مجلة صدى بغداد
العدد الثالث 2021
خَرِيدَةُ القَصْر
من ملحمة النزوح في محافظة الأنبار
للشاعرالعراقي الدكتور ابراهيم الفايز
قَدْ زَارَنِي يَوْمَ الْكَرِيهَةِ وَحْدَهُ
وَأَرَى غُرُوبَ الشَّمْسِ أَضْرَمَ خَدَّهُ
ظَبْيٌ وَعَيْنِي مَا رَأَتْ كَجَمَالِهِ
سُبْحَانَ مَنْ جََمَعَ الْمَحَاسِنَ عِنْدَهُ
قَدْ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ حَبِيبِ صَبابَةٍ
طَفَحَ الْهَوَىٰ في مُقْلَتَيْهِ فَهَدَّهُ
مُتَلَفِّعًا جَعَلَ الْوَقَارَ رِدَاءَهُ
وَبِعَيْنِهِ جَعَلَ السُّؤَالَ وَحَدَّهُ
فَاحْمَرَّ لا أَدْرِي صَبَابَةَ وَجْدِهِ
أَمْ أَنَّهُ فَرْطُ الْحَيَاءِ أَمَدَّهُ
أم أنَّ في شَفَقِ الغُرُوبِ طَلاوَةً
حَمْراءَ زَانَتْ بِالْمَهَابَةِ وَرْدَهُ
— — —
ظَبْيٌ تَلَبَّسَ بِالْحَيَاءِ كَأَنَهُ
مَلَكٌ بِحَضْرَةِ عابِدٍ فَأَوَدَّهُ
أَوْ أَنَّهُ كَخَرِيدَةٍ مَا مَسَّهَا
قَمَرُ الزَّمَانِ وَلَا تَجَاوَزَ حَدَّهُ
هَيْفَاءَ مَا نَطَقَتْ شَمَائِلُ جِيدِهَا
إلَّا لِتُكْمِلَ بالْأُنُوثَةِ شُهْدَهُ
عَذْرَاءَ ، بِكْرٍ قَد تَّقَاربَ خَطْوُهَا
جَاءَتْ لِتَسْأَلَ كَيْفَ تَعْرِفُ حَشْدَهُ
لِتُعِيدَهُ في قُرْبِهَا وَكَأَنَّهُ
سَيْفٌ يُقَارِبُ في الْوَقِيعَةِ غِمْدَهُ
أَوْ أَنَّهُ كَالظِّلِّ لَازَمَ ظِلَّهُ
كَيْ تَطْمَئِنَّ فَلَا يُخَالِفُ وَعْدَهُ
فَتَسَاءَلَتْ أَيْنَ الدِّيَارُ وَأَيْنَ لِي
قَمَرٌ تَمَلَّكَ مُهْجَتِي لِأَرُدَّهُ
لَا تَتْرُكَنِّي بِالْوَقِيعَةِ أَرْتَمِي
فَأَنَا الَّذِي حَمَلَ الثَّقِيلَ فَأدَّهُ
فَأَجِبْتُهَا أَمَّا الدِّيَارُ فأُحْرِقَتْ
وَبَقَىٰ الْمُتَيَّمُ كَالْمُرَابِطِ وَحْدَهُ
وَاللَّيْلُ عَسْعَسَ فَوْقَنَا فكأنَّنا
أَسْرَىٰ بِقَبْضَتِهِ لِنَصْبَحَ عِنْدَهُ
حَتَّى إِذَا نَطَقَ الصَّبَاحُ وَجَدتَّنِي
وَحْدِي أُفَتِّشُ بِالْحَظِيرَةِ جُنْدَهُ
— — —
فَحَمَلْتُ رُوحِي فَوْقَ رَاحِي عَلَّنِي
أنْجُو وَأَعْرِفُ بِالْفِرَاسَةِ وِرْدَهُ
لٰكِنَّنِي عَبَثاً فَعَلْتُ فَلَمْ أَجِدْ
قَمَراً يُضِيئُ الدَّرْبَ سَدَّ مَسَدَّهُ
حَتَّىٰ أَتَىٰ يَوْمُ النُّزُوحِ يُذِيقُنِي
مُرَّ الْهَزِيمَةِ كَيْ أُعَايِشَ نَكْدَهُ
فَعَرِفْتُ أَنِّي لا مَحَالَةَ هَالِكٌ
أَو ْ آكِلٌ يَوْمَ الْهَرِيسَةِ ثَرْدَهُ
— — —
مَا الْحُبُّ إلَّا جَنَّةٌ وَجَهَنَّمٌ
لَوْلاهُ ما جَعَلَ الْخَرِيدةَ مَهْدَهُ
وَالْحُبُّ قَرَّبَ لِلْبَعِيدِ مَسَارَهُ
فَإذا نَبا تَرَكَ المَنِيَّةَ بَعْدَهُ
وَالْحُبُّ يَبْقَى لِلْخَرِيدَةِ جَمْرَةً
لِتَزِيدَ مِنْ قَلْبِ الْمُتَيَّمِ وَقْدَهُ
والْحُبُّ يَبْقَى فِي الْخَرِيدَةِ وَاعِداً
يَنْمُو وَلا تَكْفي الْقَصِيدَةُ سَرْدَهُ
يَبْقَى يُثِير ُ الجُّرْحَ لا مُتَهَاوِناً
يَكْبُو وَلَا يَرْضَى يُقَطِّعُ قَيْدَهُ
وَإذَا النُّفُوسُ تَقَارَبَتْ وَتَآلَفَتْ
أَلْغَتْ حُدُودُ الْمْطْمَئِنَّةِ حَدَّهُ
لَوْلَا الْمَحَبَّةُ مَا عَرِفْتُ أحِبَّتِي
وَلَكُنْتُ مَنْسِيَّاً يُسَامِرُ لَحْدَهُ
————————————-
معاني الكلمات
....................
الخَرِيدَةُ :فتاة عذراء بِكْرٌ لم تُمَسّ .
يوم الكريهة : يوم النزوح من محافظة الانبار بسبب الحرب.
أَضْرَمَ: أَشعل وأَلهب.
الوَقِيعةُ : الحَرْب والقتال
الصَّبابةُ : حَرارة الشوقُ
عَسْعَسَ اللَّيْلُ : أظلمَ.
طَفَحَ : امْتَلأَ حتّى فاض.
هَدَّهُ: اتعبه.
أَمَدَّهُ : دعمه وقوّاه.
الغِمْدُ : غلاف السيف، جرابُه
الوِرْدُ :الماءُ الذى يُورَدُ
رِدَاء : ما يُلْبَس فوق الثِّياب كالجُّبَّة والعَباءة.
الفراسة : مَهارة التَّعرُّف على بواطن الأمور من ملاحظة ظواهرها.
وَدَّ صَاحِبَهُ : أَحَبَّهُ
الجَّرْد : الإحصاء
الحظيرة : ساحة التجمُّع.
هَرِيسَة : طعام يُطبخ من القَمْح المَدْقُوق واللَّحْم.
أَدَّهُ/ :أثقله ، أعجزه ، أضناه.
الجِيدُ : موضع القِلادة.
الشَّمائِلُ : الطَّبْعُ ، الخُلُقُ.
هيفاء : ضامرة البطن، دقيقة الخصر.
الشُّهْدُ ،: عَسَلُ النَّحل ما دام لم يُعْصَر من شَمْعِه.
النَّكَدُ : كلُّ شيء جرّ على صاحبه شرًّا.
الوَقَدُ: اتَّقَادُ النَّار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق