بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 11 يناير 2019

مجلة صدى بغداد العدد الأول لسنة 2019 أدباء منسيون من بلادي/ الجزء الثالث الحلقة الثالثة / الشاعر علي البازي تقديم / علاء الأديب



مجلة صدى بغداد

العدد الأول لسنة 2019

أدباء منسيون من بلادي/  الجزء الثالث

الحلقة الثالثة / الشاعر علي البازي

تقديم / علاء الأديب






التقديم :
............
من الملفت للنظر في شخصية الشيخ علي البازي الطرافة وخفّة الظل التي كان يتسم بها وفق ماتحدثت لنا عنه أغلب من كتبوا عن سيرته بالرغم من كونه خطيب للمنبر الحسيني .إضافة لما اتصفت بها تلك الشخصيّة من صلابة في المواقف الوطنيّة وشجاعة كبيرة في مقارعة ظلم الاحتلال وبطشه وخير دليل على ذلك مساهمته الفاعلة أيم شبابه في ثورة العشرين واتي خلّدها تأريخيا بملحمة شعرية كبرى باللهجة العراقية العاميّة التي تعمّد أن تكون بلهجة عامة لتكون مؤثرة في الجميع دون استثناء وعلى الرغم من كونه شاعر فصيح متمكن من أدواته وبارع في هذا المجال.
ومن الجدير بالذكر بأن البازي رحمه الله لم يكن شخصيّة وطنيّة فحسب بل شخصيّة قوميّة مهتمة بقضايا الأمة على رأسها فلسطين قضية العرب الكبرى . فقد كان من المنادين والمطالبين بتحريرها وإعادتها إلى اهلها وهذا ما عبرت عنه الكثير من قصائده التي كان يهزج بها على المنابر وتحتفظ بها دواوينه الى هذا اليوم.
رحم الله الشاعر الشيخ علي البازي وأحسن مثواه.
علاء الأديب


الأسم والولادة :
....................
هو علي بن حسين بن جاسم بن إبراهيم بن محمد بن نصيف بن خليل بن جاسم بن سلطان بن علي الخفاجي المعروف بالبازي (اذ هو لقب لجده الاعلى) . ولد في النجف شوال 1350 هـ/ ديسمبر 1904 م ونشأ بها.


دراسته :
...........
تعلم الكتابة والقراءة في الكتاتيب ودرس النحو والصرف وقسما من علم المنطق وتتلمذ على مجاس آل القزويني في قضاء الهندية يوم كانت هذه الاندية تغني عن مدرسة وتدرج على الخطابة الحسينية واشتهر بها .


البازي شخصيّة وطنيّة
...........................
يعدّ البازي شخصية وطنية واكبت الحكم الوطني والثورة العراقية من بدايتها فقد رصد احداثها وأرخها بالشعر الفصيح ، وكان حديثه حديثا لذيذا لا تفوته النكتة والظرافة ويكاد جليسه ينسى نفسه لخفة روح الشيخ البازي وعذوبة حديثه وشارك في الحلبات الادبية وساجل الادباء والشعراء فكان له القدح المعلى ، وقد قضى شطرا من عمره يسكن ( الكوفة ) وكان لسانها المدافع عن حقوقها في كل المواقف وممثلها في أكثر المناسبات . عمل فيها بإدارة محل للصياغة (أربع سنوات) ، ثم انصرف إلى ممارسة الأدب الشعبي واتصل بأعلامه، فبرز شاعرًا بالعامية والفصحى، وصار خطيبًا بارزًا. له مواقفه الوطنية في ثورة العشرين، وله مواقفه الإصلاحية لصالح مدينة الكوفة. من مؤلفاته وسيلة الدراين وأدب التاريخ وديوان شعره بالعامية والفصحى.


البازي بين الفصحى والعاميّة :
........................................
من أشهر آثاره ديوان شعره ، ادب التاريخ هو وثيقة تاريخية تشير الى أكثر الحوادث العراقية وقد نشر الكثير منه في مجلة ( البيان ) النجفية كما انه يجيد النظم باللغة الدارجة فقد نشر جزئين في رثاء اهل البيت عليهم‌السلام من منظومة تحت عنوان ( وسيلة الدارين ) ومن أشهر شعره الفصيح ملحمته ملحمة الثورة العراقية الكبرى فقد استعرض مبادئ الثورة وأسرارها وذكر ابطالها ورجالها والمواقع التي التحم فيها القتال وبسالة الفرات الاوسط ومواقفه المدهشة ، وأولها :
قف بالرميثة واسأل ما جرى فيها
غداة ثارت بشوال ضواريها .


ويقول في قصيدة يصف بها معركة الطّف :
.................................................
الحق في كربلا والباطل اصطدما
كل يحاول أن يحظى بما رسما
يا غربة الحق اما عز ناصره
على مناوئه ان جار أو ظلما
ولا محام به تسمو حفيظته
يحمي حماه ويوليه يدا وفما
بمن وفيمن تراه يستغيث سوى
الصيد الاباة فهم للخائفين حمى
هم أظهروه على الطغيان حين طغى
وركزوا باسمه فوق السهى علما
هم الغياث اذا ما أزمة أزمت
أو عم جدب وبحر النائبات طمى
وجاهدوا دونه بالطف حين رأوا
وجودهم بعده بين الملا عدما
نفسى الفداء لمن ضحى باسرته
والصحب دون الهدى في قادة كرما
لله فردا أعز الدين صارمه
وقد أذل طغاة تعبد الصنما
وأحدقوا فيه والطفل الرضيع قضى
في حجره مذ له سهم العدى فطما
وفوجئ العالم العلوي في جلل
ابكى السماوات والاملاك والقلما
ويوم نادى حسين وهو منجدل
هيا اقصدوني بنفسي واتركوا الحرما
أبكى السماء دما لما قضى عطشا
لما قضى عطشا أبكى السماء دما
والفاطميات فرت من مخيمها
في يوم صاح ابن سعد احرقوا الخيما .


البازي بين باقر القزويني وعبد الأمير الفلوجي :
..........................................................
قرأ مقدماته علی باقر القزويني وعبد الأمير الفلوجي. برع في نظم الشعر وأجاد فيه وصار من أعلامه.اتصل بشيخ الخزاعل سلمان الظاهر، ثم اتصل بمحسن العذاري في المشخاب، بعدها واصل عمله بالخطابة في منطقة الهارثة بمدينة البصرة.
ومن أشهر شعره الفصيح ملحمته في الثورة العراقية الكبرى «فقد استعرض مبادئ الثورة وأسرارها وذكر ابطالها ورجالها والمواقع التي التحم فيها القتال وبسالة الفرات الاوسط ومواقفه المدهش .


الهجرة إلى طويريج :
.............................
هاجر مع والده إلى طويريج فسكن فيها ردحا من الزمن عاد بعدها إلى الكوفة عام 1322، فأخذ يعمل. ترك بعدها العمل وانصرف إلى مزاولة الأدب الشعبي وكان يمارس أثناء ذلك الخطابة على المنبر الحسيني الشريف. وكان يتردد على إخوانه في البصرة للخطابة .


قال في النجف :
.......................
إن رمت تعرف ما النجف * فسل الخبير ولا تخف
بلد تضمن من بني * الدنيا الجواهر لا الصدف
كالأنبياء المرسلين * ومن زكت بهم النطف
من ذي الفضائل والنهى * وأولي الحصافة والظرف
كل على حب الولا * ولحيدر الطهر انجرف
بلد لدين محمد * بنيت به غرر الغرف
وعلى التقى تأسيسه * وبأهله المجد اكتنف
وبه ثوى ليث الشرى * ومنار أعلام الشرف
نص الغدير به أتى * والنص يثبته السلف
إن النبي محمدا * فيه ( بخم ) قد هتف
هذا علي خليفتي * بعدي لكم نعم الخلف
بدر الهداية والفصاحة * ما سواه بها اتصف
نهج البلاغة آية * منها المعارف تقتطف
من ذا على عهد الرسول * لحصن خيبر قد نسف
وعلى ابن ود من قضى * وببدر من للحرب خف
وبأحد في لهواتها * من ذا بمهجته قذف
بالفتح من حمل اللوا * وعليه دون القوم رف
من عف عن عمرو كما * عن بسر في الهيجاء عف
غير الوصي ومن له * أسنى مدائحنا تزف
وضريحه هو كعبة * أخرى لمن فيه اعتكف
بطل الشهامة حيدر * غوث الصريخ إذا هتف


إنتاجه الشعري
.....................
- له ديوان في التواريخ الشعرية (نشر معظمه في مجلة «البيان» النجفية، ونشر قدر كبير منه في كتاب «شعراء الغري» وما سوى ذلك لم يجمع ولم ينشر)، وله قصائد نشرت في كتاب «شعراء الكوفة الشعبيين»، وقصائد نشرت في دوريات عصره: مجلات «البيان - الغري - الهاتف - الشعاع النجفية»، جريدة «الزمان» البغدادية، مجلة «العرفان» اللبنانية.


أعماله الأخرى
........................
.- له «وسيلة الدارين» - النجف 1339هـ/ 1920م
التأريخ هدف كل فكرة عند البازي :
...........................................
شاعر تقليدي، استثمر قدرته على النظم في التاريخ فعرف به، تشكل قصائده سجلاً للحياة في عصره، مضفرِّاً بين أغراض الشعر والتأريخ مما يجعل التأريخ هدفًا تصل إليه كل قصيدة، يذكر الخاقاني أنه أشار عليه بجمع تواريخه في كتاب قسمه إلى سبعة أنواع: المواليد - الثورات - الحوادث - العمران - التهاني - التقاريظ - السياسات - الوفيات، ووصفه بقوله: كتابه هذا لو قدر أن يخرج إلى عالم الطبع لكان خير سجل تاريخي أدبي .
تقديرًا لدوره الإصلاحي، أطلق اسمه على أحد ميادين الكوفة .


البازي وفلسطين :
......................
لم ينس الشيخ علي البازي كذلك هموم شعبه في فلسطين فقد كتب وخطب وانشد الشعر وندد بالمستعمر الغاصب حتى تحرير كامل التراب ومقدساتنا العربية والاسلامية في فلسطين من اعداء الامة من الصهاينة ومن يقف ورائهم من الامريكان والانكليز . اضافة الى قصائد كثيرة في دواوينه المطبوعة والمخطوطة وهما خير شاهد على ذلك .


البازي عضو في الحزب الوطني :
........................................
كان الراحل البازي عضوا فعالا في الحزب الوطني الذي كان يتزعمه جعفر ابو التمن اذ لعب دورا مهما بتثقف الجماهير في النجف والكوفة من خلال الخطابة المستمرة . ومطالبته بتحسين الاوضاع المعاشية والاجتماعية والاقتصادية واعمار المدن في العهود المبادة من خلال المنبر .


الإرث العظيم :
.................
ترك لنا وراءه بعد رحيله اعمالا رائعة وخالدة زخرت بها الساحة الثقافية ولاتزال تذكر من جيل الى جيل منها : ديوان شعري اسماه (البازيات ) ب 620 صفحة .وديوان (وسيلة الدارين ) شعر شعبي بجزئين .وادب التاريخ ب4 اجزاء وتسلية الواله ، جمع فيه ما نشر في الصحف والمجلات .وديوان شعر شعبي عراقي مخطوط تحت اليد .


من قصائده :
.................
أبدر الهدى
في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم
.................................................
أبـدرُ الهدى أم وجهُه قـد تَشعْشَعـــــــــا
وكـانـت له أبراجُ مكةَ مطلعــــــــــــا؟
كـسـا الأرضَ ضـوءًا وابتهــــــاجًا ورونقًا
وعَرْفُ شذاهـا فـي فَضـاهـا تَضـوَّعـــــــــا
بـدا وبـه شمسُ الـحقـيـقة أشـــــــــرقتْ
وغَيْهَبُ غَيِّ الـمشـركـيـن تَقشَّعــــــــــــا
تجلَّى بإكلـيل الـمـلـيك متـــــــــــوَّجًا
وإكلـيلُه بـالنصر كـان مــــــــــــرصَّعًا
هـو الرحـمة العـظـمـى إلى الخَلْق أُرسلــتْ
يفـوز بـمـا يرجـو بـه مَنْ تذرَّعـــــــــا
إلى الثَّقـلـيـن الإنسِ والجنِّ قــــــد أتى
يبـلِّغ أحكـام الـمهَيـمِنِ أجـمعــــــــــا
براه تعـالى الله مـن خِيرةِ الــــــــورى
له وارتضـاه شـافعًا ومشفَّعــــــــــــــا
نـبـيٌّ رقى أوْجَ السمــــــــــاواتِ وارتقى
إلى رتبةٍ كـانـت أجلَّ وأرفعـــــــــــــا
نـبـيٌّ عـلـيـه سلَّمَ الـوحش طـــــــــائعًا
وذلك أجلى مُعجزٍ للــــــــــــــــذي وعى
وبـالشجـر الـبـالـي استظلَّ ظهــــــــيرةً
فأورق تكريـمًا له ثـم أيـنعــــــــــــا
وأُسـري للـبـيـت القصـيِّ بشخـــــــــــصِه
مـن الـبـيـت لـيلاً بـالجلال مُشـيَّعـــــا
يبشِّرُ بـالـتـوحـيـد والـوحدةِ الـتــــــي
لهـا انقـادتِ الأعـراب والعُجْمُ خُضَّعــــــا
بـيُمـنـاه تقـديسًا لقـد سبَّحَ الـــــــحصى
وبـدرُ السمـاء انشقَّ لـمـا له دعــــــــا
تغـيَّبُه فـي الغار عـن أعـيـــــــن الهدى
بـه نَطَقَ الفرْقـانُ كـيف تـمـنَّعــــــــــا
تظلِّلُه أنَّى يكـون غمــــــــــــــــــامةٌ
وتُقـلع حـيث الركب سـار وأقـلعـــــــــا
بخـاتـمهـا الرسْلُ الـمـيـامـيـــــنُ بشَّرَتْ
وإذ ذاك نـورٌ كـان فـي الغـيب مُودَعـــــا
فلاسفةُ الكهّان بـاتت تهــــــــــــــابُه
وإيـوانُ كـسـرى مـنه رعبًا تصدَّعـــــــــا
وقـد سقطتْ مـن شـاهقٍ شُرُفـــــــــــــاته
وأحسبـهـا خمسًا وخمسًا وأربعــــــــــــا
كـمـا خمدَتْ نـار الـمـجـوس بفــــــــارسٍ
ولـم يُبقِ فـيـهـا للـتعبُّد مطمعـــــــــا
بـيـومٍ بـه غاضتْ بحـيرةُ ســــــــــــاوةٍ
وغُيِّضَ مـا مـنهـا قـديـمًا تفرَّعــــــــــا
وفـاض بـه وادي «السمـاوة» مــــــــنذرًا
بـمـيلادِه مَنْ للضلال تطـوَّعـــــــــــــا
كرامـاته حـاز الـتـواتـر حدّهــــــــــا
فهـا هـي تحكـي الشهـب فـي الأرض طُلَّعـــا

في وصف أمير المؤمنين وقبّته :
......................................
وله من قصيدة يصف قبة الإمام علي ( عليه السلام ) وضريحه المقدس :
قف وسلم إن جئت وادي السلام * حيث نهج الهدى وداعي السلام
وابتهل خاضعا وكبر خشوعا * ثم أظهر حقيقة الإعظام
وإذا ما حللت في طور سيناء * وباب النجاة سر للأمام
واخلع النعل ثم بسمل وسرح * نحوه الطرف واختصر بالكلام
سترى منظرا عليا جليا * فيه ينجاب غيهب الأوهام
بابه باب حطة تستجير * الخلق فيه من الذنوب العظام
وترى مرقدا لهيكل قدس * وسط بيت مكلس من رخام
ثم أنعم بنظرة وتبين * وضع صندوق خاتم في جام
وضريح سامى الضراح مقاما * أحكمت صنعه يد العلام
قد حوى الفخر إذ تضمن جسما * زاكيا لا كسائر الأجسام
فوق ذاك الضريح قبة تبر * قد أقيمت من سالف الأعوام
نورها كهرب النفوس وهذا * هو سر انجذابها للوئام
كعبة الوافدين في كل آن * ومنار الضلال عند الظلام
وتشرف بلثم أعتاب بيت * فيه نص أتى لخير الأنام
ومتى زرته تجد سلسبيلا * سائغا يرتوي به كل ظامي
وحمى تحتمي به كل نفس * من دواهي الأرزاء والآلام
ملجأ الخائفين كهف منيع * وملاذ وموئل ومحامي
روضة القبر جنة الخلد فيها * أكل دائم وخير طعام


من قصائده بالعاميّة :
..............................
من ملحمة ثورة العشرين :
كرت اعيون الوطن بولاده
انفوس افدوله اوربح من فاده
كرت اعيون الوطن بشبوله
اموال بذلوله اوزلم ضحوله
حته لاايد اجنبية تنوله
والعبد يتحكم اعله الساده
**
حين ماشافت المستعمر يريد
يستغلها ابمدت اسلاك الحديد
وابنات الجو يذلها اوبالرعيد
يكفي غاياته اوينول مراده


وفاته:
...........
توفي الشاعر الشيخ علي البازي في الكوفة شهر شعبان 1387 هـ/ نوفمبر 1967 م ودفن في النجف .


المصادر :
..............
ويكبيديا الموسوعة الحرّة
مؤسسة السبطين العالمية
المكتبة الشيعيّة
مؤسسة البابطين
مكتبة أهل البيت
عين كاوة كوم


رحم الله الشاعر الشيخ علي البازي وأحسن مثواه
ونسأل الله تعالى أن نكون قد وفقنا بجمع وتقديم مايمكن أن يعيد للأذهان ذكر هذا العلم من الأعلام
وإلى لقاء آخر مع حلقة جديدة من مسلسل {أدباء منسيون من بلادي}
أستودعكم الله.
علاء الأديب
تونس / نابل
15-12-2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق