العدد الأول لسنة 2015
النثر
بغداد في حلّتها الجديدة
( لغةُ المرآيا والنصّ الفسيفسائي )
بقلم الأديب العراقي كريم عبدالله
وأنتِ المغضوبِ عليها تنتظرينَ العطايا تأتيكِ بالبريدِ الدولي
يغربلُ وجهَ دجلةَ سهمٌ نابتٌ في العيونِ لعلكِ تغنينَ أيّتها الفالتة مِنْ جهنم العمياء
! مَنْ يعيدُ بيرقكِ والدهشة تنتشلُ مِنَ الهاويةِ صباحكِ المشرق بأحلامكِ المنهوبة
و تموز عادَ شيخاً هرماً عجوز ! لا ترحلي ( ننماخ )* إنْ أجدبتِ السماء يوماً وبيوت
الفقراء غيماتهم العقيمة تمشّطُ أشجار الصنوبر وجذورها تبحثُ عبثاً عنْ نبعٍ يتفقدُ
مفاتيحَ مباهجكِ . لماذا أنتِ غريبة دائماً وأحلامكِ يتناهبها قطاع الطرق ! تتوسدينَ
وحدتكِ وتحتمينَ مِنْ رصاصاتِ الغدرِ بابنائكِ اليافعين , تتيهينَ في حزنكِ الطويل
للصبرِ تغزلينَ رداءَاً وحرائقكِ كثيرة يجدّدها الملثّمون , حيثُ لا فرحة تتهادى في
أزقتكِ المحرومة مِنَ الأبتسام , كيفَ يؤتمنُ على صباحكِ والذئاب حولَكِ تنتظرُ ساعةَ
الصفر ! . ستبقينَ تليّنينَ هذه العتمة يا لهفة العشّاقِ ويستقطرُ عشقكِ يملأُ حقائبهم
, الثكناتُ على إمتدادِ طريقِ عودتكِ عجيبُ أنْ تتحدّى زرقةَ عينيكِ وتدسُّ فيهما الرمادَ
, مازلتِ تجيدينَ تفريغَ الحزن والفرات يمسحُ عنْ وجه القمرِ دخانَ المدافع . سينقشعُ
البياضَ مِنْ عينيكِ وتردّدينَ ( إحنا ياما للحبايب
شكثرْ وشكدّْ سامحينهْ
شفنهْ منهم كلْ مصايبْ
لكن نحبهم بقينهْ )*
سيحملُ الحصّادونَ خيباتهم معهم , قدركِ أنْ تهتكينَ أستار
قسوتهم و تنجبينَ صبحاً جديداً زاهياً يركضُ في حقولِ القمح يحملُ أفراحَ نيسان , أيّتها
المبلولةُ بأريجِ الحضاراتِ يامَنْ تعمّدها الآلهة ستتأبطينَ المحنةَ تحرسكِ نجومَ
السماء ويتطايرُ السخامُ مِنْ حيطانكِ المتعبة وتُخضّبُ بالحنّاء مِنْ جديد .
ننماخ : وتعني في اللغة السومرية القديمة في بلاد الرافدين
( العراق قبل الميلاد ) المرأة العظيمة أو السيدة العظيمة ولها معبد باسمها, وكانت
النساء البابليات يجلسن في هذا المعبد لمرّة واحدة في السنة.
إحنا ياما للحبايب ............... : مقطع من قصيدة ( مسامحين
) للشاعر العراقي الشعبي ( زامل سعيد فتاح )


ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق