مجلة صدى بغداد
العدد الثاني عشر لسنة 2018
الدوائر
الكاتب المصري طارق الصاوي خلف
تستنهض الكائنات الخفية همة قلبه ... يشتعل عزمه لمواصلة التحدى، تنصهر روحه فى بوتقة الغيبيات تتحد مع جسده لطرد كائنات تسبح فى الدم تدخل اليه عبر فتحات التنفس ... يستعد لملاقتهم بدق الطبول ، إحراق البخور ، الرقص، يسعى بلا جدوى لمنعهم من السيطرة على دماغه، فرض هلاوس بصرية على وعيه، يرى وجوها مشوهة تفتح افواهها لتلعق بألسنتها المشقوقة وجنتيه، يستدعى شيخ ملثم لتخليصه منهم ، يحل ضبفا عليه بكل مساء مصطحبا جوقة دراويش يمسكون أعواد الخيرزان، يشعل الشيخ غبار المواجهة يأمر المستبيحين للجسد المستسلم بين يديه بتركه فورا، يتفل عن يساره يصيح فيهم:" ستعذبون لرفضكم وعنادكم"
ينهال الدراويش - علي الممسوس - ضربا، يصرخ بصوت واهن متحشرج ، يخطف لمعان برق ابصارهم، يصفق الشيخ، يعطى اشارة الامان لتابع سجل حضوره ، ينتفض الجسد المسكون بالغزاة ، يضع - الشيخ- إبرة على الموقد ... يتركها ليصبح لونها أحمر يبصق عليها ، يغرسها بين لحم الذى يتأوه وظفر الإصبع الكبير للقدم اليسرى ... يستعذب الفتى ألمه الرهيب ... تندفع قطرات من دم متفحم ... تحتبس الأنفاس فى الصدور، ترتجف برعشة ابدانهم ، يستمعون لصوت مبهم.
يتنهد الشيخ يخاطبهم : العفو و السماح لو اعطيتم العهد بعدم العودة اليه .
يستنهص المعالج الروحى المبنلى يبنفخ بالون امله بالشفاء يتباهى بمن قتلهم من الجن لرفضهم الاستجابة لأمره بالخروج من جسده المصاب، يسمح لتابعه بالانصراف من حضرته، يحصن المريض برش ماء ممزوج بتعاويذه عليه ... يشهق يعانق الشيخ شاكرا، تنسحب الكتيبة خلف الملثم من ساحة المعركة مخلفين من اسقمته زياراتهم مسهدا يغزل من خيالاته نسيجا لقصة يحكيها لمن سيطرقون بابه الليلة التالية لمساعدته فى قهر متسللين جدد.
طارق الصاوى خلف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق