العدد الحادي عشر لسنة 2017
إبحار..في متاهات أنفاسها..
الشاعر التونسي صلاح داود .
هــذي الشـفـاه.. تلـفّـحـتْ أنفـاسُـهـا
وعلى العيون العُسْل..ضجَّ نعاسُهـا
لاتنطقـي..فأنـا الذي سكِـرَ الـهـوى
وتـوقّـدتْ راحــي وأهــوتْ كـاسُـهــــا
وأنا الذي شرِب السحاب وما ارْتوى
وجـرتْ بـه صـوْب السّمَا أفراسها
وتـلـقــتفـــتْـــه جــهــنــمٌ بـحـمـيــمـهــا
فـأبــتْ تـؤَذيــه الـلـظــى أقـبـاسُـهــا
وتحضّنـتـه الـحُــور بـيــن جِنـــانـهـــا
وتـراقـصـت أثــمــارهــا وغِـراســهــا
لـكـنــه افــتــقــد الـتـــي مـــا بِـالـدُّنــى
أو بالـجـنـان المنْـعَـمـات مَـقـاسُـهــا
**
لا هِــيَّ مــاء كــي يَهــيـج عُبـابـهـــا
أو هِـيَّ ضــوءٌ كــي يـئِـزَّ لِمــاسـهــا
أو هـيَّ كــفُّ الـدهر يُـطلب وِدّهــا
أو هــيَّ أهــــوال يُـهــاب شِـراسـهــا
أو هيَّ عين الشمس تكتحل الغما
مَ ولا مِـنَ الأصداف سطَّـع مـاسُهـا
أو هـيَّ بـرْقُ الفجـر يغمِـز للـطِّـــلا..
فيليـنُ فـي مُـقَـل الـنّـدَى أوراسُـهـــا
أو هيَّ جفْن الليل يرمُش في الدجى
أو هـيَّ غُـرّ الشَّــعْــر مـاج نُواسُـهـا
**
أنا مطلبي.. تلك التي ما اشكّـلـت:
خلع العجابَ على النُّهى ميّاسُـهــا
فلعلـــهــا.. شــيء يلــوّنـه الـضـنـــى..
أو وهــمُ بِـيـدٍ غـــرّرتْ أوْجــاسُـهــا
ولعلها اللاشيْءُ ..مِن بِدَع الوَرى:
أضـغــاثُ تـهـويـــمٍ يـعــزّ فِـراسـهـا
لسْـت الـذي يـدَع الجُنـونَ لغـيـــره..
مِن رِعشة الظلماء ضاءَ غلاسُـهــــــا
كم بـتُّ أرمُـق قفْـزكِ فـوق السمَـــا
ومَفـارشُ الشِّعـرَى يُلألِـئ ماسُـها
وتُسابقيـن الآلَ فـي خـفَـق الـفَـلا..
تَبْـغـيـن دنْـيــا لا يـنــالُ مَسـاسُـهـا
تتخلّلـيـن الـنـورَ أرْكــض خلـفـــكِ
ومـواقِــعُ الأقـــدامِ حُـمَّ مَـدَاسُـهــــا
وبمحْفـل الأوْصـابِ علّمَـنـا اللِّـقـَـا
أنّ السُّـكـاتَ عــن اللُّـغَـى أنّاسُـهـا
وتنسّمتْ نفَسي المضمـّخَ باللظـى
مِـن حُرقـة النهـديْـن رَفّ لبــاسُـهـا
وتـذوّبــتْ آهِــي تُـمـاهِـي آهَـــهـا
فكأنّ ذي حممٌ...وتلك غِماسُهـا
فتكلـمـتْ كــلُّ الـعـبـاد سُكــاتَــنــا
وتكتّمـتْ فُصْـحُ اللُّغَـــى وحِباسُهـا
خضْـرُ الطيـورِ دنَـتْ تَـدِلُّ دلالـَنــا
وريـاشُهـا بيـضٌ يَموج مَجاسُها
وتركّـعـتْ تحْـنـي الـرقـابَ كـأنّـما
قــد أمّـرُوهـا الـكـونَ..ذا قُدّاسُـهـا
فصبــبْـتُ روحي للنديــم سُـلافــةً
فتفجّرتْ من حَرّ رُوحِيَ كاسُهـا
وكأنـنـــا بتْــنـــــا نسيــرُ إلى الورَا..
ودليلُنـــا عَـــبــْـر الدهـــورِ هُلاسهــا
ووجدْتُنـي أبحـرْتُ صـوْب عـيونهـا
وزوارقـــي .. تجـتـاحُـهـا أنـفـاسُـهـا
فمتـى سألـتَ القلـبَ عــنْ سكْـراتِـه
قال:الهَوَى خمري..وأنتَ نُواسُهــا!
صلاح داود
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق