مجلة صدى بغداد / العدد الحادي عشر لسنة 2018
خاص بالمولد النبوي الشريف
عِقْدُ المَدِيحِ
للشاعر العراقي ابراهيم خالد البدراني
لَوْ كُلُّ ما فَوْقَ الثَّرى يَتَكَلَّمُ
وَتُباحُ أَسْرارٌ بِحَقِّكَ تُكْتَمُ
وَيَزِيدُكَ الآتُونَ كُلَّ مَزيدَةٍ
تَبْقى عَلى سُؤْلٍ وَبَعْضُكَ مُبْهَمُ
زَعَمُوا بِما أَعْزوهُ أَنَّكَ شاعِرٌ
وَنُعِتَّ مَجْنُونًا وَقِيلَ مُعَلَّمُ
وَبُهِتَّ عَنْ قَصْدٍ بِأَنَّكَ ساحِرٌ
وَرَمُوكَ كَذّابًا وَقِيلَ مُنَجِّمُ
وَحَصانُ عِرْضِكَ بِالفَواحِشِ يُرْتَمى
وَعَفافُ طُهْرِكَ بِالرَّذيلَةِ يُوْصَمُ
مَهْلًا فَـذا "عِيسى" أُصيبَ بِمِثْلِهِ
طَعْنًا فَقَدْ قُذِفَتْ بِذلكَ مَرْيَمُ
كَذِبًا لَعَمْرُكَ إِنَّما هوَ إِفْكُهُمْ
إِنَّ الطَّهارَةَ لِلنُّبوَّةِ مِعْصَمُ
مَهْما ادَّعُوا فَاللهُ خَيْرُ مُنَزِّهٍ
وَكَفى بِهِ فَلْيَزْعُموا ما يَزْعُمُوا
تَأْبى النُّبُوَّةُ وَالرَّذيلَةُ مَجْمَعًا
خُلْفٌ إِذا اجْتَمَعا مَعًا فَلْيَحْكُموا
يَكْفِيكَ أَنَّ اللهَ أَقْسَمَ بِـ(الضُّحى )
مَنْ أَنْتَ حَتّى بِـ(الضُّحى)لَكَ يُقْسِمُ
لَوْلا مَقامٌ قَدْ بَلَغْتَ مَنالَهُ
أَرْسى عَلى قَدَرٍ إِلَيْكَ يُكَرَّمُ
فَلَكَ النُبُوَّةُ أَنْتَ مِسْكُ خِتامِها
يافَخْرَ مَنْ فِيهِ النُبُوَّةُ تُخْتَمُ
أُرْسِلْتَ بِالْهَدِي المُوَّثَّقِ سِفْره
فَهُداكَ قُرْآنٌ وَنُورُكَ أَنْجُمُ
ما كُنْتَ تَنْطِقُهُ هَوَىً بَلْ إِنَّما
تَنْزِيِلُهُ وَحْيٌ وَأَنْتَ لَهُ فَمُ
آياتُهُ عَرَبِيَّةٌ ذُو حِكْمَةٍ
وَطَلاوَةٍ حلو المَقالِ مُنَجَّمُ
وَشَرِيعَةٌ غَرّاءُ أُبْلِجَ لَيْلُها
كَنَهارِها مَنْ حادَ عَنْها يَنْدَمُ
وَوَعِيدُها نارٌ تَغيظُ لِمَنْ عَصى
وَمَنْ اسْتَقامَ عَلى الطَّريقَةِ يَسْلَمُ
أَغْرَوْكَ عَنْها بِالصُّدودِ مَغانِمًا
شَتّى وَلكِنْ لَنْ يَصُدَّكَ مَغْنَمُ
يَشْكوكَ ذو عَوَزٍ فَتُؤْثِرُ مُعْطِيًا
تَغْفُو عَلى جُوعٍ وَكَفُّكَ يُطْعِمُ
وَالحِلْمُ ثَوْبُكَ ماعَرَفْتُكَ غاضِبًا
لِلهِ دَرُّكَ كَمْ تُغاظُ وَتَكْظِمُ
جُبِلَتْ عَلى خَلَجاتِ قَلْبِكَ رَأْفَةٌ
ما فَوْقَ قَلْبِكَ في الخَلِيقَةِ أَرْحَمُ
فَلَكَمْ صَفَحْتَ وَمَنْ أَساءَ جَزَيْتَهُ
بِالْعَفْوِ حَتّى مَنْ بِحَقِّكِ أَجْرَموا
بِكَ نَبْضُ"إبْراهيمَ"فَخْرُ أُبُوَّةٍ
وَسُمُوُّ أَخوالٍ فَذلِكَ جُرْهُمُ
نَسَبٌ خِيارٌ مِنْ خِيارٍ صُلْبُهُ
أَرْسى عَلى طُهْرٍ بِآلِكَ يُخْتَمُ
لِلهِ ياابْنَ الأَكْرَمينَ فَأَنْتَ مَنْ
فاضَتْ عَلى ظَمَأٍ لِجَدِّكَ زَمْزَمُ
فَبِإِذْنِ رَبِّكَ مِنْ دُعائِكَ رُقْيَةٌ
يُشْفى بِها وَبَلِيلُ رِيقِكَ بَلْسَمُ
وَلَكَ الشَّفاعَةُ يامُكَرَّمُ خُذْ بِها
فَلِأَجْلِ عَيْنِكَ كُلُّ عَيْنٍ تُكْرَمُ
وَأَصَبْتَ مِنْ حُصْنِ النُّبُوَّةِ عِصْمَةً
تُخْشى،وَلا تَخْشى فَرَبُّكَ يَعْصِمُ
وَاسْتَأْنَسَتْكَ صَحابَةٌ لَثَمُوا الهَوى
غَدَقًا وَمِنْ خُلُقِ النُّبُوَّةِ أُطْعِمُوا
بِمَحَبَّةٍ حَوَتِ القُلوبَ كَأَنَّها
صُبَّتْ بِقَلْبٍ في هَواكَ مُتَيَّمُ
وَسَقَيْتَهُمْ بِالمِثْلِ مِنْ عَبَقِ الهَوى
كَأْسًا فَقَلْبُكَ في هَواهُمْ مُغْرَمُ
لَوْ مَسَّ أَيَّهُمُ أَذىً فَكَأَنَّما
هُوَ أَنْتَ مَنْ يُؤْذى وَمَنْ يَتَأَلَّمُ
وَرَعَيْتَهُمْ عَوْنًا فَأَنْتَ لَهُمْ يَدٌ
خُصَّتْ لِنائِبَةٍ كَأَنَّكَ مُلْزَمُ
هُمْ لِلْشَّريعَةِ أَوْصِياءُ وَلِلتُّقى
مُثُلٌ،وَلِلْمُثُلِ الكَرِيمَةِ مَعْلَمُ
حِمَمٌ شِدادُ البَأْسِ لَوْ أَقْحَمْتَهُمْ
لُجَجَ البِحارِ السّاجِراتِ لَأَقْحَمُوا
نُصِرُوا بِسَيْفِ الرُّعْبِ قَبْلَ سُيوفِهِمْ
وَلِجَيْشِهِمْ مَدَدٌ فَحَسْبُكَ مَنْ هُمُ!
فَلَكَ الوَغى دَأْبًا تَخُوضُ غِمارَها
نَصْرًا إِلى نَصْرٍ وَخَصْمُكَ يُهْزَمُ
مادامَ رَبُّكَ مَنْ رَمى قُلْ لِي إِذًا
ما شَأْنُ رَمْيِكَ إِذْ رَمَيْتَ وَإِذْ رَمُوا!؟
وَسَرَيْتَ ثُمَّ عَرَجْتَ في حَلَكِ الدُّجى
وَالسَّبْعُ تُطْوى وَالخَلائِقُ نُوَّمُ
وَلِقابِ قَوْسَيْنِ اقْتَرَبْتَ تَدَنِّيًا
وَنَزَلْتَ ضَيْفًا بِاللِّقا تَتَنَعَّمُ
كَيْفَ التَقَيْتَ..؟وَما وَأَيْنَ وَمَنْ وَهَلْ؟
سِرٌّ خَفى لا غَيْرَ رَبِّكَ يَعْلَمُ
لَوْ أَلْفُ حَسّانٍ وَحَسّانٍ أَتُوا
بِنَفِيسِهِمْ شِعْرًا بِحَقِّكَ يُنْظَمُ
لَجَثوا عَلى أَبْوابِ قَدْرِكَ رُكَّعًا
وَتَعَذَّروا نَظْمَ القَرِيضِ وَأَحْجَمُوا
عَرَفُوا بِأَنَّ يَراعَهُمْ مَهْما أَتى
لِيُجِلَّ فِيكَ القَدْرَ قَدْرُكَ أَعْظَمُ
ماذا يَقولُ المادِحونَ بِحَقِّ مَنْ
فَوْقَ السَّماءِ لَهُ الإِلهِ يُعَظِّمُ
لكِنَّ رَدًّا لِلْجَميلِ لِمُفْضِلٍ
تَشْدُو القَوافي وَالهَوى يَتَرَنَّمُ
وَتَفيضُ أَلْسِنَةُ الثَّنا فَوّاحَةً
بِعَبيرِ مِسْكِكَ وَالوَرى يَتَنَسَّمُ
قَمَرٌ أَضاءَ الخافِقَينِ مَنارُهُ
فَالْكَوْنُ داجٍ دونَ نورِكَ أَظْلَمُ
طُوبي لِطَيْبَةَ أَنْ يُجِلَّ مَقامَها
حَرَمٌ شَريفٌ فيهِ ضُمَّتْ أَعْظُمُ
هُوَ ذا(مُحَمَّدُ) يا أَحِبَّةُ فَاسْعَدوا
وَعلى المَدى صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّموا
من ديوان (قوافي الشيخوخة)
دهوك الحبيبة
30-11-2016م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق