العدد7 لسنة 2016
شعراء منسيون من بلادي 18
الشاعر العراقي اليهودي مير بصري
بقلم : علاء الأديب
التقديم:
...........
من الجدير بالذكر بأن الطائفة اليهودية في العراق كانت منتشرة في أرجائه قبل عام 1940 وقبل أحداث احتلال فلسطين . ولكنّها سرعان ما تناقصت بعد ذلك العام بسبب هجرة الكثيرين منهم الى اسرائيل نتيجة المضايقات التي كانت تمارسها الحكومات ضدهم انذاك ومنها قطع الماء والكهرباء وخطوط الهاتف عن منازلهم مع الإزدراء الكبير الذي كانت تواجههم به زمر المتعاونين مع انظمة الحكم حينها. وقد واجه الشاعر اليهودي مير بصري كلّ هذا بل وأكثر الاّ إنّه بقي صامدا حتى حدوث نكسة حزيران .حيث ما حدث له بعدها في العراق افقد الرجل صبره واشتد خوفه على عائلته المتكونة من زوجته وبناته الأربع فاضطر للهجرة مرغما رغم حبه لوطنه وتفانيه بخدمته.لم يكن مير بصري اديبا وشاعرا فحسب بل كان رجلا وطنيا مخلصا لبلده وعروبته مع اعتزازه بديانته ولقد شغل عديدا من المناصب التي أجاد في اعطائها حق المسؤوليّة الحقيقيّة الجادة المثابرة.
كان مير بصري وديعا مسالما مستمعا جيدا قبل ان يكون متكلما مقتدرا.أحبه واحترمه جميع اصدقائه وزملائه ومرؤوسيه.
كان رجلا عصاميا ملنزما حيث بقول عنه عدد من اصدقائه بأنه لم يكن يحتسي الخمر ولا يدخن وليس له طريق غير الطريق الرابط بين البيت والعمل.
يتمتع مير البصري بشخصية شغوفة بتقديم المساعدة للآخرين فقد كان لا يبخل على من يحتاج مساعدة منه حتى مع اصدقائه من خارج العراق الذين كانوا يتوافدون لأغراض البحث والدراسة وهذا ما كان سببا في وضعه بدائرة الشك من قبل السلطة بعد عام 1967.
لم يكن لمير بصري ذنب غير انه يهودي ليهجّر من بلده وليخسره العراق إنسانا مثقفا اديبا وشاعر واقتصاديا لامعا ووطنيا متفانيا مخلصا لوطنه.
علاء الأديب.
مير بصري:
مير بصري أديب وشاعر واقتصادي عراقي يهودي ،ولد في بغداد عام 1911 لعائلة يهودية موسورة حيث كان والده شاؤول بصري تاجراً للقماش في بغداد ووالدته من عائلة دنكور التي ينتمي لها أكبر حاخامات يهود العراق..
مناصبه:
...........
شغل العديد من المناصب في العراق منها منصب رئيس غرفة تجارة بغداد في عام 1943 وقبلها عمل مديراً عاماً في وزارة الخارجية العراقية.
بقي مير بصري في العراق بعد الهجرة الكبيرة التي قام بها يهود العراق نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات مع ما يقارب العشرة آلاف يهودي آخر حيث رفض فكرة الهجرة إلى إسرائيل وترك العراق.
شغل بصري منصب رئيس فخري للطائفة اليهودية في العراق خلال فترة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.
مغادرته العراق
.......................
غادر العراق بشكل نهائي إلى بريطانيا عام 1974م بعد فترة من المضايقات والسجن والإقامة الجبرية وسلسة من الإعدامات العلنية التي شملت عدداً من اليهود في بغداد وكان بذاك آخر رئيس للطائفة اليهودية في العراق.
وفاته ومؤلفاته:
.................
توفي في لندن عام 2006. و يجدر بالذكر أنه وقبيل مغادرته للعراق تبرع بمكتبته الشخصية والتي تضم حوالي أربعة آلاف كتاب هدية للمكتبة الوطنية العراقية [1] له العديد من المؤلفات باللغة العربية يبلغ عددها حوالي الأربعين تتراوح ما بين الشعر والاقتصاد والتراجم والتأريخ من أهمها:
مباحث في الاقتصاد العراقي.
دور الأديب العربي في بناء المجتمع العربي العصري
أعلام الوطنية والقومية العربية في العراق
أعلام الكرد
أعلام الفن العراقي الحديث والمعاصر
وغيرها من المؤلفات والكتب المترجمة
يقول مير بصري:
.....................
في أول يوم من سنة 1969 عدت الى الدار مساءً فوجدت معاون الأمن مخلف منير العاني وجلاوزته يفتشون دارنا غرفة فغرفة. كان الوقت عصيباً: فقد أعلن رئيس الجمهورية أحمد حسن البكر في خطاب شديد له انه سيمحق التجسس لأميركة وانكلترة ويقضي على العملاء وأذناب الدول الغربية. وقد ألقي القبض على عشرات الرجال والصبيان، من يهود ومسلمين ومسيحيين، بتهمة التجسس وألقوا في غيابات السجون. ..
فرغ معاون الأمن من تفتيش دارنا وأخذ بعض الأوراق وطابعتين عربية وأنكليزية واعتقلني في تلك الليلة في موقف الأمن. وكانت التهمة الموجهة اليّ أن أحدى السيدات الأمريكيات زارتني قبل سنة أو نحو ذلك، فماذا أعطيتها من المعلومات السرية التي يستفيد منها "العدو الأمريكي المتربص بالعراق شراً". قلت أن هذه السيدة تكتب أطروحة عن تأريخ العراق القديم لتقديمها الى بعض الجامعات الأمريكية. وقد جاءت بصورة رسمية واتصلت بوزارة التربية ورجال العلم والأدب للمباحثات في الموضوع الذي تتناوله. ثم أية معلومات سرية عندي عن الجيش أو غيره لاعطائها؟
ونظم أبياتاً من الشعر قال:
إن كنت من موسى قبست عقيدتي فأنا المقيم بـظلّ ديـن محمــّد
وسماحة الأســــــلام كانت مـوئـلي وبلاغة القرآن كانت مــــــوردي
مــا نــال مـن حبي لأمّة أحــــمـــــد كوني على دين الكليم تعـبّدي
سأظل ذيّاك السموأل في الوفــــــا أسعدتُ في بغداد أم لم أسعد
وقدم هذه الأبيات الى المحامي سلمان بيّات الذي أوصلها الى الفريق صالح مهدي عماش نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية عن طريق أخيه سكرتير مجلس الوزراء صلاح الدين بيّات. أستحسن عماش هذه الأبيات، وكان هو نفسه أديباً شاعرا، فحدثه صلاح بيات بامر اعتقاله فاستغربه لأنه لم يكن يعلم عنه شيئاً. وفي الحال كلم مدير الأمن العام حامد العاني تلفونياً وأمره باطلاق سراحه..
تبرع بمكتبته للعراق :
يقول عنه المحامي علي حسين محيميد … مير بصري هو أديب وشاعر واقتصادي عراقي ولد ف بغداد عام 1911م وتوفي في لندن عام 2005م .. ولد مير لعائلة يهودية عراقية اصيلة عرفت باسم عبوديا حيث كان والده شاؤول بصري تاجراً للقماش في بغداد ووالدته من عائلة دنكور التي ينتمي لها أكبر حاخامات يهود العراق. وكان احد شخصياتها (عمه) الذي كان يشغل منصب رئيس المحكمة الشرعية , ببغداد 1848،ويبين المحيميد. تخرج بصري من جامعة بغداد … حيث درس في مجال الاقتصاد … شغل العديد من المناصب في العراق , منها منصب رئيس غرفة تجارة بغداد في عام 1943 وقبلها عمل مديراً عاماً في وزارة الخارجية العراقية، العراق بعد الهجرة الكبيرة .. التي قام بها يهود العراق نهاية الأربعينيات وبداية الخمسينيات مع ما يقارب العشرة آلاف يهودي آخر حيث رفض مير بصري .. فكرة الهجرة إلى إسرائيل وترك العراق،حيث شغل بصري منصب رئيس فخري للطائفة اليهودية في العراق خلال فترة نهاية الستينيات،ولكن مع بداية السبعينيات واشتداد المضايقات عليه من قبل السلطة غادر العراق بشكل نهائي إلى بريطانياعام 1974م بعد فترة من المضايقات والسجن والإقامة الجبرية .. وسلسة من الإعدامات العلنية التي شملت عدداً من اليهود في بغداد وكان بذك آخر رئيس للطائفة اليهودية في العراق.و يجدر بالذكر أنه وقبيل مغادرته للعراق تبرع بمكتبته الشخصية والتي تضم حوالي أربعة آلاف كتاب هدية للمكتبة الوطنية العراقية له العديد من المؤلفات باللغة العربية يبلغ عددها حوالي الأربعين تتراوح ما بين الشعر والاقتصاد والسياسة والتوثيق التاريخي.
حرب حزيران والطائفة اليهودية:
.......................................
ثم جاءت حرب حزيران، وهزمت اسرائيل الجيوش العربية واحتلت الضفة الغربية، وانعكس ذلك سلبا على من بقي من اليهود في العراق، حيث فرضت عليهم احكام قاسية وجردوا من حقوقهم المدنية .. وسجن العديد منهم وخطف آخرون وقتلوا..!!
يروي مير بصري: «كنت حينذاك رئيسا فخريا للطائفة اليهودية، وقد جرى اعتقالي لمدة شهرين .. بسبب ما كنت ابذله من جهود للدفاع عن ابناء طائفتي… وكتبت الى احمد حسن البكر والى صدام حسين , رسائل اطالب فيها بحقوق المواطنين اليهود الذين بدأوا يهربون من البلد , تباعا. وفي الوقت الذي منعت فيه عنهم جوازات السفر، فان اغلبهم فر عن طريق ايران. واستطيع ان اقول انني تمكنت، الى حد ما، بمراجعاتي للمسؤولين ورسائلي الى رئيس الجمهورية، ان اخرج الكثيرين من السجن , وتخليص بعضهم من القتل».
كان القنصل البريطاني في بغداد (الذي يباشر عمله لرعاية شؤون الانكليز في العراق من مكتب في السفارة السويدية بسبب قطع العلاقات بين لندن وبغداد اواسط السبعينات) يزور مير بصري .. في دار الطائفة اليهودية، مرة في الاسبوع، لكي يزوده بالاستمارات المطلوبة للحصول على سمات الدخول الى بريطانيا.
الشوق لمدينته بغداد :
يقول مير بصري : كنت أباً لأربع فتيات، عايدة في الكلية التكنولوجية , ونورا قد تخرجت من الثانوية والصغيرتان في المدارس، ومن الصعب قطعهن .. عن دراستهن وتشويش مستقبلهن… لكن لما رأينا ان اكثرية اليهود يرحلون بالتدريج، بدأت البنات بالالحاح عليَّ بالسفر، فتركت بيتي في حي السعدون وأخذت اسرتي وسافرت…. وقد صادرت الحكومة العراقية , بيتي وسيارتي، غادر مير بصري العراق، مع زوجته السيدة مارسيل هارون مصري، دامعي الأعين. لقد فارق المدينة التي ولد فيها عام 1911 في محلة «تحت التكية»، قرب سوق السراي، وفيها عاش ومات .. والده تاجر القماش شاؤول بصري، وفيها عاشت وماتت والدته فرحة، ابنة الحاخام الاكبر عزرا دنكور،لفظ مير بصري انفاسه الاخيرة في غربته التي قضاها في لندن عام 2006 ، وقد عاش خواطره .. وهو يتوق الى استعادة ولو لحظة على شاطىء دجلة ، وكثيرا ما تجده يتغزل ببغداد التي عشقها .. حيث يقول وهو في غربته” :
على الاوطان في جبل وسهل…
سلام الله عطر من سلام…
.بلادي حبها مددي وديني…
تغلغل في الجوارح والعظام…
هي الأم التي خلقت كياني…
وجادت بالحشاشة والقوام…
فيا للحسن من بغداد أضفى …
على الوديان وشيا والآكام…
مغان قد صفا فيها شرابي….
وراق العيش في عز المقام.
توفي في لندن عام 2006م
رحم الله الشاعر مير بصري
وإلى حلقة قادمة من سلسلة
شعراء منسيون من بلادي
علاء الأديب
1-8-2016
تونس - نابل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق