العدد الثالث
لسنة 2015
قامات وهامات
بعد الستين
للشاعر الأردني
حسن منصور.
أوقفــني صاحــبي
ليسألــني
مُخْــتنقَ الصـوتِ بادِيَ الحَـزَن
فقـال هــل ظــل
عـندنا أمـــلٌ
وهل لنا في الحيـاة من ثمـن
بعـد حـياةٍ بالوَجْــدِ
حــافـلـــــةٍ
وبعد دهــرٍ لم يَخْـلُ من مِحَن
جــاوَزْتُ سـتّينَ
غــيرَ مُــكترثٍ
في غفلة أدنَتْـني من الكـفن
حتى بدا نورٌ في
دجى شَعَري
أحــالَهُ فـجــراً
مُـشْرِق القُـنَن
كأنه مـن خـلـف
السمــاء أتى
ما زلـتُ لا أدري
كيف أيقظني
مــنذُ بدا للــعَـيْـنـَــيْن
لازَمَـني
عـلى مـدى أيامــي يُؤرِّقُــني
لأنــه نـــورٌ
غــــيـرُ مُــلـتَـبـِسٍ
علمْـتُ مـنه مـا كان يَنْقُصُني
نبَّـهَــني للــزّمانِ
كــيف مضى
أيقــظَ في ذهـني دَوْرَةَ الزَّمن
وقال لي في صدقٍ
شعرت به:
(حــياتُنـا رَهْــنُ ذلـك السَّنَـن
حــياتنــا غــيْـمــاتٌ
مسافــرةٌ
كأنّهــا في الآفــاق لــم تَكُـن
والعُمْــرُ فــيها
كالبرق يعــبُرُها
ويختــفي ضــوؤُه مع الدُّجَن.)
سمعـت ما قـال
بعد أن غَرَبَتْ
آهٍ عليها كالحلم في الوَسَن!
فقلـت يا صـاحـبي
يُحـــيِّرُني
أنـَّـك كُفْءٌ بفـكــرك الفَـــطِـن
وتعرف الـدنيا
حـين تُضْـحِـكُـنا
وحين نبكي من طبعها
الخشن
سعــادة ٌيرقــص
الفــؤاد بهــا
أو غُــربَــةٌ بين الـهَــمِّ والوَهَن
وهــــذه سُــنَّـةٌ
نُـعــايِشُــهــا
ولم تكن رهْــنَ الـسِّرِّ والعَلــن
ولكنِ انْظــرْ
ما أنت تشرح لي
وهل جديدٌ ما جئتَ تُسْمِعُني؟
أم ذاك مـنذ القـديم
شَنْشَنَةٌ
أصداؤها في قلبي وفي أذُني
كم وصَفوا الدهرَ
بالخَئونِ وكم
شَكَوْا وكم أظهروا من الشّجَن
وكم سمعنا شيخاً
يذوب أسىً
وكم شكا وهْناً
دبَّ في البدن
وكم مُقــيـمٍ
لم يُـرْضِــهِ وطــنٌ
وكــمْ سواه هفــا إلى الوطـن
وكــم بكــى فــاقــِدٌ
أحِــبّــَتَـه
كأنّــه بــاقٍ غـــيـرُ مُــرْتَــهَــن
وأنت تشكــو كمـا
شكَــوْا أبداً
تصـرُخُ: إنّ الــرَّدى سيأخُـذني
في قَـلَــقٍ تحــيا
أنت مضْطرِباً
ورأيُــك الـيــومَ غـــيـرُ مُـــتَّـزِنِ
فكـم مَشـتْ فوق
أرضِـنا قدَمٌ
ثم استـقـرَّتْ في آبِدِ السَّكَن
حـــلاوةُ العُــمْــــرِ
أنـَّـه أجَـــلٌ
إذا انتهــى لم يَعُـدْ ولـم يَـبـِنِ
فَــعِـشْ بتلــك
الأيامِ في دَعَـةٍ
فلسْتَ في هُـدْنةٍ على دَخَن
ومَــنْ يـدَعْ
أمْــرَهُ لـِخــالِـقِــــه
فـهـو بغـيـرِ الصّـوابِ لـم يَـدِنِ
حـياتنـا في العــطـاءِ
مُحْــسِنةٌ
لَـهــا أيــادٍ كــثـيـرةُ الـمِــنَــن
ومــنْــبـعٌ للـجَــمــالِ
ذو ألَـــقٍ
يــدومُ رُغْـــمَ البَـلاءِ والـفِـتَـن
فَـجــودُهــا
أغْــنـانا وأسْــعَـدَنا
وحُـسْنُها يمحـو عالِقَ الدَّرَن
فهـل تَرى وجْـهَهــا
القـبيحَ ولا
ترنو إلى سحْرِ وجْهِها الحَسَن؟!
******
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق