العدد الحادي عشر لسنة 2017
قصيدة العدد
للشاعر العراقي المرحوم جميل صدقي الزهاوي
جميل
صدقي بن محمد فيضي بن الملا أحمد بابان الزهاوي.
ولد في بغداد عام 1863م وتوفي بها
في 24 فبراير 1936م،
ونشأ ودرس على يد أبيه وعلى يد علماء عصره، وعين مدرسًا في مدرسة
السليمانية ببغداد عام 1885م،
وهو شاب ثم عين عضواً في مجلس المعارف عام 1887م،
ثم
مديراً لمطبعة الولاية ومحرراً لجريدة الزوراء عام 1890م،
وبعدها عين عضواً في محكمة
استئناف بغداد عام 1892م،
وسافر إلى إسطنبول عام 1896م، فأعجب برجالها ومفكريها ،
وبعد
اعلان العمل بالدستور في عام 1908م، عين أستاذًا للفلسفة الإسلامية في دار الفنون بإسطنبول
ثم عاد لبغداد، وعين أستاذاً في مدرسة الحقوق،
وعند تأسيس الحكومة العراقية عين عضواً
في مجلس الأعيان.
ونظم الشعر باللغة العربية واللغة الفارسية،
وتميز إنتاج جميل صدقي
الزهاوي بالكثرة والتنوع بين الشعر والنثر.
وكان فخورا ومعتدا بنفسه فكتب عن نفسه في
أواخر حياته قائلا: "كنت في صباي أسمى (المجنون) لحركاتي غير المألوفة،
وفي شبابي
(الطائش) لنزعتي إلى الطرب، وفي كهولتي (الجرىء) لمقاومتي الاستبداد،
وفي شيخوختي
(الزنديق) لمجاهرتي بآرائي الفلسفية"،
وكان يجاهر بإيمانه في نظرية التطور ويخالف
آراء المجتمع العربي في وقته وينعتها بالجهل والتخلف،
ونسبت إليه الزندقة في أواخر
حياته لكثرة تفلسفه في العلوم،
ولكنه كان مسلما ولم يكن ملحدا على الرغم من شيوع ذلك
عند عامة الناس،
وله شعر جميل في وصف الذات الالهية وجمال صنع الخالق،
وله مقالات فلسفية
في كبريات المجلات العربية. وكان له مجلس يحفل بأهل العلم والأدب، وأحد مجالسه في مقهى
الشط وله مجلس آخر يقيمه عصر كل يوم في قهوة رشيد حميد في الباب الشرقي من بغداد، واتخذ
في آخر أيامه مجلساً في مقهى أمين في شارع الرشيد وعرفت هذه القهوة فيما بعد بقهوة
الزهاوي، ولقد كان مولعاً بلعبة الدامة وله فيها تفنن غريب، وكان من المترددين على
مجالسه الشاعر معروف الرصافي، والأستاذ إبراهيم صالح شكر، والشاعر عبد الرحمن البناء،
وكانت مجالسه لا تخلو من أدب ومساجلة ونكات ومداعبات شعرية، وكانت له كلمة الفصل عند
كل مناقشة ومناظرة.
الشيخ..
قَد كنت في درب ببغداد ماشياً
وَبَغداد فيها للمشاة دروبُ
فَصادَفَت شيخاً قد حنى الدهر ظهرَه
له فوق مستن الطَريق دَبيبُ
عليه ثياب رثة غير أنها نظاف
فَلَم تدنس لهن جيوبُ
تدلّ غضونٌ في وَسيع جبينه
عَلى أنه بين الشيوخ كَئيبُ
يَسير الهُوَينا وَالجماهير خلفه
يسبونه وَالشيخ لَيسَ يجيبُ
له وقفة يقوى بها ثم شهقة
تكادَ لها نفس الشَفيق تذوبُ
فَساءَلت من هَذا فَقالَ مجاوب
هوَ الحق جاءَ اليوم فهو غَريبُ
فجئت إليه ناصراً ومؤازراً
وَدَمعي لإشفاقي عليه صَبيبُ
وَقلت له إنا غَريبان ههنا
وكل غَريب للغريب نَسيبُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق