العدد الثامن 2017
شهوة سريالية ..
للشاعر التونسي صلاح داود
مابعد ليلة المؤامرة ..
ليلة سقوط بغداد..
*
لَكَمْ أشتهي أن أكون أميرا
دمي عربيّ ٌأروم القصورا
وأهْوَى المراكب من كلّ لوْن
عليها زهورٌ تدوس زهورا
ولي صولجان وتاج وعرش
وحولي الحشود تُحَنّي الظهورا
وتسعى لدي بكل اندفاع
تقبّل رجْلي سجودا وقورا
طوابير جيش تحيط بذاتي
وتركل بالرِّجْل تُدْمي الظهورا
وأهوى الجواري وأهوى الغواني
وأهوى الشذوذ وأهوى الخمورا
أبيت مساءا بأحضان " ليْلى"
وفي الصبح تسعى على الصدر"نُورا"
ويحلو لديّ افتكاك النّساء
وهتك العروض صغيرا كبيرا
أدمّر كل اعتراض لرأيي
وأسحق مثل البعوض الفقيرا
وأهْدم مَن لا يُماشي هواي
ومن يستغيث احتجاجا مريرا
أهدّ النفوس وأجني الرؤوس
وإن لزم الأمر أفني القبورا ..
*
ومازلت أهوى أكون أميرا
بأمري الأمور تصير أمورا
وأعقد صفقة رهن لأرض
عليها الجدود أقروا المصيرا
وللغاصبين أكون خدوما
أبيع البلاد عبادا ودورا
فتحْتَ المناضد حفنة ُ حلوى
و في البنك يحبو رصيدي حبورا
وأفتح بحري لأسطولِ عاٍد
ليطعن جارا ويبنيَ سورا
ويسحق نخلا ويرجم جسرا
وينكح جهرا بنات بكورا
ويرتع بالعرض والطّول رقصا
بأفلام عهر تهُزّ ُ السريرا
مساجدُ هدَّ الرّجيم ذُراها
وباسْم الحمائم داس الحصيرا
وأعلن للعالمِين بيانا
بأنّه جاء ليحْمي الطيورا
ويحْمي الفَراش وحتى الجراد
ويحمي المحيط بحارا وبُورا
ويُجرِي الصحارَى مَغارسَ قمح
ومشْتلَ ورد يعُجّ عطورا
ويبذُرَ في كُلِّ شبْرٍ إخاءا
يُدمْقِرُ في الحين ما كان زورا
ومازلت أبغي مزيد الخطايا
وألوان قمْع يزيد الشّرورا
وحولي القوافي تُوقِّع لحْنًا
ومَلا َّقُ لفْظٍ يُذكِّي العصيرا
ويُجْري المَقالَ وراءَ المَقالِ
بِأصنافِ مَدْحٍ يعُجّ بَخورا
برغم المهانةِ تَثْغو الشّفاهُ
قصائدَ نَظْمٍ ترُجُّ البُحُورا
*
كأنْ لمْ يعدْ في الصدور قُلوب
ترفرف عشقا وضوءا ونورا
كأنّ الزمان زمان المواشي
هواها هواها تلوك الفطيرا
كأنّ الزّهورَ أبتْها العطورُ
فبات الرّحيق يَعاف الزهورا
كأنّ الغيومَ على النجم هاجت
فولّى النّجوم الثبورَ الثبورا
كأنّ البحارَ من الحوت فرّت
ففرّ الّرمال يُِردْن القمورا
وهام النّوارس صَْوب الفيافي
وعاج الهدير يعادي الهديرا
*
كأنّ النّسورَ أضاعت ذراها
فأضحى الصّواب بأنْ لا تطيرا
كأنّ الفحولةَ قد زوّجوها
بِمُومسِ غولٍ تَهِرّ هريرا
كأنّ العروبة قد حبّلوها
بِمَنْيٍ لَطيخٍ من البَغْي زورا
فبات القرارُ يقوده أعمى
يقوده أعْورُ يلعنُ نورا
وخلْف الثُّنائي أصَمُّ يغنّي
لأخْرسَ يلمسُ فحْلا مثيرا
وخلفَ الجميع بَغِيٌّ عجوزٌ
تَدَلَّى قَفاها دِلاء ذفيرا..
*
وأهوَى أخيرا يَحُلّ الأوانُ
فتعْوِي السّنون تدكّ ُالشّهورا
ويفْلت ِمن قبضة الدهر عمري
لأعلنَ توًّا قراري الأخيرا
بأنّي أنا مَنْ كرهتُ صِفاتي
وأنّي حَكمْتُ أُزيحُ الأميرا
وما عُدْت أقْوَى أطيقُ ذفيري
ونَتْنَ الدّعاياتِ تُعمي السّطورا
وجَرَّ الأساَرى عُراة جِهارا
وهتْكَ المَحارم هتْكا سفيرا
وقرّرْتُ أُفلِتُ مِن نَتْن ذاتي
لعلّ الورود تعِيد العطورا
وقبْل الرّحيل أرجّج شعبا
رضِيّا سَكوتا أضاع المصيرا
وأَخْصِي بَقايا شِباه الرّجال
فإنّ الرّجالَ أضاعوا الذُّكُورا
وبعدُ أرَجِّم بالشمس رسْمي
بنرجس عشقِي الذي لن يطيرا
وكلّ َ الذين بتسعٍ وتسعيـ
نَ صَبُّوا القِداح ونالوا القصورا ..
*
فإنْ ما ذهبْنا بعيدا بعيدا
تركْنا الزّوايا تُوشِّي الصّدورا
وإنْ ما ذهبْنا جميعا جميعًا
إباءُ البلادِ يعود أميرا.
*
صلاح داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق