العدد الثالث
لسنة 2015
من ذاكرة الزمن
ضابط عراقي فشل
بقلب حكم العراق فقلب حكم اليمن وأصبح "الرئيس" وأعدم فيها
حدث لن يكرره التأريخ
صنعه ضابط عراقي برتبة نقيب، نجا من الإعدام في بغداد فكان قدره الإعدام في صنعاء،،
وفشل بالانقلاب على حكومة العراق لكنه قاد إنقلاباً ناجحاً على ملك اليمن، فأصبح وزيراً
للدفاع والقائد العام للجيش اليمني، ولا يرد إسمه في مجلس أو كتاب إلاّ وسبقوه بلقب
"الرئيس الشهيد"!
(جمــال جميــل)
من مواليد الموصل 1912م، تخرج من الكلية الحربية ببغداد، وما أن حصل على رتبة نقيب
حنى أصبح مرافقاً للفريق بكر صدقي "رئيس أركان الجيش"، ثم شارك معه في الانقلاب
الفاشل على حكومة "نوري السعيد" وصدر بحقه حكماً بالاعدام تم إلغائه لاحقاً..
في 3 نيسان/ أبريل
1940م بعثت بغداد النقيب جمال جميل إلى صنعاء ضمن بعثة عسكرية من أربعة ضباط ترأسها
العميد الركن اسماعيل صفوت، وضمت أيضاً محمد المحاويلي والملازم عبدالقادر الكاظمي
..
وفي 1943م عادت
البعثة العراقية لكن النقيب جمال جميل لم يعد معهم، فهو كان قد تزوج بيمنية واستقر
بصنعاء، وبدأ يتوغل في مفاصل المجتمع اليمني، ويتولى بناء قدرات جيشه، فهو أول من أدخل
صنف المدفعية للجيش، فحضي بثقة ملك اليمن "الإمام يحيى بن حميد الدين" الذي
أولاه مسئولية قيادة جيشه "حرسه الخاص" وعينه أيضاً مديرا لمعهد صنعاء العسكري..
وبفضل مهاراته
وتفانيه في خدمة اليمن، أصبح النقيب جمال جميل مركز استقطاب كبار نخب اليمن العسكرية
والسياسية التي بدأت تتأثر بالحركات الثورية العربية وتتطلع للتغيير من الملكية الى
الجمهورية.. وخلف الكواليس تحركت تلك القوى لوضع مخططات الانقلاب على الحكم الملكي،
وكان جمال جميل يتزعم تلك التحركات ويدعوه رفاقه بـ"الرئيس"، وتم صياغة دستور
جديد وطباعته استعدادا لساعة الصفر..
وفي 1948م قاد
الرئيس جمال جميل الانقلاب على الحكم، وتم قتل ملك اليمن الامام يحيى بن حميد الدين،
وتولى عبد الله الوزير الامامة فيما تم تعيين جمال جميل وزيراً للدفاع والقائد العام
للجيش اليمني،، لكن ذلك لم يستمر سوى بضعة أشهر، حيث نجح ولي العهد "الامام أحمد"
في استعادة الحكم، والقبض على كل المشاركين في الانقلاب وعلى رأسهم "الرئيس جمال
جميل"، وأصدر قرارا بإعدامهم، وبسيفه الشخصي.
وفي ساحة الإعدام،
ظل جمال جميل مبتسماً طوال الوقت، وعندما اقترب منه الامام أحمد قال له: (لقد أحبلناها
وحتماً ستلد)، فأثار غضب الامام وأمر بقطع رأسه فوراً، فقد أدرك أنه كان يعني أنهم
فتحوا باب الثورات ضد الملكية لأول مرة وكسروا حاجز الخوف، وأن ثمة ثورات قادمة ستنجح،
وهو ما حدث فعلاً في 1962م.
ظل الجميع في اليمن
لا يذكر جمال جميل إلاّ ويسبق اسمه بلقب "الرئيس الشهيد"، وفي المتحف الحربي
بصنعاء ما زالت صور لحظات إعدامه تتصدر الواجهات.. غير أن الجميع ما زال يقف مذهولاً
أمام الحدث، ولا يكاد يصدق كيف لضابط عراقي لم يمض على وجوده في اليمن سوى أقل من ثماني
سنوات يفعل ما لم يجرؤ على فعله اليمنيون، ويقود أول إنقلاب "جمهوري" في
تاريخ اليمـــن!!؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق