بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 23 فبراير 2016

العدد 3 لسنة 2016 .. شعراء منسيون من بلادي (كاظم الرويعي) .. بقلم : علاء الأديب





العدد 3 لسنة 2016

شعراء منسيون من بلادي (كاظم الرويعي)

بقلم  : علاء الأديب





كاظم الرويعي (أبو تمام)
المقدمة
........................
الشاعر العراقي الكبير كاظم الرويعي
عرفه العراقيون شاعرا للأغنية الشعبيّة العراقية حيث كتب اكثر من 400 اغنية لعدد كبير من المطربين العراقيين امتدادا من ستينات القرن الماضي وحتى وفاته في عام 2000.
وربّما لم يخطر ببال أحد منهم بأن الرويعي كان شاعرا للفصحى قبل أن ينصرف لكتابة الشعر الشعبي والتخصص بالأغنية.
فقد كتب الكثير من القصائد العمودية باللغة العربية الفصحى . وهذا ما دعاني للبحث والتقصّي عن شاعر عراقي كبير بدأ النسيان يدّب
لمورثه الكبير في الضمائر والوجدان والذاكرة .
سائلا الله سبحانه وتعالى التوفيق في إعادة شيء من الذاكرة للقراء عن هذا الموروث العظيم .
علاء الأديب
تونس
12-2-2016

*ولادته:
.................
ولد كاظم ناصر حسين الرويعي في محافظة بابل – ناحية المدحتية عام 1941..
أنهى دراسته الابتدائية، ثم دراسته الثانوية في المدحتية للبنين عام 1963،
ثم عمل على تثقيف نفسه بنفسه من خلال الاطلاع على الكتب الأدبية والشعر العالمي.
عمله:
عمل موظفًا في المؤسسة العامة للأدوية بمدينة سامراء - مكتب بغداد منذ عام 1964 حتى تقاعده في عام 1986
كان عضوًا في اتحاد المؤلفين والكتاب العراقيين.
وعضوبرابطة كتاب الأغنية في العرق.

*الإنتاج الشعري :
له ديوانان: «البيرغ» (البيرق) - مكتبة نعيم الشطري - بغداد 1968
و«الفجر وعيون أهلنا» - مكتبة نعيم الشطري - بغداد 1975
ما أتيح من شعره يدور حول الإشادة بالشهداء ممن بذلوا دماءهم في سبيل حرية أوطانهم،
نذكر له في ذلك قصيدته «محمد الدرة.. شاهد العصر» متخذًا منها مناسبة لفضح مكائد إسرائيل، وعدم رغبتها في السلام. يعالج هموم وطنه الأسير، وله شعر رمزي عن الحب معنى مجردًا. اتسمت لغته بالطواعية مع ميلها إلى المباشرة. كتب الشعر ملتزمًا الوزن والقافية، وكتب في شعر التفعيلة. يميل إلى التجديد واستخدام بنية السرد، مع وقوعه في بعض الهنات العروضية والنحوية.

*من قصائده بالفصحى
............................

رمال الحب
محمدُ الدَّرة.. شاهدُ العَصْرِ
هديل الحمام
الوطن الأسير

رمال الحب
...............

عـادت بُعـيـدَ الهجـر تشكـو حـالهـــــــا
بعـد الـذي عـانـته فـي تـرحـالهـــــــا
سفحت بقـايـا الـدمع فـي وجنـاتهـــــــا
وتقطّعت كلـمـاتُهـا بسؤالهــــــــــــــا
فتصـفّحت عـيـنـاي سِفْرَ عـيـونهــــــــــا
ووقفتُ بـيـن حقـيـقتـي وخـيـالهــــــــا
أيـن ابتهـاج الـحسن سـرُّ كـمـالهــــــا؟
أبكـي لهـا أم أُغلق الـبـاب الــــــــذي
غَلَقتْ ولـم تفتحْ سـوى لجـمـالهــــــــــا
زمـنَ اللقـاء العفِّ والـحـبّ الـــــــــذي
أضنى السنـيـن مَشُوقةً لـوصـالهـــــــــا؟
مَنْ أنْتِ؟ هل أنْتِ الـحـبــــــــيبةُ أم أرى
قـدّام عـيـنـي مـن رؤًى وظلالِهـــــــــا؟
أخشى عـلـيك مـن العتـاب فـودِّعـــــــــي
ذكرى الغرام ومـا إلى تـمـثـالهــــــــا
ورَمَاكِ فـي عطش السـراب وحـيـــــــــــدةً
فحـلال وهـمِك قـائمٌ بحـلالهــــــــــــا
ندمًا عـلى ندمٍ أتـيـــــــــــــت وأدمعًا
حـرّى تؤبّن بـالـبكـا برجـالهـــــــــــا
ولطـالـمـا حذّرتُ مـن هـذا ومـــــــــــا
أصغـيـت لـي، حُصَّت يـدٌ بفعـالهــــــــــا
ضِيْعـي بصحـراءِ الـحـيـاة ضحـــــــــــيَّةً
قـد رمْتِ جنّتهـا بحقِّ رمـالهـــــــــــــا
ولـيشهدِ العـشّاق أنّي لـــــــــــــم أخنْ
إنّ الهـوى قـد جـاء مـن شلاّلهــــــــــا
محمدُ الدَّرة.. شاهدُ العَصْرِ
.......................................
أَصَحَوْتِ مـن خَدَرٍ ومـن إمهــــــــــــــالِ؟

ونَضَوْتِ ثـوبَ الـيأسِ والإِهْمـــــــــــــالِ
وَوَثقْتِ أن السِّلـــــــــــــــمَ محضُ خُرافةٍ
يـتسلّقُونَ بـهــــــــــــــا إلى الإخذال
أَعَلِمتِ أنّ كلامَهُمْ وعُهـودَهـــــــــــــــمْ
لا قـولُ حقٍّ لا عهـودُ رجــــــــــــــال؟
نَشؤوا عـلى حقـدٍ كأنَّ نســـــــــــــاءَهُمْ
درَّتْ لـبـانَ الـبُغضِ للأجـيــــــــــــال!
فَهُمُ يَرونَ الصُّبحَ لـيلَ قتــــــــــــــامَةٍ
وَهُمُ يرونَ القُبحَ وجهَ جَمـــــــــــــــال!
وَهُمُ يرونَ الـحـبَّ مِخلـبَ كـاســــــــــــرٍ
وَهُمُ يرونَ الـوردَ شـوكَ رمـــــــــــــال!
أصَحَوْتِ مـن خَدَرٍ ومـن إمهــــــــــــــالِ؟
وأصَخْتِ أُذنَ السْمعِ للأبطــــــــــــــــال
مَنْ بـالـحجـارةِ أيـقَظُوا هِمَمَ الـدُنــــــا
وَضَعُوا الجـواب الفصْل للـــــــــــــتسآل
قَلَبُوا مُعـادَلة القُوى بــــــــــــزنُودِهِمْ
لا بـالرصـاص الغادرِ الـمُنثـــــــــــال
يـا أرضُ يـا مهدَ النُبُوَّةِ والــــــــــتُقى
ومـنـارَةَ الإشعــــــــــــــاعِ والإِهلال
مِنْكِ استـنـارَ الـمُظلِمـونَ وآمـنــــــــوا
بـالـواحد الجَبّار والـمُتعــــــــــــالِي
أَصَحَوْتِ؟ إنّي واثقٌ مــــــــــــــــن صَحْوةٍ
لكِ تستحثُّ ذَوابـلَ الآمـــــــــــــــــال
فتزيحُ عـن أتبـاع أحـمدَ حـزْننــــــــــا
إنْ عـادَ أقصـانـا جَبـيـنـاً عــــــــــال
فَدَعِي السـيـوفَ نزفُّهـــــــــــــا مُزدانةً
بسـواعـدِ الآبـاءِ والأشبــــــــــــــال
حـيثُ الصهـايـنُ لـم يَعُوا إيـمـانَنــــــا
بـل يعـشقُونَ بَواعِثَ الأهــــــــــــــوال
ومحـمّدُ ابن الـدّرّ شـاهدُ عَصْرنـــــــــــا
لَهُ أنحنـي وبـهِ اختصْرتُ مَقـالـــــــــــي
هديل الحمام
.............................

بـهديلكِ هـاجت أشجـانــــــــــــــــــي
فذكرتُ فصـولَ الـمأســـــــــــــــــــاةِ
وأسلْتُ مدامعـيَ الـحـــــــــــــــــــرّى
فـيضًا بسفـوحِ الـوجنــــــــــــــــــات
مـا قـلـت بـمـن ضجـر الـدنـيــــــــــا
قـد جفّت فـيـهـا الـواحـــــــــــــــات
ظـمأ الإنسـان بـهـذا العصــــــــــــــ
ـرِ يفـوق جـمـيع الــــــــــــــــويلات
لا الـحـبُّ كـمـا كـان رحـيــــــــــــمًا
لا الزَّمـنُ رفـيـق السنـــــــــــــــوات
مـن يأتِ بعـشقٍ ثـانٍ لــــــــــــــــــي
لـم تعزفْ لـــــــــــــــــــــحنَهُ آلات
بـهديلك هـاجت أشجـانــــــــــــــــــي
أرْجَعتُ بصـوتـي النغمــــــــــــــــــات
أيروحُ العـمـرُ بـلا مَرســــــــــــــــى
وتُعـاد كذاك الرحـــــــــــــــــــلات؟
تعبًا ولـيـالـيَ عـاصــــــــــــــــــفةً
والـدربُ ثقـــــــــــــــــــيل النظرات
أحـمـامةُ هل يأتـي يــــــــــــــــــومٌ
وهديلك يَنسـى الآهـــــــــــــــــــات؟
لأحـبَّ أحـبّ بـــــــــــــــــــــلا جزعٍ
وأغنّي أسمـى الكلـمـــــــــــــــــــاتْ
الوطن الأسير
........................
وطني الأسيرْ
أراك في المرايا
أراك في الزوايا
في أعين الضحايا
وأينما أسير
وطني الأسيرْ
أراك حالمًا أراك واثقًا بالغد القريبْ
مهما يطول الليل لا بد من صباحْ
يُهدِّم السجون والمعاقلْ يحطِّم القيود والسلاسلْ
بأذرع الرجالْ فتورق الآمال
مزدانةً بالحبّ والحنّاءْ رافِلةً بالسعد والغناءْ
وتُفتحُ الأبوابُ للآتينْ المتعبين الغائبين
لتمّحي الدموعْ وتُشعل الشموعْ
ليصنعوا الإشراقْ إليك يا عراقْ

*كتابة الأغنية:
...................

**بدأ كتابة الأغنية في الستينات واصبح له رصيد غنائي يقارب اكثر من اربعمائة أغنية منها..
(على شط الفرات.. صير اشموع ..گلايد.. عادوا الغياب.. ضوه خدك.. ليلة ويوم.. سلامات.. ايگولون.. تواعدنه)
واغنيته الشهيرة والرائعة التي ما زالت تعيش في قلوب وأحاسيس الناس رغم التعتيم عليها التي تعبر بروعتها بصدقها ورونقها أنها طائر جميل يكره الأقفاص يعشق التنقل بين الخمائل فوق الأجواء ليبارك سواعد العمال ومطارقهم ومناجل الفلاحين الذين يبنون العراق الجديد التي أداها الفنان فؤاد سالم وهو في منفاه بعيداً عن الوطن الحبيب:
ياعشكنه
............................
فرحة الطير اليرد لعشوشه عصاري
يا عشگنه
ومن صوابيط العنب ونحوشه عصاري
گاعنه فضه وذهب واحنه شذرهه
وشحلات العمر لو ضاع بعمره
يا عشگنه... يا عشگنه

*الهجرة للمنفى
.....................
بعد أن فقد الكثير من المثقفين والشعراء التقدميين الحاسة التي تشعرنا بطعم الحرية هجس الشاعر الرويعي بأن الدماء والخراب والحصار والاضطهاد والرقيب الذي كان يرافقه طيلة 35 عاماً تحت ظل قسوة الانظمة الدكتاتورية في العالم على من يكتب من قصة ورواية وقصيدة وأغنية وما يرسم وينحت حتى غيب الكثير من المفكرين والأدباء أمثال المناضل صفاء الحافظ والمفكر عزيز السيد جاسم والروائي حسن مطلگ والصحفي ضرغام هاشم وغيرهم الكثير الكثير فلم يكن أمام الرويعي سوى اللجوء التراجيدي للمنافي ليتبع زملائه من قبله امثال ألشعراء سعد الشريفي وزهير الدجيلي ورياض النعماني وكريم عبد دحام واسماعيل محمد اسماعيل وكريم القزويني والقائمة تطول.. حتى انتهى به الأمر أن يهجر المدحتية والوطن نهائياً ليستقر في عمان.ورغم كل هذا ولم يعش بتهويمات فارغة فكان ملتصقاً كل الالتصاق بتربة هذا الوطن الذي عاش فيه معبراً عن حبه والتضحية من أجله لن ينسى الفرات ودجلة والعراق رغم وحشة الغربة القاتلة وجرحه الذي لا يندمل فأخذت قصائده تفيض بالعذوبة والعفوية والصدق:

وحگ ماي الفرات الما يرده السد
وحگ كل شمع يضوي.. أو كل غصن ورد
وحگ حسن العراق الحومر ابكل خد
لو ينطوني كل دنيه لبشر... بآمالها او بالمال
لو ينطوني كل كاع البشر بسهولها أو بجبال
ما أنطي نفس من تربة ابلادي
ولا بيعن شبر من تربة ابلادي

*قال عنه شاعر العرب الأكبر (محمد مهدي الجواهري):
.............................................................
أشعر بغربتي حقاً حين أسمع اغنية (يم داركم) وخاصة في قول الشاعر: والتمت بروحي المحنة واشتهيت اخباركم. هذه الأغنية تجعلني في حزن وفرح فقد أجاد الرويعي وليس هذا بجديد عليه.

*وقال عنه الأستاذ ذياب غلام"
......................................
المفردة الشعرية لدى الرويعي مشحونة بالإيحاء الثر وتكاد تكون وحدها صورة شعرية تتداعى في ذهن المتلقي لتتحول إلى جملة غنائية لا مفر منها في خلق أجواء تطريبية حتى تلك التي تعج بالمباشرة كالقصائد الوطنية التي لا تخلو من حماس والتي تقترب في بعض الأحيان من.... الأهزوجة.... لقد أتقن الرويعي أداته الشعرية أيّما إتقان فوفرت له إمكانية جديدة ليس في تحديث الأغنية حسب وإنما في بسط خيالات جديدة لدى المتلقي أيضا وهو بهذا قد حول الأغنية - إلى جانب تطريبها -إلى قصيدة ترددها الأفواه تعبيرا عن اختلاجات النفس الإنسانية فاستحق بذلك أن يكون فاتحا لآفاق جديدة في الشعر الشعبي العراقي المعاصر

*أشهر ماكتب من اغان:
..................................
ومن أشهر قصائده المغناة ،قصيدته الرائعة "تناشدني "التي غناها مطرب العراق سعدي الحلي التي يقول فيها:

تناشدني عليك الناس واتحير شجاوبـــــــــها
اشهل فتنه اللي ما تنقاس گلي امنين جايبها
اللفتات الغزاليه
والعيون الفراتية
واشفافك الورديه
وهل الفتنه اللي ما تنقاس گلي امنين جايبها
وقصيدته الأخرى "يمته الگاك":
يمته الگاك يمضيع اسنين العمر بفراگك
يمته الگاك اغنيلك واجمع شوگي بشواگك
يا واحة ورد وتفوح
يا اول عشگ للروح
سالفتي طويله او ياك يمته الــــــــــگاك
أو أغنيته الرائعة الذائعة"ليلة ويوم":
غفه رسمك أبعيني مـن الصبا لليوم
وطيوفك ضيوفي بصحوتي والنــوم
نثرت العمر بدروبك واگول أتــــدوم
ما ظنيت عشگك عشگ ليله ويوم
نفحه من الورد ومن الگــمر طلعه
ولك عمري انگضه شمعه باثر شمعه
ضوگني هواك الضحكه والدمعه
ونطرت اهلال وصلك والحصاد غيوم
الدنيا بلا عشگ ما تنشره وتنباع
وعذب عمر الوفي ابچف الوفي لو ضاع
يا حنة العيد او شهگة النعناع
حلم يلطرزت دربي ورد ونجوم
گصد ليك الگلب طير ويلوذ بدوح
ولگيتك رازقي طيب وملاحه أتفوح
يقظة لو حلم من بين أديه أتروح
والماي التبده مــــــــا يرده اللوم
*وفاته:
..............
توفي شاعرنا الكبير في الأردن عام 2000 بعد معانة من المرض.

رحم الله الرويعي واسكنه فسيح جنانه
والى لقاء مع شاعر منسي اخر من بلادي
علاء الأديب

****مصادر البحث:
. معجم البابطين.
1 - صباح نوري المرزوك: معجم المؤلفين والكتاب العراقيين - بيت الحكمة - بغداد 2002.
2 - عدنان بلبل الجابر وماجد الحكواتي: ديوان الشهيد محمد الدرة - (جـ2) - مؤسسة جائزة البابطين للشعر العربي - الكويت 2001.
3 - لقاء أجراه الباحث صباح نوري المرزوك مع بعض أصدقاء المترجم له - عمان 2006.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق