن يتوقف لدقيقة ويبحث عن أخيه جبار لعلها تراه لانها منذ زمن طويل لم ترى ابنها جبار ولكن الاخ رفض بشدة ولكن شاء القدر أن تتعطل السيارة تحت تانكي باب الشرقي ونزلت الام تتطلع في وجوه اصحاب البطاقات آنذاك تحت الخزان وصدفة انها شاهدت جبار يفترش الأرض وصلت يوم جبار مشتاقلك وتحاضنو بحرارة وقالت له كم عيد الذي أتى وذهب وانت لم تأتي إلى زيارتي مو تدري روحي ترفة وما تحمل فرانك وقتها قدحت شرارة الأغنية في عقل جبار وكتبها بكل حزن ويا لها من صدفة لان جبار كانت سبب سماع الملايين هذه الاغنية ' تحياتي رامي الحسن ' بروكسل

    ردحذف