مجلة صدى بغداد
العدد الخامس لسنة 2019
من المنتقيات للعدد الخامس
قسوةُ الدهر
للشاعر العراقي سعد محمود الجنابي
كـفـاني أنـاجي الـلـيـلَ إن جـنَّ والـمسا
.................. ولستُ الـذي يـقـوى إذا الـلـيلُ عسعسا
ومـالي إلى نـجـواي في الـلـيلِ حـاجـةٌ
.................. إذا كنتُ لا أحـضى من الـطيفِ ملمسا
فـلـم يبـقَ في لـيـلي سوى مـا يسوءُني
.................. ولـم ألـقَ غـيـرَ الـنجـمِ خـلَّاً ومـؤنِـسـا
تـنـادى عـلى الـبـلـوى فـلـبَّـت نــــداءَهُ
.................. فأضحـتْ كـما لـو كـنتُ للهـمِّ مَـفـرَسا
أشاحـت ليَ الأهـوالُ عـن وجهِها الذي
.................. ستـعـيا ولـنْ تـلـقى (إذا شئـتَ) أتـعـسا
فـيـجــتـاحُـنـي سيـلٌ مِـن الـهـمِّ مُـفـزِعٌ
.................. ولا قــاتــلٌ كــالـهــمِّ مــا إن تــكَــدَّسـا
تـراني كـمَـن يُـبـلى بـتـِعـنيف مـوجـةً
.................. تــلـتْ مـوجـةً مِــنـهـا أشــدَّ ولا رسـى
ويـرنـو إلى سـمـتِ الـسمـا فـي تـدبُّــرٍ
.................. تـمـنَّـى بـأن يـلــقـى الـمسـالِـكَ أسـلـسا
عـسى إن رأى ضوءَ الـفـناراتِ قـربَهُ
.................. وأسرى بأحـلامِ الصِبا ضوءُها عـسى
يحِـنُّ إلى الـماضي ويـرجـو رُجـوعَـهُ
.................. ويـسـلـو لأيــامٍ مِـن الــضـيـمِ والأسـى
قـسى الـدهـرُ فـيها فـاستـحـالتْ لـيالـياً
.................. فأمست وحتى الضوءُ بالحـالكِ اكتسى
فـأبـدو كـمَـن يستـشعـرُ الجـنـبَ خـالياً
.................. مِن الـقـلبِ، والأدهى يخـافُ التحـسسا
أرى مــا يــرى خــلٌّ يَــجُــرُّ ذيــولَــهُ
.................. مِن القهـرِ إن أمسى مَن الوصلِ مُفـلِسا
وإني اتخذتُ الصبرَ في الكربِ ملـبساً
.................. وأنـعِـم بـمَـن أضحى لـه الـصبرُ ملبسا
صبورٌ عـلى لـيلي، وأرجـو انـقـشاعَـهُ
.................. وأرنـو لـضوءِ الـفـجـرِ مـا إن تـنـفَّـسـا
فــيـنـزاحُ لـيـلـي عـن صبـاحٍ مُـزيَّـفٍ
.................. أرى زهـرةَ الـدُفـلى مِن القحـطِ نرجِسا
وحـتـى بـسـاتــيـنـي جــفــتها عــنـادلٌ
.................. وأضحى بِـها مَـن عَـلَّـم الـشدوَ أخـرسا
أتـأتي طيـورُ البحـرِ مِـن بـعـدِ غَـيـبـةٍ
.................. لـجـرفٍ لأسلافٍ لـهُـم كـانَ مـفـقـسـا؟!
جــفـاني رقـادي مُـذ جـفـاني الـذي لَـهُ
.................. بـوسط الـحـشا ما كـانَ نـبعـاً ومغـرسا
وعشبي الذي يزهـو اخضراراً تَيَـبَّسـا
.................. وظهري الـذي يـزهـو انـتصاباً تقـوَّسا
تـنـادى مـشـيـبي نـحـوَ رأسـي بـزفَّـةٍ
.................. وأضحى كـما الإشراقِ ما كـانَ أغلسا
ولـم يـبـقَ لي غـيـرُ الـقـوافي وسـيـلـةً
.................. أداوي بــهـا مــا كــانَ مــنِّي تـسـوَّسـا
كــدأبِ الـذي يـأوي إلـى مَـن يُـجـيـرُهُ
.................. ويــلـجــا إلـى مـا فـيـهِ قـبـلاً تَـمَـرَّسـا
ويـنأى عـن اللاتي تـسـبَّـبن في الأذى
.................. وعـن كـلِّ مـا قـد كـان مـنـها تـوجَّـسا
رماني زماني خـلـفَ مَن كُـنـتُ قـبـلَـهَ
.................. وخـلـفَ الـذي مَـن كـنـتُ قـبلاً تـرأَّسا
وآوى إلـى ركــنٍ لـيـهـنـى بِـخـيـبـتـي
.................. وكأساً مِن التعـتيق في خـيبتي احـتسى
هـوَ الدهـرُ إن يصفـو ترى الـقبوَ جـنةً
.................. وإن يضطرب خلتَ الفضاءاتِ محبسا
عـجــيـبٌ لأمـرِ الـدهـرِ إن رامَ قـسـوةً
.................. ولم ألـقَ مثـلَ الدهرِ في الظلمِ إن قسى
القصيدة من بحر الطويل والقافية من المتدارك
بقلمي / سعـد محـمود الجنابي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق