العدد الثاني لسنة 2016
نخلة عراقية
للشاعر العراقي خلف دلف الحديثي
نصفي يسائلُ عن بقايا نصفِهِ
وأنا على كلي أدور بعسفِهِ
إني أتيتك فابحثي بشواطئي
فملامحي انكسرَتْ بهيبةِ طيفِهِ
كلّي إذا رمْتُ المجيءَ صبابةً
أطوي المسافةَ في مضاربِ ضيفِهِ
فعسايَ أدري أنّني قد صابني
عطشُ الذّهولِ إلى شظايا صفِّهِ
فأنا بقايا السندبادِ جزيرتي
جفّتْ وإلفي ضاع فيّ بألفِهِ
فرحلْتُ منفيّاً بجيبِ عروبتي
وأنا لَأوَلُ مُبْحرِ عن إلفِهِ
فوقفْتُ مصلوباً بجذع قيامتي
وسجَدْتُ أتلو للصّلاةِ بقصفِهِ
وبراءتي شُنِقَتْ بحبلِ أواصري
وخيولُ روحي تستعدّ لجَرْفِهِ
سأديرُ وجهي في فراغِ أصابعي
لأرى الذي ما لا يُرى في كفّهِ
هو ذلك الوطنُ المهجّرُ عن دمي
وله قنتُّ على شوارعِ خطفِهِ
كلّ البلادِ توقّفَتْ ساعاتُها
إلّا العراقُ فوقتُهُ في حتفِهِ
قتلوهُ واحْتشدوا إلى تشييعِهِ
وتفنّنوا في ذبحِهِ وبنسْفِهِ
وتفاخروا في سلْبِ خيرِ متاعِهِ
حتى بقايا الخيشِ بيعَ برفِّهِ
قتلوا عليّاً في محاريبِ التّقى
واليومَ في مُدنِ البُكا من حِلفِهِ
فرَمى حجارةَ حزنِهِ مُتوَجّساً
في البئرِ لكنْ لم يزلْ في خوْفِهِ
لا بُدّ منْ قدَرٍ يجيءُ بسوطِهِ
ليعيدَ تاريخَ الذنوبِ لكهفِهِ
ولكي يظلّ لسانُ حالك صامتاً
عنْ غفلةٍ كَتبَتْ سطورَ ملفّهِ
لا بُدّ من حجْبِ النساءِ كما أرى
إنّ النساءَ عن النّسا لم تكْفِهِ
فاحترْتُ كيفَ سأنتقي مِنْ حيرتي
حرْفاً أدوّنُهُ بآخرِ سقفِهِ
ماذا أقولُ وما أبوحُ وخافقي
ما زالَ يركضُ واقفاً في عنفِهِ
وأنا تجذّرُني الورودُ بجُدْبِها
والكلّ يلهثُ جائعاً في زحْفِهِ
فذبحْتُ وقتَ الأمنياتِ بخنجري
ورحلْتُ أبحثُ في خبايا حيْفِهِ
وقتي بلا وَقتٍ ذبيحٌ كلُّهُ
فأنا لوقتِكَ قدْ ركعْتُ بجرْفِهِ
وفمي يُشاكِسُني بشرفةِ موتِهِ
وبهِ أضاعَ الصمتُ لهْفةَ نزْفِهِ
لا وَقتَ فالوقْتُ الثمينُ أضعْتُهُ
يوماً وأعْجزَني الدّجى عن كشفِهِ
وأتيْتُ (خوْفي) فاعترتني رِعشةٌ
فبحثْتُ عن شَكلي بهِ لمْ أُلْفِهِ
وفتحْتُ عيني فاشتبهْتُ بلونِها
كانَ العراقُ بشكلِها في وَصفِهِ
لا وَقتَ عندي كي أحِبّ وأنتمي
للحبّ أو أسْعى لهمسةِ رشْفِهِ
لكنّني رُغمي أحبُّ وبي أرى
وطنَ الجمالِ أزفّني في كيْفِهِ
أنا لا أحبُّ وإنّما أكْوى بهِ
وحْدي وتقتلُني ضراوةُ صيْفِهِ
وجعي يُحاصرُني ويَضْربُ طوْقَهَ
حَوْلي وتفْضحُني جَريمةُ عَرْفِهِ
لنْ يستقيمَ الظلُّ فيّ ولمْ أزلْ
ظلّاً بلا ظلٍّ ينامُ بخوْفِهِ
فأنا البرَاءةُ باركتْني قُبّتي
مُذْ جِيءَ في رأسِ الحسيْنِ وكَتْفِهِ
ووقفْتُ مصلوباً برمْحِ شذوذِهِمْ
والسيْفُ يأكلُ في بقايا سيْفِهِ
بيدي أشُدُّ على يدي وَحِجارتي
أرْمي بها وجْهي لبُغيةِ قذفِهِ
أنا شاعِرٌ وحْدي انتقيْتُ مَشاعري
حتّى تكوني المهرجانَ بقطْفِهِ
عندي قِفي وتأمّلي وجَعَ المَتى
منه احتسيْتُ مَرارتي في رجْفِهِ
أمشي أمامي ثم أرْجعُ مرّةً
لِوَرَا ورائي كي أُرَى مِنْ خلْفِهِ
فأنا أدرْتُ إليك مرْكبَ رَهْبتي
وبموْجِ روحِك ضاعَ زوْرقُ عَطْفِهِ
أتُرى أراني فيكِ يوماً مرّةً
وفمي إذا ثغري أتى لم تُشْفِهِ
فأراكِ خيْطاً في قميصِ روائعي
كي أرْتديهِ عسى أُرى مِنْ جَوْفِهِ
سَيحينُ دَوْري عندَ أوّلِ ضحْكةٍ
لأكونَ أوّلَ مَنْ يَقومُ برَصْفِهِ
أنا موطنٌ بِدَمي احترَقْتُ نِكايةً
ورجعْتُ مِنْ هذا الدّمارِ بِخُفّهِ
منّي اطمئنّي رغْمَ زَيْفِ تشابُهي
شَبَحُ التفرّقِ عنْ أنا لَمْ أنْفِهِ
هُوَ ذا العراقُ وأنتِ قامةُ نخْلتي
لن تنحني يوماً لدوْلةِ عَصْفِهِ
***
25/1/2016 السليمانية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق