بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 ديسمبر 2018

مجلة صدى بغداد العدد الثاني عشر لسنة 2018 موسوعة شعراء العربية / المجلد العاشر - الجزء الاول شعراء المعاصرة العرب / (الشاعر يوسف ابو هـــــلالة ) بقلم د فالح الكيـــلاني

مجلة صدى بغداد

العدد الثاني عشر لسنة 2018

موسوعة شعراء العربية / المجلد العاشر - الجزء الاول
 
شعراء المعاصرة العرب / (الشاعر يوسف ابو هـــــلالة )
 
 
بقلم د فالح الكيـــلاني





هو يوسف محي الدين لقب بابي مصعب ويكنى بابي هلالة من مدارج صحراء الاردن الجنوبية .
ولد في قرية في جنوب مدينة (معان ) الاردنية في اليوم الخامس عشر من كانون ال ثاني (يناير ) 1948 من اسرة فقيرة متواضعة ونشأ فيها وعند بلوغ عمره ست سنوات دخل المرحلة الابتدائية ليرى نور الحرف العربي في طفولته وبعد اكماله المرحلة الابتدائية درس الاعدادية والثانوية وفيها احب الادب والشعر وما اليه وقوي عوده واشتد ساعده ونظم الشعر . وفي اول قصيدة نشرها في صحيفة (الشهاب ) اللبنانية يقول :
كلُّ شيءٍ كان يبدو صامتاً.
وقد أوغلَ في الليلِ السُكونْ

سَاعةُ البيتِ التي أَعْدَدْتُها
لقيامي حينما الفَجْرُ يحينْ

قدْ بَدتْ في حُزنِها مُطْرِقَةً
فوقَ رأسي مثلَ مَهْمومٍ حَزينْ

وتنتهي بـقوله :
لم تكدْ تُكْمِلُ لي قصَّتها
وإذا بالموتِ يُغْشِيها السُّكونْ

لفظتْ أنفاسها في عِزَّةٍ
فهنيئاً في جِنَان الخالِدينْ

وشاءت الظروف ان ينخرط في الجيش الاردني في دورة تدريبية وكان لهذه الدورة العسكرية اثرها الكبير في حياته .
ففي عام 1967م خاضت الجيوش العربية حربا شلاسة ضد اليهود بفلسطين ، ووعلى إثر هزيمة الجيوش العربية أمام اسرائيل . دخلت مدينة القدس وفيها بيت المقدس الشريف في قبضة الإحتلال وأصبحت خاضعة لسيطرتهم، فتنادى المخلصون من دعاة الإسلام إلى الجهاد، فقامت جماعة من المسلمون بتنظيم أنفسهم في شكل كتائب جهادية شرقي نهر الأردن عرفت بـ(معسكرات الشيوخ). وكان شأن يوسف أبو هلالة فيها شأن اي مسلم غيور على حرمات دينه ووطنه فاصبح من أوائل الجهاديين وشارك أبوهلالة في شرف الدفاع عن العروبة والاسلام جنبا إلى جنب مع القائد الشهيد عبدالله عزام رحمه الله ـ فخاض معارك أقضّت مضاجع الغاصبين وفي ذلك يقول :
ما بيننا عهْدُ الإخاء ومبدأٌ
مِنْ ديننا فيه تشعُّ طيوبُ

ومعاركٌ كالعاصفاتِ لها على
دَرْبِ الفداءِ زمازمٌ وهبوبُ

و "قواعد الإخوان" لَمّا أذّنَتْ
بكفاحها والجرْحُ -بَعْدُ- رغيبُ

لم يفتقدنا البذلُ في ساحاتها
ومجال عُذْر الخالفين رحيبُ

كُنّا الزلازلَ رَجْفها لا ينتهي
حتى تفيق من السُّبات شعوبُ

نتقحّمُ الصّعبَ الأشدَّ من الذّرى
وبنا تضيق مرابعٌ وسهوبُ

وانطلق أبوهلالة في ميدان الحياة الصعب ، واختار لنفسه العمل في ميدان الدعوة إلى الله، فعمل في وزارة الأوقاف الأردنية مرشدا، وبعد سنتين رغبت نفسه في إتمام دراساته العليا، فارتحل إلى الحجاز حيث التحق بالجامعة الاسلامية في (المدينة المنورة) في عام \1976 ثم اكمل دراسته العالية فحصل على شهادة الماجستير بتقدير ممتاز عام \1980م، ثم نال درجة الدكتوراة في الدعوة مع مرتبة الشرف الأولى عام \1982 م، حيث كان عنوان بحثه (الإعلام المعاصر وأثره على الدعوة الإسلامية ) .
تزوج يوسف أبوهلالة من ابنة عمه ورزقه الله تعالى منها اطفالا ثلاثة أولاد ( مصعب، ومحمد، وبدر)، و ثمانية بنات: ( مي ، وحسناء، ولينا، وميمونة، ونسيبة، وسمية، وسكينة، وغيداء). وقد تغنى بأبنائه البالغ عددهم أحد عشر ولدا وبنتا وبأمهم في قصيدة تنطلق من مدينة معان لتصف لحظة الفراق، فيها يقول:
ليتَ الأحبّةَ في معان دَرَوا
حينَ افترقنا ما بنا فعلوا

يا أُمَّ أولادي ومؤْنستي
وملاذَ أمْني إنْ طغَى الوجَلُ

مُدِّي حِبالَكِ فالغريقُ أنا
وأنا بكِ المستغْرِقُ الثَمِلُ

روحي بطيبِ عبيرك امتلأتْ
ولغير عِطْرك ما بها نُزُلُ

أنا يا ابنةَ العمِّ اكتويتُ أسىً
وبنارِ شَوْقي تُضْرَم الشُّعلُ

والشاعر وهو في غربته حيث ترك أهله بمدينة (معان )، فثارت في نفسه مشاعر الحنين والشوق إليهم فرسم لوحة إبداعية تتجلى فيها حركات أولاده وسكناتهم في حياتهم اليومية،وهو يتذكرهم في غربته عنهم فحبهم طغى على وجدانه وملأ عليه خياله، ونمّ عن عاطفة قوية صادقة، وعن صفاء فطرته وبساطة طبيعته، التي انعكست على مضمون شعره الذي يخلو من التعقيد والغرابة والغموض فيقول :
إنْ تنطفئ زُهرُ النجومِ فلي
بعيونهم عَنْ نورها بَدَلُ
وإذا الرّياضُ قستْ حرارتُها
وغدتْ بنار القيظِ تشتعلُ
مثلتهم في خاطري فإذا
دُنيايَ رَوْضٌ بالنّدى خَضِلُ
لا " ميُّ " جاءتني بواجبها
بنُجومهِ الحمْراء ِتحتَفلُ
كلاّ ولا " حسناءُ " حاملةٌ
" بدْراً " تميلُ به وتَعْتدلُ
وبكاءُ " لينا " دونما سَببٍ
ودموعُها كالغيْثِ تَنْهمِلُ
إنْ نِمْتُ جارتْ في الصُّراخِ على
نومي وجورُ الطِّفْلِ يُحتَملُ
غيداءُ " أينَ ؟ وأينَ لُعبتُها؟
تَشْكو إذا ضاعَتْ وتَنْفَعِلُ
وتقولُ إخواني لها سَرَقوا
وكلامُها مِنْ طَبْعِهِ العسَلُ
أينَ التي عَيْني برؤْيَتِها
بالنِّورِ والاشْراقِ تَكْتَحِلُ؟
ميمونةُ " الأخلاقِ طيّبةُ الـ
أعراقِ زانَ سُلوكها الخَجَلُ
" ومحمّدٌ " يَطْوي دَفاتِرهُ
ولكيْ يغيبَ تُدَبّجُ الحِيَلُ
وعيونُ " مصعب " وهي ترمقه
شزَراً وحبلُ الضَّحك مُتصلُ
ونسيبةٌ " في المكْر واحدةٌ.
ما للصّغارِ بمكْرها قِبَلُ
إمّا أتوني في مُظاهـــــــرةٍ
يشكونَ أزْجرُها فتمتثِلُ
وسُكينةٌ " في رُكن حُجْرتـِها
بكتابها تخْلو وتنْعَزِلُ
تبغى قِطـافَ العِـلْمِ لا رَهَـقٌ
أزْرى بهمّتِها ولا كَسَلُ
" وسميّةٌ " يا دارُ خِفَّتها
أينَ اخْفت والجدُّ والعملُ ؟
لعيونها الدُّنيا مُزخْرَفةٌ
ولمبْغِضيها الدَّاءُ والعِلَلُ

وواصل الشاعر ابو هلالة قرض الشعر، فعُرف شاعرا في مدينته، ثم كان في تطوعه للجهاد في فلسطين أن أتاح له فرصة التواصل مع قيادات العمل العربي والعاملين في هذا الميدان، فكانت أشعاره محل تقدير الكثير ممن عمل معهم فهي أشعار مثلت محنة الشاعر مع رفاق الدرب، وليست مجرد ترف فكري أو فيض مشاعر نازفة .
وكان سفره إلى الجزيرة العربية لمواصلة الدراسة أتاح له اللقاء بنخبة من الشعراء والنقاد الذين أثنوا على جزالة شعره وجمال أدبياته، وأتاح له التواصل مع شعراء الخليج العربي، فكانت لشهرته في الوسط العربي ان تغنى المنشدون بإنشاد مقطوعات من قصائده سيما الحماسية من طيف شاعريته .
هناك في عمله بعيدا عن اهله وعائلته تدرج في مجال التعليم الأكاديمي، حتى حصل على درجة أستاذ مشارك عام \1991، وقد عمل أستاذا مساعدا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض في كلية أصول الدين تسع سنوات من عام \ 1983 وحتى \1992 ثم عمل أستاذا مشاركا بقسم الدعوة والإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض من عام\ 1992 وحتىى \ 1994 . ثم انتقل الى قطر في الامارات العربية المتحدة فكان أستاذا مساعدا بكلية الشريعة بجامعة قطر من عام \1995 وحتى\ 1998.
عاد الى مدينته ( معان ) في الاردن بعد طول اغتراب ليقول فيها :
معانُ العُلا كَمْ في هَواكِ أُعاني؟
بُعادُكِ أدْمَى مُهْجَتي وبَراني
ذَرعْتُ قُرى الدُّنيا رياضاً مُنِيفَةً
وجنَّاتِ حُسنٍ باهرٍ ومَغانِ
فَلمْ تَلْتَفِتْ إلاَّ إليكِ نَواظِري
ولم يتعلَّقْ في سواكِ جِناني

اشتغل الشاعر يوسف محاضرا متفرغا في جامعة مؤتة - فرع معان ثم أستاذا مشاركا من سنة \ 1998 وحتى سنة \2000.ثم عمل أستاذا مشاركا وعميدا لكلية العلوم التربوية في جامعة الحسين بن طلال بمدينة معان من سنة \2000 الى سنة\ 2003
الشاعر أبوهلالة هو :
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية،
عضو مجلس أمناء جامعة الإسراء الأهلية بالعاصمة عمَّان
عضو لجنة دراسات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في محافظة معان المنبثقة عن وزارة التخطيط الاردنية .

شارك في كثير من المحافل الأدبية والأمسيات الشعرية في المدينة المنورة والرياض وقطر والأردن، منها:
* الأسبوع الثقافي الذي أقامته جامعة الملك عبدالعزيز عام (1974م)، *مهرجان الجنادرية لعام (1993م)،
*مهرجان مؤتة الذي أقامته النقابات المهنية عامي (1999-2001م

نشر الكثيرمن المقالات والقصائد في مجلة (الفيصل)، و(الدعوة السعودية)، و(المجتمع الكويتية)، و(الشرق القطرية)، وغيرها
دواوين أبي هلالة الشعرية خفقة قلب فيها تضرع الى الله تعالى بالثبات على الدين والشرع ودعوة للاستزادة من معين القرآن الكريم والسنة، وليصف حالة مآسي المسلمين ويُشخّص جراحات الامة العربية والاسلامية ويطرح بلسم علاجها، ووميض حنان دافئ يطوّق به الأهل والأصحاب، ليرسم لها النصر والفوز . يقول :
المؤمنون هم الذين بربهــم يستعصمونْ
وهم الذين إذا طمى سيل الردى لا يرهبونْ
وعلى شبا عزماتهم كيد العـدا العاتي يهونْ
وبخير زاد للذي ذرأ الخــلائق يركضونْ
لا ينحنون لغاشم ـ ولمجرم لا يركعــونْ
صرخاتهم لحن الخلود ترن في سمع القرونْ
****
هم صيحة البأس الشديد ووثبة المجد التليدْ

والنور في غسق الدجى والنار تلتهم القيودْ
الهـــاتفون بأننا لا نرتضي حكم القرودْ
وإذا الثعالب أخنست وثبوا كما تثب الأسودْ
فحياتهم عطـر الحياة يفيض بالأمل الوطيدْ
ومآبهم إما قضـــوا دار المقامة والخلودْ
****
إِنِّي لأَشهدُ أَنَّهم من كــلِ بَتَّـــــارٍ أَحَدُّ

يا طالما خاضوا الصعاب وطالما صالوا وشدوا
لم يثن عزمتهـم بـــلاءٌ مطبق وأذى وصدُّ
حملوا مشــاعل دينهم والدين تضحيـة وجهدُ
ومضـوا يخوضــون المنايا كلهـم عزم وجدُّ
********
في كل معترك لهم هـــول موج البحر هادرْ
هزأوا بكل شديدة وفؤادهم بالذكـــــر عامرْ
يتراكضون إلى المصارع مثلما تعدو الضـوامرْ
والطفــل يولــد ثــائراً فيهم ويلقى الله ثائرْ
وأكفهم كم كبلت دون الأسنــة والبــــواترْ؟
لو لم تغــل لأورثت مجـــد الأوائل للأواخرْ
اصدر الشاعر ابو هلالة عدة دواوين شعرية منها :
1- قراءة في معركة أحد
2- دموع الوفاء
3- اللهب المقدس
4 - الوعد الحق
5 - خطوط على الرمال
6 - الزلزلة
7 - قصائد في زمن القهر
8- الوان

والشاعر يصف شعره في عدة ابيات فيقول:
شِعْري الذي نزّهته عن أنْ يُرى
في سوقِ من كسدوا بضاعة تاجرِ

أنغامهُ ما استيقظتْ إلاَّ على.
أصداء ِ ملحمةٍ وعزف بواترِ

يجتازُ آفاقَ الوجودِ مُردداً
بأعز لحْنٍ في المسامعِ سائر

آليتُ عمْري أنْ يُحلّقَ صادِحاً
إلاَّ لدى القِمَمِ المنيفةِ طائِري

اما انتاجه الثقافي فقد اصدر عدة كتب منها :
1- الشعر والدعوة في عصر النبي عليه السلام
2-الاستعانة بغير المسلمين في دعوة سيد المرسلين
3-تعامل المسلمين مع غيرهم في مجتمع الدعوة حق التأليف في الدعوة الإسلامية
5- فن الخطابة
6- الإعلام في ديار الإسلام بداية ورسالة
7- الإعلام الغربي المعاصر وأثره في الأمة الإسلامية
8- الإعلام اليهودي المعاصر وأثره في الأمة الإسلامية
9- الإعلام المعاصر وأثره في الدعوة الإسلامية
10- الإعلام-نشأته-أساليبه-وسائله-مايؤثر فيه - رسالة دكتوراه

يقول الأستاذ أحمد الجدع فيه :
(معرفة الشاعر الغزيرة بالشعر العربي في عصوره المختلفة ومدارسه المتعددة، وحفظه لعدد كبير من قصائده مكنه من استخدام التضمين استخداما سهلا وموفقا، فهو قد ضمن قصائده عددا من أبيات جاءت في مكانها من غير تكلف ولا تعسف، ودلت فيما دلت عليه على ذوق رفيع في الانتقاء، وعلى مهارة عجيبة في التمكن من وضعها في سياقها المناسب)

ويقول الاستاذ يوسف العظم فيه :
(ويبرز تمرد الشاعر يوسف ابو هلالة على الواقع المؤلم لأمتنا وعدم مجاملته للمواقف التوفيقية التي يلجأ لها بعض الشعراء ويرتاح لها البعض أصحاب القرار والمنتفعين في السلطة هنا وهناك مما أدى إلى بروز لون من الشعر المتميز الذي يحمل طابع الهجاء السياسي العنيف بعيدا عن الهجاء الفردي أو الاجتماعي الذي يتناول سلوك الأفراد أو تصرفاته الحياتية فإنه لا يجامل ولا يرحم ولا يلين ولو كلفه ذلك لقمة العيش وهدأة الجسد وراحة البال لأن ذلك كله يهون أمام راحة النفس ورضوان يسعى إليه عند رب العالمين )

الشاعر ابو هلالة يتميزبعمق الإخلاص ومتانة الولاء للفكر الإسلامي، وشدة النزعة الإسلامية وتاثره بما يحدث بالبلاد الاسلامية ككل بأفراحها وأتراحها، ويتجاوب مع بروقها ورعودها متفاعلا معها.
يتسم شعره بالمتانة و بروائع التراكيب اللغوية والصور الشعرية والمعاني لتجري على لسانه ألفاظا جزلة دون تقعر في القول أو توحش في اللفظ مما يؤكد تمكنه من اللغة ومقدرته على حسن انتقاء الألفاظ في سهولة ويسر بدون تكلف أوتصنع فالشاعر ضليع بالعربية لا يخشى عليه عثار الفقر اللغوي.. وقد اختار أجمل قوافي الشعر عند العرب. فهو يمثل في شعره النبض الإنساني الواعي من أدب وأخلاق وقيم ومبادئ أمتنا العربية المجيدة وقيم الاسلام الحنيف المعتدل .
واختم بحثي بهذه القصيدة ( اسد الجزيرة ) وهي رائعة من روائع الشاعرالاردني يوسف ابو هلالة فيقول :
أَرِقْتُ وَعَادَني هَمٌّ وَسُهْدُ
تَكِرُّ عَلَيَّ خَيْلُهُمَا وَ تَعْدو

هِيَ الدُّنيا .. بهَا إنْ فُلَّ حَدٌّ
بِسَاح الغَدْرِ يَعْقُبُهُ الأحَدُّ

زَمَانُ القهْرِ عَلَّمَنَا دُروسَاً
بِهَا يُجْلَى لبَاغِي الرُّشدِ قَصْدُ

بأنَّ حِمَى الهُدَى إنْ غادَرَتْهُ
خيولُ الفَتْح والْفُرسَانُ .. لَحْدُ

وأَنَّ الدّين لَيْسَ لَهُ مَكانٌ
إِذا خَانتْهُ حُرّاسٌ وَ جُنْدُ

وكُلُّ النّاسِ أشْبَاهٌ وَلكِنْ
يُميّزُ بَيْنَها بَذْلٌ وَجُهْدُ

وَمَا بِسوى الجِهَادِ يَعِزُّ رُكْنٌ
وَتُرْتجعُ الحقوقُ وتُسْتَردُّ

بَلَوْتُ النَّاسَ أَجْناساً ونَهْجاً
وَمَا كَتَموهُ مِنْ فِعْلٍ وأَبْدوا

فَلَمْ يَعْظُمْ بعَيْني مِثلُ حُرٍّ
يُهَانُ بهِ الظلومُ المسْتَبدُّ

وَمِنّي مَا شَدا إِلاّ لشَهْمٍ
يُجاهِدُ مُخْلِصاً شُكْرٌ وَحَمْدُ

"أُسَامَةُ" والمفاخِرُ ضَابحَاتٌ
تَوالتْ لَيْسَ يُحْصيهنَّ عَدُّ

تَجودُ لِذكْركُمْ بالدّمْعِ عَيْنٌ
ويدْمَى يَا حَبيبَ الرّوح خَدُّ

لَئِنْ كَثرتْ عَلى الدُّنيا عِظامٌ
فإنَّكَ في حِماهَا الْيوْمَ فرْدُ

تَعوّدتَ اغتيالَ اليأْس فينا
تَسيرُ بنا لِكُلّ عُلاً وتَغْدو

أَتيتَْ تُطِلُّ مِنْ مُقَلِ الضّحايا
ودونَ الثّأْرِ لَمْ يَغْلُلْكَ قيْدُ

ولا "ليلى" بِكَ اسْتَشرى هَواها
ولا بكَ أبْحَرتْ في الحُبِّ "دَعْدُ"

مَضاؤكَ في يَدِ الأقْدارِ سَيْفٌ
ونهْجُكَ في يَدِ الإسْلام بَنْدُ

أَيَا أسَدَ الجزيرة .. في حِمَاها
تَمادَى الجُوعُ والكرْبُ الألدُّ

وَمنْ صَحْرائها البترولُ تنمو
بهِ في الغرْبِ جَنّاتٌ وخُلْدُ

وهَلْ تُرْجَى لنجدتها طُغاةٌ
أعَزُّ رؤوسِها للخصْم عَبْدُ ؟

لَهَا مِمّا تُسَرُّ بهِ الأعَادي
ولاءاتٌ لَهَا في الشّركِ بُعْدُ

كأنّ الكُفْرَ سيّدُها المفدّى
وليْسَ لَهَا بدين اللهِ عَهْدُ

تَحفُّ بها شيوخٌ مُسْرَجَاتٌ
لِكُلّ مُضَلّلٍ بهواهُ تشْدو

تُمَنّي كُلَّ ذِي زَيْغٍ بوصْلٍ
كذاكَ الحُبّ أَرْخصُهُ الأشدّ

رجالُكَ يَوْمَ زَمْجَرت الرّزايا
عليها باقْتحام الموْتِ رَدّوا

وَحَشْوُ نفوسِهمْ كِبْرٌ أشمٌّ
وَمِلءُ صُدورِهمْ عَزْمٌ أشدُّ

عَلَى السّاحَات مِنْ دَمِهمْ سيولٌ
وفوْقَ ذُرى الجبال الشُّمِّ وَقْدُ

وراياتُ الجهاد "بتورا بورا"
بِهَا انْتفَضَتْ غطارفةٌ وأُسْدُ

مِن القوْم الأُلَى صَدَقوا
ولَبّوا وَجدَّ بهمْ إلى الغَاياتِ قصْدُ

فَلاَ مِنْ جَمْعِهمْ عَطَلتْ دِيارٌ
ولا جَافَى مَساعي الصِّيدِ سَعْدُ

جهَاداً يا أحبّتنا جِهَاداً
فما دون امْتطاءِ الهَوْلِ بُدُّ

أعيدوا سِيرةَ العُظماءِ فِينا
فأنتمْ لِلْعُلا والمجْدِ نِدُّ

وَمَنْ يُرْدي المُغيرَ إذا تمادَى
إِذا لَمْ توردوه رَدَىً وتُردوا ؟

وهَلْ يُبنى بغيرِ الفَدْيِ مَجْدٌ ؟
وَهَلْ يُحمى بغيرِ الْبِيضِ حَدُّ ؟

لَحَاهَا اللهُ أشْراراً تَنَاءَى
بها عَنْ سَاحة الإيمان طَرْدُ

شراذمة التّحالُفِ مِنْ هَوانٍ
لِقعْرِ الخيبةِ العُظمَى تردّوا

يقودون الغُزاةَ لِيَحْرسُوهمْ
وعَيْشُ الذُّل خيْرٌ مِنْهُ وأدُ

"لأبْرَهَة" انْتخوْا" كأبي رُغَالٍ
"لِهَدْم "البيْتِ" يُرْشِدُهُ ويَحْدو

أقولُ وَلا أصَدّقُ ما أراهُ
أَهَزْلٌ ذاكَ ؟ أمْ ياقومُ جَدُّ؟

إذا سَمّوا هَوانَ السَّعْيِ رُشْدَاً
فدربُ الغيّ شرٌّ منهُ رشْدُ

فلا لمَعَتْ لِعِزَّتِهمْ بُروقٌ
ولا دَوّى لَهُمْ بالغيثِ رَعْدُ

قذائِفُهمْ يُهينُ مُسَدّديها
صَفاً مِنْ عَزْمَةِ الأبرار صَلْدُ

سَيُجلَى الأمْرُ والأوطانُ تدري
مَنِ الأوفى لَهَا وَمَن الألدُّ ؟

وَهَلْ يَحْلو عَلَى ضَعْف صَلاحٌ؟
وهَلْ يُرجى مِن الرّمضاءِ بَرْدُ؟

هَبْ انتصروا... فما كُلُّ انتصار
بهِ يَرْضَى أبٌ ويُسَرُّ جدُّ

صُنوفُ النّصْرِ مِثلُ النّاسِ شتّى
هَزيلٌ بعْضُها والبَعْضُ وَغْدُ

لَئِنْ حَلّتْ بأمريكا الدّواهي
وَدَكّ بروجَها هَدْمٌ وَهَدُّ

فكُلُّ الأرْضِ قدْ عاشتْ عُقودا
تروحُ على زلازلِها وتغْدو

وَكَمْ نارٍ بصدْر الكونِ شَبّتْ
لَهَا مِنْ كَفّها الحمراءِ وَ قْدُ

لَهَا رقصَتْ فلمّا لامَسَتْها
مَضتْ بعداوةِ الإرهابِ تشْدو

وتُعْلِنُها على الإسلام حَرْباً
لها باسْم الصّليبِ قُوىً وحَشْدُ

هوَ الإرهابُ سُمٌّ مِنْ سِواها
وَمِنْها إنْ أتَى عَسَلٌ وشَهْدُ

أَلا يا "بوشُ" راعتْكَ البَلايَا
وضَمَّ شرورَكَ الحْمقَاءَ لَحْدُ

وَعَادَ الشّعبُُ طَوْعَ يَديْكَ يجْري
وَخَانتْ دينَها "يَمَنٌ" "ونَجْدُ"

وَجُهْدَ الغافلين بهِ تناهى
لِدَعْم الغَزْوِ "برويزٌ" و"فهْدُ"

وَلَمْ تنهضْ لَدَى الجُلّى قريشٌ
ولا انتفضتْ مِن البَلْوَى مَعَدُّ

وَلَمْ يوضعْ بأطراف المواضي
لِلَجْم غُروركَ المجْنونِ حَدُّ

فَخُذْها أيُّها الشّيطانُ واسْمَعْ
كَلاماً لَمْ يَشُبْ صَافيهِ نَقْدُ

بأنَّ الأرضَ في قدميكَ لَيْسَتْ
حِذاءً حِينَ تُتْلِفُهُ يَجــــــدُّ

عُيونَكَ مَسّها حَوَلٌ شَنيعٌ
وَمَا دَاءٌ .. وَلكِنْ ذاكَ عَمْدُ

تَرى "شَارون" في المرْعَى خروفاً
جَميعُ سُلوكِهِ عُشْبٌ وَورْدُ

وَطِفْلَ القُدْسِ تحْتَ النّار ذئباً
يَصولُ على براءتِهِ ويَعْدو

وتهْديمَ البيوتِ عَلَى ذويها
صَنيعاً حَقُّهُ شُكْرٌ وحَمْدُ

وأنَّ شرورَ أهْلِ الغربِ خيرٌ
وأنّ جُنونَ "إسرائيل" رُشْدُ

وأنّ حَياتنا إذْ مّا تناءَى
بِنا عَنْ مَنْهج الغَازين بُعْدُ

ظلامٌ دامسٌ وعمىً شديدٌ
وإرهابٌ وإجرامٌ وَحِقْدُ

دَمُ الأسْرى على كفّيكَ مَهْمَا
تحاولُ سَتْرَهُ بالزيف يَبْدو

وسَحْقُ جَماجم الأطفال عَمْداً
وما عَلِموا بغدْركَ واسْتعدوا

وتَزْعم أنّكَ الأسْمى سُلوكاً
خَسِئْتَ فأنْت للإجرام جَدُّ

فأيْنَ تَفِرُّ مِنْ قَدَرٍ مُحِيقٍ
نَوازلُهُ حِدَادُ النّابِ رُبْدُ ؟

لأَمْرِ النّاس إنْ عَزَموا مَرَدٌ
وأمْرُ اللهِ لَيْسَ لَهُ مَرَدّ

بِمَكْرِكَ شُقَّ للإرهابِ نَاب ٌ
لِشَرّ الفَتْكِ مَسْنونٌ مُحَدُّ

لَهُ مِنْكَ الرّعايةُ في خَفَاءٍ
وَمِنْ فَضلاتِ مَا تجبيهِ رِفْدُ

فَلاَ تعجَبْ إِذَا مَا قَامَ جَهْراً
لَكَ الصّاعاتِ بالأَوفى يَردُّ
.
اميرالببيــــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق - ديالى - بلـــــد روز

*********************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق