بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 فبراير 2021

مجلة صدى بغداد.. العدد الأول 2021 ( العتبة العنوانية بين النصية والمفتاحية ) دراسة تحليلية لنص " ااـفـانوس " للشاعـر العراقي "د . صاحب خليل إبراهيم الناقد باسم عبد الكريم العراقي

 

مجلة صدى بغداد..

العدد الأول 2021

( العتبة العنوانية بين النصية والمفتاحية )

دراسة تحليلية لنص " ااـفـانوس "

للشاعـر العراقي "د . صاحب خليل إبراهيم

الناقد باسم عبد الكريم العراقي

 


 

النص :

عـلى ضوء فانوسنا ,

قد كتبتُ رسائلَ عِـشقي وموتي

ومنْ شهقَةِ الجرح ِ , أحرفها ,

قطعـةً , قطعـةً , منْ دم القلبِ

صيرتُها شمسَ أغنيةٍ مشرقَهْ

ومن شهقة النار أغـرودةً ,

قد صَنَعْـتُ ,

لعـشقِ المواسم والكبرياء .

وبرَّدْتُ ماء الجرار ( الجحيم )

عـلى سطحنا في المساء

. . .

إلى أين تمضي ؟

بريدَ القوافل ؟

وهذا كتابي ,

يضم الحنين صلاة ً,

لفجر البهاء

ونذري أناشيد سفَر

تنام عـلى أنَّـةٍ ,

نَسَجَتْ بيتَنا للورود الحزينهْ

نشم ّ بدمع اللظى ,

كُلّ خيباتنا باصفرار الوجود ,

يضمُ الحنين سماءً ,

وطيفاً ,

طليقاً ,

يذوبُ ,

عـلى شفةٍ أشْعَـلَتْها الحرائق

لعلَّ عـناقيد أعـنابنا

تمدُّ لبرق المياه صباحاً ,

يفكك ظلمة أرض الخراب

. . . . . . .

على ضوء فانوسنا يسيل الظلامُ ,

تموت الخرائط

يسيل الظلام ,

ينابيع دغْلٍ

وأسرابُ طيرٍ تموت بكلّ الدروب

ونخلٌ ذبيحٌ على تربةٍ ,

تستحيلُ عذاب .

وكل زهور الحدائق ,

تموت بملح الجحيم .

وهذا غـناء البساتين ,

عتلى حجر الماء زهر اغـتراب . . ! .

عـلى ضوء فانوسنا يستفيق الحصى .

تهب الرياح . . ! .

في ظلمة الكهف جوعـاً شممنا ,

وشمساً سمعـنا ,

ستشرق من آخر الكون , تبدو

بثوب نهار بليد ,

تصلي عـلى نسجه ,

جمرةٌ من دماء الشهيد .

إلى أين يا ضوء فانوسنا سوف نمضي ؟ .

فاي ّ دمٍ سال فوق اللهيب ؟ .

سخامك يعـلو سماء الظلام .

أفاعـي الخراب تلوذ بطين العـفاء .

بكل الجهات تلوذ الأفاعـي ,

لتسرق خبز البقاء .

إلى أين يا ضوء فانوسنا ,

آدم المبتلى سوف يمضي ؟

وهذي الفصول الكسيحةُ ,

تحفر قبر اليتيم .

وحواء صلَت عـلى نَدمٍ ,

كان إغـراء تفاحةٍ ,

قد عـوى في الفضاء .

هذا عـواء الهواء ,

دمٌ فاترٌ يتلظى ,

يُردد في ظلمة الأرض ,

هذا أسى كربلاء . . ! .

وحواء سالت ,

عـلى وجهها عثـزلةٌ عـارمة .

وسالت بقايا اجتراحٍ أثيم .

تَكسَر حلْم التوهج ,

في نغـمةٍ فاحمة .

وهذى المدى بين جُرح المسافة والحُاْم ,

يسكن روح المخاوف, ,

في وحشةٍ كافره ,

وهذا نثارُ التراب ,

يدور عألى نهدة الريح في ,

فلك الراحلين .

فأي الليالي , تفككُ أرحامَها ؟ .

أي غـيمٍ سيورق في ,

أضلعٍ الفاجعـهْ ؟ ,

وأي العـصافير تشدو ,

يتم الشجر ؟ .

وهذي القلوع حَجَر . وهذا النخيل حجر .

وهذا الزمان حجر . . !

عـلى ضوء فانوسنا منذ عـشرٍ ,

سمعـنا نشيد الرياح .

ومرّ السحاب طعـمنا ,

وتعـوي الذئاب بلي الفرات .

وهذا أوانُ النعـاس ,

عـلى نجمة الصباح

لعـل دخان الفوانيس ,

يُطرِّز ريح اليباس . . !

ليزهر في شحر البيت قداحْ .

..............

الدراسة :

ما هو متعارف عليه ، لدى المعنيين و المهتمين بموضوعة النص الحداثوي ، ان العتبة العنوانية ، كممظومة سيميائية اشاراتية دلالية ، تُعد من اهم النصوص الموازية في المُنجز الادبي الابداعي الحداثوي ، وأول ما يتبادر لذهن المتعاطي مع هكذا نص ، ان العنوان يمثل مفتاحاً لمغاليق النص ، يُمكِّنه من ولوج عالمه الداخلي ويساعده على سبر اغوار بنى دلالاته ، وصولا للتعرف على معناه الكلي .

غير ان هناك عتباتٍ ، لها خصائص ومعايير النص المصغر المكثيف ، بهذا المقدار او ذاك ، وهنا يغدو ( المتن ) مفسراً وموضحاً لدلالتها المعنوية ، والقراءة الفنية المعمقة للنص و عتبته ، هي ما تحدد نصية او مفتاحية العتبة ، وان اشكل على تلك القراءة التغريق بينهما ، فيكون تفكيك العتبة هو مايقرر نسبتها الى احدهما .

وعتبة هذا النص ( موضوع الدراسة ) ، هي من هذه العتبات الاشكالية ، وتفكيكها وحده سيكون البات في امر تحديد نوعها .

التفكيك :

العتبة العنوانية ( الفانوس ) ، جملة اسمية مركبة من مبتدأ وخبر،مزاحة تركيبياً بحذف احد رُكنَيها وكما يلي :

مبتدأ (مسند اليه) ظاهر/ الفانوس + خبر( مسند ) محذوف/ مسكوت عنه .

تفكيك الركن الظاهر منها :

اولاً / البنية الدلالية

الاشارة ( الفانوس ) متعددة الدلالات ،كما في ادناه :

1 ـ الدلالة المعنوية : الفانوس آلة مصنَّعة لغاية محددة هي توليد

الضوء ، باحتراق الوقود السائل ( النفط الابيض ) في داخله

2 ـ بالاحالة الخارجية / التراث الشعبي : وسيلة اضاءة بدائية ، كان اهالي

القرى والارياف والاحياء الفقيرة في المدن ، يستعملونها في اضاءة دورهم

ومناطق تجمعاتهم العامة وحتى طرقهم وشوارعهم ، قبل شمولها بالاضاءة

الكهربائية خلال العقد السابع من القرن الماضي ، فالفانوس ارتبط بحياة

الفقراء والطبقة الكادحة في المجتمع العراقي .

*المسكوت عنه وجود المقابل لها / الطبقة الميسورة الحال .

ومقاربتها السوسيولجية : وجود تفاوت طبقي في المجتمع

3 ـ الدلالة الرمزية : كون الفانوس مصدر اضاءة / النور ، امكن توظيفه

كإشارة لرمزية النور، ومنها انه كاشف لما يحجبه / يستره

ما سكتت عنها وهي / رمزية الظلام ، مما يوحي بتوترية العلاقة بينهما .

لكن هذه الاشارة موحية بالسكونية والفاعلية الزائلة ( المؤقتة ) من جهة ،

و بإرتهان دلالتها بمزاجية الآخر، من جهة اخرى

فسكونيتها تعني : ثبوتها في موضع لاتبرحه ، فهي تساعد على رؤية ماستره الظلام من حولها فقط ، ولا تفعل فيما هو ابعد من ذلك

اما فاعليتها الزائلة فتعني : ان اثرها في ازاحة الظلام مؤقت ، فما ان ينطفئ الفانوس حتى يعود الظلام ليلف المكان

المقاربة الدلالية : محدودية الاثر / فاعلية آنية غير دائمة

اما ارتهانها بمزاجية الآخر : اي ان هناك من يقرر / لايقرر ، ملء حجرة النفط في الفانوس كلما نفد ( جراء استعمال )، وكأنَّ للفانوس مرجعاً يعود اليه باضطراد كي يمده بما يديم عمله.

وكما في المقاربات التالية :

ـ رمزية النور = العلم ، الثورة ، الحرية

المكافئ الموضوعي لها = الوعي الحر

اذاً : النور = الوعي الحر

ـ رمزية الظلام = الجهل ، الظلم ، العبودية

المكاقئ الموضوعي لها = التخلف

اذاً الظلام = التخلف

العلاقة المتقابلة :

النور / الظلام = الوعي الحر / التخلف

باستدعاء الاشارة ( الفانوس ) كتوظيف دلالي متعالق مع رمزية النور :

الفانوس = الوعي الحر

بالاحالة الداخلية على الدلالة / 3 اعلاه ( مزاجية الاخر ) ، نفهم أنه

وعي آني الأثر ومنقوص الحرية / فكر يصف ولايغير ،تبعي غير مستقل ،اي يعتمد على مرجعيات ( آخروية ) تتحكم باشتغالاته الثورية ، من خلال تحكمها بديمومة / تعطّيل نشاطه الجمعي التنويري، ودوره الوطني في الحياة السياسية ،

مكافئه الموضوعي : الفكر اليساري

موضعة هذا الفكر مكزمانياً :

العراق المعاصر (بالاحالة الخارجية / سيرة حياة الشاعر : عراقي / 1946ـ ..)

ثانياً / البنيتان النحوية والصرفية

ـ النحوية : الفانوس مبتدأ ، بدلالة معرفيته ( معرف بأل ) ، خبره محذوف جوازاً

المقاربات الدلالية لهذا الحذف :

الحذف الجائز = السكوت عن المحذوف بقصدية ما

ومقاربات دلالات هذه القصدية :

* فتح مجال تخمين ماهية الخبر امام القارئ واسعاً ، بشد انتباهه ، واثارة فضوله  مما يعني استدراجه لولوج عالم النص ،

* عدم تخصيص المبتدأ بخبر ظاهر محدد المعنى ، يجعل اشارته متعددة الدلالات ( كما مر بنا آنفاً ) ، فتكون ذات ( طبقات معنوية ) متعددة ،

* كونه مسندأ اليه بلا مُسند ، جعله مقطوعاً عما بعده ، ضعيف التأثير في سياق جملة مبتورة ،بلا انتماء لجملة لها معنى محدد ، مما جعله بحاجة للآخرين ( القراء ) لتقدير خبره ، وهذا يكافئ ما سبق ذكره في الدلالة / 3 أيضا ( وكأن الفانوس له مرجع يعود اليه باضطراد كي يمده بما يديم عمله.)

ـ البنية الصرفية :

الفانوس اسم آلة جامد ، غير قياسي ، وجموديته تكافئ دلالة / منقوص الحرية اعلاه ، وغير قياسيته ( اي انه غير مشتق عن مفردة من جنس حروفه وفق قاعدة صرفية ثابتة ) تَقْرُبُ دلالةً من قولنا السالف الذكر ( بلا انتماء لجملة لها معنى محدد ) .

نستنج ان التفكيك اعلاه ، أبان الخصائص النصية ادناه لبنية الاشارة العنوانية :

ـ تعدد الدلالات ظاهرياً ، وتعالقها تحتانياً مع بعضها معانوياً ، في سياقٍ

مقاميٍّ* متماسك / منسجم ،لوجود ( ترابط دلالي ) فيما معانيها ، مما

جعلها قابلة للفهم و التأويل ،

ـ وجود الازاحة التركيبية ( حذف الخبر ) ، له قصدان :

1 ـ جعل الاشارة باعثةً / مرسلةً لسؤال ( ترى أي فانوس هو ؟؟ ) :

أهو خاص / فانوس البيت مثلاً،أم عام / فانوس الشارع او المقهى ... الخ ، وقد يكون سؤالاً عن لونه او حجمه وغير ذلك ، او انه سؤال عن دلالته الرمزية ؟ و ... الخ ، والمتن النصي هو الذي يقدم الاجابة المنشودة عنه ، من خلال تحليله وشرحه لدلالات تلك الاشارة .

2 ـ الحذف ( بأرَ ) الاشارة دلالياً / جعله بؤرة دلالية ، مما جعل المعنى التحتاني للعتبة العنوانية يتمحور حولها .

باعادة تركيب ما نتج ، عن تفكيكنا ، من دلالات ، مقاربات معنوية

واخرى مسكوت عنها ، اضافة للخصائص السابقة ، يتولد لدينا :

ان الاشارة العنوانية هي ( عتبة عنوانية نصية مصغرة مكثفة ) .

مقاربة دلالتها المعنوية التحتانية :

لااستقلالية الفكر اليساري العراقي

بذا على المتن ان يفسر ويوضح ويجيب عما تثيره من اسئلة

بحكم علاقته الجدلية معها

المتن :

المقطع الاول /

( عـلى ضوء فانوسنا ,

قد كتبتُ رسائلَ عِـشقي وموتي

ومنْ شهقَةِ الجرح ِ , أحرفها ,

قطعـةً , قطعـةً , منْ دم القلبِ

صيرتُها شمسَ أغنيةٍ مشرقَهْ

ومن شهقة النار أغـرودةً ,

قد صَنَعْـتُ ,

لعـشقِ المواسم والكبرياء .

وبرَّدْتُ ماء الجرار ( الجحيم )

عـلى سطحنا في المساء )

كتابة الرسائل دليل ابتعاد كاتبها مكانيا عن المرسل اليه ، ولما كان الفعل ( كتب ) منقطع ( لم يذكر الكاتب الى من كتبها ) ، فهي انما رسائل على سبيل المذكرات الشخصية ،او التوثيق الانفعالي الذاتي ، بدلالة ( عشقي و موتي )وهذا التوثيق محرَّف ( احرفها ) ، بسبب / قاهر او مانع خارجي ، هو من سبَّب { موتي ( وهو معنوي هنا ) ، شهقة الجرح / شهقة النار } ، ويراقب كل من يعترض على افعاله ( مانع سلطوي / عيون اتباعها ) ، مما اجبره

على التحريف اتقاءً لأذاه او مساءلته ( وهذا ينسحب على / عشقي ، فهو عشق محرّم كأن يكون عشقاً للحرية او للخلاص من الظلم ، وما شابه ، فلو كان عشقاً لحبيبة لما اضطر لتحريفه ) ، فجاء تحريفه لرسائله

( صيرتُها شمسَ أغنيةٍ مشرقَهْ) ، وجعل من شهقة نار الحرمان ( اغرودة .... لعشق المواسم والكبرياء )

وهو هنا يخفي / يسكت عن ، مايقابل هذه التحريفات ، والتي يعيشها في واقعه ، وكما توضحه هذه التقابلات :

شمس / ظلام ، اغنية مشرقة / عويل حزن ، اغرودة / نعيق ، المواسم والكبرياء / جدب حياة والهوان .

ولا ينبري الا الشقاء كواقع حقيقي ، شقاء حوّل جرار الماء الى جحيم لايمكن تبريدها للشرب سوى  بوضعها على سطح البيت ليلاً ( وبردت ماء الجرار ( الجحيم .. على سطحنا في المساء ) وهذا مما لايحتاج

الى تحريف لأنه يُشعر الرقيب ان السلطة نجحت في تحقيق هدفها ( افقار الناس وحرمانهم )

هي اذاً رسائل توثق لواقع بائس ، كان بمثابة المحفز لولادة فكر يتماهى مع تطلعاته بغد افضل ، ويحقق له حياة كريمة ، لكن صاحبه لايقوى سوى على تحريفه ، وعدم التصريح به للاسباب المار ذكرها .

"المتن هنا ( يوضح ) الملامح الوصفية الاولية لبيئة نشوء ذلك الفكر ، وما كان يحفّ به من مخاطر ".

ويضل ( الفانوس ) يلازم مطلع كل مقطع من مقاطع المتن لتأكيد حضورة بأعتباره ( بؤرة ) دلالية ،الا المقطع الثاني باعتباره امتداداً للاول بدليل     ( بريد القوافل ) ، فالبريد له ارتباط دلالي ( بالرسائل )، اضافة الى انه

يموضع ذلك الفكر بيئوياً :

(إلى أين تمضي ؟

بريدَ القوافل ؟

وهذا كتابي ,

يضم الحنين صلاة ً,

لفجر البهاء

ونذري أناشيد سفَر

تنام عـلى أنَّـةٍ ,

نَسَجَتْ بيتَنا للورود الحزينهْ

نشم ّ بدمع اللظى ,

كُلّ خيباتنا باصفرار الوجود ,

يضمُ الحنين سماءً ,

وطيفاً ,

طليقاً ,

يذوبُ ,

عـلى شفةٍ أشْعَـلَتْها الحرائق

لعلَّ عـناقيد أعـنابنا

تمدُّ لبرق المياه صباحاً ,

يفكك ظلمة أرض الخراب )

الاشارتان ( صلاة / نذر ) ذاتا تناص خارجي / الطقوس الدينية ،

الاشارات ( انة ، الورود الحزينة ، دمع اللظى ،خيبات ، اصفرار الوجود ،

الحرائق ، اعناب ، ظلمة ، ارض الخراب )

" المتن هنا ( يموضع ) ذلك الفكر ( مكانياً / بيئوياً ) بذكره ما تتصف به مناطق وسط / جنوب العراق ، من تقاليد دينية لاسيما ( النذر ) وشظف العيش ، والاحزان وخراب الارض رغم وفرة خيراتها "

، فكر يكتفي باللوذ بالرجاء ( لعل عناقيد ... تمد لبرق ....يفك ظلمة ...) ، والرجاء يقابله / غياب السعي لتحقيق المراد .

المسكوت عنه : جور السلطة فهي المسبب لتلك الويلات .

ولرسم معالم ذلك المكان / البيئة ، بشكل اكثر تحديداً ، يذكر المتن اشارة (نخل ) لدلالة على الجنوب العراقي ( ونخلٌ ذبيحٌ على تربةٍ ,) في المقطع :

( على ضوء فانوسنا يسيل الظلامُ ,

تموت الخرائط

يسيل الظلام ,

ينابيع دغْلٍ

وأسرابُ طيرٍ تموت بكلّ الدروب

ونخلٌ ذبيحٌ على تربةٍ ,

تستحيلُ عذاب .

وكل زهور الحدائق ,

تموت بملح الجحيم .

وهذا غـناء البساتين ,

اعتلى حجر الماء زهر اغـتراب . . ! .)

الاشارة ( تموت الخرائط ) : دلالة على الحروب التي تسببت بها السلطة الشمولية مع دولتي الجوار شرقاً وجنوباً والسبب المباشر لها كان الاختلاف حول الحدود البرية والمائية ،اضافة الى اشارات ويلات تلك الحرب         ( وأسرابُ طيرٍ تموت بكلّ الدروب

...ونخلٌ ذبيحٌ على تربةٍ )

وغيرها من اشارات المآسي والفجيعة والغربة النفسية .

"المتن ( يشرح ) " الموقف الوصفي ، لااكثر ، لذلك الفكر ، الذي

( يسيل الظلام ) عليه ورغم ذلك لاينتفض ببصيص فعل يبدد سواد حزن الضحايا ، ويبقى ملازماً ( السكون / اللافاعليه ) ويكتفي بتمني تحقق المحال ( استفاقة الحصى ) ، رغم تصاعد الويلات والفواجع ( دماء الشهيد ) كما في :

( عـلى ضوء فانوسنا يستفيق الحصى .

تهب الرياح . . ! .

في ظلمة الكهف جوعـاً شممنا ,

وشمساً سمعـنا ,

ستشرق من آخر الكون , تبدو

بثوب نهار بليد ,

تصلي عـلى نسجه ,

جمرةٌ من دماء الشهيد )

احجام ذلك الفكر عن المواجهة ، واكتفائه بالمراقبة والتمنيات ، بلغ حد

ان من يستفهم منه عن طريق الخلاص ( إلى أين يا ضوء فانوسنا سوف نمضي ؟)،

لايحصل منه الا على ( سخامك يعـلو سماء الظلام .) / مقاربتها الدلالية :

المُثُلٍ والشعارات البراقة لكنها جوفاء ، كما ( بريق ) الاحتراق الذي يولد السخام :

( إلى أين يا ضوء فانوسنا سوف نمضي ؟ .

فاي ّ دمٍ سال فوق اللهيب ؟ .

سخامك يعـلو سماء الظلام .

أفاعـي الخراب تلوذ بطين العـفاء .

بكل الجهات تلوذ الأفاعـي ,

لتسرق خبز البقاء .)

باقي اشارات المقطع وصفية لتصدع واقع الحياة ( بكل الجهات ) ،

" المتن ( يوضح ) " عزوف وانقطاع ذلك الفكر عن التاثير في الحياة الواقعية ، وبقائه شعاراتياً .

والمقطع ماقبل الاخير ادناه يؤكد تلك القطيعة :

( إلى أين يا ضوء فانوسنا ,

آدم المبتلى سوف يمضي ؟

وهذي الفصول الكسيحةُ ,

تحفر قبر اليتيم .

وحواء صلَت عـلى نَدمٍ ,

كان إغـراء تفاحةٍ ,

قد عـوى في الفضاء .

هذا عـواء الهواء ,

دمٌ فاترٌ يتلظى ,

يُردد في ظلمة الأرض ,

هذا أسى كربلاء . . ! .

وحواء سالت ,

عـلى وجهها عزلةٌ عـارمة .

وسالت بقايا اجتراحٍ أثيم .

تَكسَر حَلْم التوهج ,

في نغـمةٍ فاحمة .

وهذا المدى بين جُرح المسافة والحُلم ,

يسكن روح المخاوف, ,

في وحشةٍ كافرة ,

وهذا نثارُ التراب ,

يدور عألى نهدة الريح في ,

فلك الراحلين .

فأي الليالي , تفككُ أرحامَها ؟ .

أي غـيمٍ سيورق في ,

أضلعٍ الفاجعـة ؟ ,

وأي العـصافير تشدو ,

يتم الشجر ؟ .

وهذي القلوع حَجَر . وهذا النخيل حجر .

وهذا الزمان حجر . . !

في اعلاه " المتن ( يفصّل )" لاابالية ذلك الفكر بالهم الجمعي واصراره على الاعراض عن اجابتهم ، حتى ان اضطروا لمغادرة / جنة العراق :

( الى أين يا ضوء فانوسنا ,

آدم المبتلى سوف يمضي ؟)

مقاربة ( ادم المبتلى ) المعنوية : العراقي الذي حل عليه بلاء القهر والحرمان

المسكوت عنه / الجنة

ترك الوطن مكافئوها الدلالي : الهجرة ( وهذا المدى بين جُرح المسافة والحُلم )

و ( وهذا نثارُ التراب ,يدور عألى نهدة الريح في , فلك الراحلين .)

والمقطع متخم بالاشارات الدالة على اللوعة والخوف والوحشة .. الخ التي ترسم صور الغربة المبددة للامان

المقطع الخير :

(عـلى ضوء فانوسنا منذ عـشرٍ ,

سمعـنا نشيد الرياح .

ومرّ السحاب طعـمنا ,

وتعـوي الذئاب بلي الفرات .

وهذا أوانُ النعـاس ,

عـلى نجمة الصباح

لعـل دخان الفوانيس ,

يُطرِّز ريح اليباس . . !

ليزهر في شحر البيت قداحْ )

" المتن ( يطلق الدلالة ) " الفانوسية لتشمل سائر ( الفوانيس / الافكار ) الاخرى ،

لكنها دلالة تؤكد ( شعاراتيتها ) اجمع :

( لعـل دخان الفوانيس ,

يُطرِّز ريح اليباس . . !

ليزهر في شحر البيت قداحْ )

المتن اذاً يجيب عن السؤال : ترى أي فانوس هو ؟؟ / الذي طرحته العتبة

والجواب : انه الفانوس ذو المعنى التحتاني / الفكر اليساري ( كما اوضحناه

سابقاً ).

....................................................................................................

* السياق المقامي : هو السياق الخارجي / خارج  النص، الذي

يمكن أن تقعَ فيه الاشارة، وما يرتبط بها من عناصرَ غيرِ لغوية زمانية

تتصلُ بالعصر، او مكانية بيئوية او مجتمعية عامة وغيرها .

ـ باسم عبد الكريم العراقي ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق