بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 أغسطس 2016

العدد7 لسنة 2016 في رثاء سميح القاسم للشاعر الفلسطيني باسل البزراوي


العدد7 لسنة 2016

في رثاء سميح القاسم

للشاعر الفلسطيني باسل البزراوي 



ناديتُ ناديتُ! ردّ الرجعُ ينتحبُ
فقيل أردت سميحَ القاسم النُوَبُ
فالسيفُ أغمده الترحالُ من تعب
والغيمُ يجهم والأنواء والأدبُ
والليل أرخى سدول الليل في مرحِ
وساده الصمتُ حين الصمتُ يرتعبُ
ترجل الفارسُ الجبارُ واحترقت
روحُ القصيدة حتى شامَها التعبُ
يا فارسَ الأرضِ أنت الخيلُ تسرجها
فكيف تمضي ووُرْقُ البيد تنتحبُ
وكيف تمضي ومازال الهوانُ بنا
يلوب في الروح والأشواق تستلبُ؟
تمضي وتبقى هنا الأشعارُ باكيةَ
تبوح للأرض بالدفء الذي رهبوا
وما تزال هنا الأحلامُ وارفة
روحًا بروح جليلًا حلّه النقبُ
فأنت أنت الفلسطيني عاشقُها
فكيف تمضي ونبضُ الأرض مضطربُ؟
فصوتك الرعدُ يعلو فوق ليلكهم
فيستغيثوا وقد أعياهم الوصبُ
وصوتُك الحرُّ بدا في كل ناحية
كأنه الوشمُ في القلب الذي يجِبُ
فلا سلاح الوغى يجدي ولا صحفٌ
صفرٌ تريب الصدى إن أرعد الغضبُ
ملأت أفقَ الربا بوحًا تقرُّ به
عين المليحة والأيام والحقبُ
فكنتَ وحدك في حيفا تغازلها
وقد أضاءت ربوع الساحل الهدبُ
وكنت وحدك في الصحراء تخطِبها
وِردًا لروحك حتى احمرّت الكتبُ
وطار صوتك للصحراء يحملها
بقلبك الحر فاخضلّت بها الكثب
ستين عاما تغني الأرض من ألم
تروم شمسَ الذرى والليل مكتئبُ
وقفت كالكرمل الممشوق ممتشقا
لونَ الجليل سلاحًا نصلُه الأدبُ
كم قيدتك هنا الأغلالُ فاحتضرت
في معصميك وهان القيدُ والرّتَبُ؟
وكم حَطَمتَ حديدَ القيد فانكسرت
قرونُ مَن يستبيح الأرضَ أو يهبُ؟
فما انثنيتَ وما أردَوك حين رموا
ورام بعضُهم النسيان إذ تعبوا
فأنت أنتَ كما شاءتك زنبقة
في صدر عكا وأمٌّ حرةٌ وأبُ
ناضلتَ دون جذور قد سموت بها
وأنعشت روحَك الظمأى بها العربُ
“هنا ولدتَ وفيها أهلك انتسبوا
لا الهند جذرك أو بولونيا النسبُ”
رؤى العروبة في عينيك بارقةٌ
و”صيحة الدم” في الأعماق تلتهب
ليلى تناديك قد عاد الجوادُ أما
لبّيت ليلى … وليلى فيك تغتربُ
فأنت أنت ذرعت البيد من يمن
إلى دمشق وأسقتك الهوى حلبُ
وكنت في قمة التاريخ معلمةً
وما تزال تَليك الشمس والسحبُ
أبكيك أبكيك أم أبكي علانية
أرضًا تباعُ وشعبًا خانه العصبُ
فقد توارت بنا الجغرافيا وغدت
أطلالُ خولةَ مشغوفًا بها الجُنُبُ
وزوّر اسمَ الغفاري بعضُ فتيته
فأشكل الاسمُ واستحيا بك اللقبُ
فهل ترى ربذيَّ العصر ما فعلت
بنا الليالي وهم يحدوهم الطربُ؟
سميحُ لا بأسَ أن ضمتك رابيةٌ
في صدرِ “حيدر” فاخضلّت بك التربُ
غنيتَ أرض الجليل الحر ما نزفت
بجرحه النكبةُ النكباءُ والسغبُ
سنذكر الدهرَ من كانت قصائدُه
جمرًا تأجج ما أودت به الكربُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق