بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 مارس 2018

العدد الثالث لسنة 2018 غَنَّيتُ باسمِكِ للشاعر السوري عوض فلاحة


العدد الثالث لسنة 2018

غَنَّيتُ باسمِكِ

للشاعر السوري عوض فلاحة




ـــــــــــــ

تَفَطَّرَ القلبُ مِنْ حُزنٍ ومـِنْ كَمَـدِ
والعينُ تَهمي لِما قد حَلَّ في بلـدي

دمشقُ هذي ومَنْ يَشْـتَمَّ تُربَتَهـا
أغنَتْهُ عن رِيحِ زَهْرٍ في الصَّباحِ نَدي

ضَوْعُ الشَّهـادةِ في أرجائِها عَبِقٌ
تَهُـبُّ أنسامُهُ في القـُوْرِ والوَهـَدِ

يا شارِيَ العِطرِ هاكَ المِسكَ مِن دَمِنا !
وغَيـرَ مَورِدِنا السَّلسـالِ لا تـَرِدِ

عُبَّ الرَّحيقَ ، فنَهْرُ الشَـّامِ مُصطَفِقٌ
يَجُـودُ للزّائِـرِ الصـَّدْيانِ بالشَّهَـدِ

ومَتِّـعِ النَّفْسَ فـي أفيـاءِ غُوطَتِهـا
وأَلْـقِ رَحلَـكَ ، لا تَجْنِفْ ولا تَحـِدِ

أرضُ الكرامةِ والأبطالِ كم صَمَدَتْ
ورامَهـا طـامعٌ من سالـِفِ الأمـَدِ

وشَيـخُ جَولانِنا يَقـظـانُ يَحرُسُهـا
مَهـابةُ الشَّيبِ أَعيَـتْ زِينـةَ البُجـُدِ !

وقاسَيونُ هنا رَمْزُ الشّموخِ سَمـا
ما ضـَرَّهُ راعِـشُ الزِّلـزالِ والمَيَدِِ

ديارُ عِـزٍّ لهـا من عَهـدِ جِدَّتـِهـا
من أوَّلِ الدَّهرِ مَوفـورٍ إلى الأبَدِ

ودارُ فِـكْـرٍ وعلـمٍ راحَ يقـصِـدُهـا
من كلِّ فـَجٍّ شَغوفٌ للعلـومِ صَدِي

كأنَّهـا البيـتُ مَعمـوراً يُطـافُ بِـهِ
وخـَبَّ عامِـدُهُ فـي النَّجْدِ والجـَدَدِ

حتّى روَتْهُ بكـأسِ العلـمِ مُغتَبِقـاً
مِنْ رائِقِ الفِكْرِ مَهدِيّاً إلى الرَّشَدِ

أقـامَ يَنهَلُ ثَرّاً من مساجدِهـا
وعـادَ يحمِلُ نوراً حُسْـنَ مُعتَقـَدِ

وأمَّـهـا وافِدٌ كـانتْ لهُ وَطَنـاً
نِعـمَ البـلادُ شآمُ الجُـودِ والرَّفَـدِ

لهفي عليها وقد مالَ الزَّمانُ بها
وانتابَها القَهْرُ ظُلماً والزَّمانُ رَدِي !

عَدَتْ عليها عَوادي الشَّرِّ واتَّقَـدتْ
نيرانُ حربٍ طَغَتْ في مُسعَرِ الوَقَدِ

وحَلَّ بؤسٌ بهـا مِنْ بعـدِ ما تَـرَفٍ
وبُدِّلَـتْ شِقـوةً باليُسـرِ والـرَّغـَدِ

لكنّهـا أرضُ فرسانٍ لـهـم هِمـَمٌ
ما كانَ هَمُّهُمُ ما مُحْدَثُ العُـدَدِ

طوبى لأشرافِها يوم الوَغى ادَّرَعوا
دُروعَ صَبرٍ فما خـابتْ حِجى الجَلَـدِ

للهِ درّهـُمُ إذْ شـَدَّ صـائـلُـهـُمْ
على الطّغـاةِ كسيـفٍ صـارِمٍ فَرَدِ

هُمُ الرّجالُ سَمَوا في كلِّ مُعتَركٍ
أغنَـوا بعَزمتِهِمْ عن وافـِرِ العَـدَدِ

وإن تَرُمْ مَدَداً في مُلتـقىً لَجـِبٍ
يكفيكَ واحـدُهُمْ عن صَولةِ المـَدَدِ

بَنو أميّـةَ والتـَّاريخُ يعـرِفُهـمْ
فمـا أقامـوا على ذُلٍّ ولا ضَمَـدِ

لَمّـا أتَتْهُمْ جيوشُ الرّومِ صاخبةً
هَبُـّوا خِفافاً وردُّوا عَدْوةً لِعَدِي

وأسَّسوا دولةً للعُربِ مفخـرةً
وأثَّلـوها على صَلـْدٍ مِنَ العَـمـَدِ

فالخيلُ راقِصةٌ ، والبِيضُ طاعِنةٌ
في حَدِّها الحَدُّ بينَ الحَقِّ والفَنَدِ !

لا تَجزَعي يا شآمي هذهِ مِحَنٌ
ليسـتْ تَـدومُ وسيفٌ بارِقٌ بِيـَدِ

صَبـراً بلادي فمـا تُرديكِ نازلـةٌ
ما زلتِ مَحروسةً من واحِـدٍ صَمَدِ

وَلْتَنْهَضي يا منارَ الشَّرقِ من عَثَرٍ
. يا ملعبَ الصِّيدِ رُدِّي ماضِيَ التـَّلَـدِ

إنِّي أحبـُّكِ حُبـّاً ليس يَعـدِلُهُ
حُبـِّي البنيـنَ ، وهُـمْ هَدْيٌ بلا رَدَدِ

من أجلِكِ الرّوحُ يا فيحاءُ أرخِصُها
فكيـفَ أبخَـلُ بالأهليـنَ والوَلـَدِ ؟!

غنَّيتُ باسمـِكِ والرَّاياتُ خافـقـةٌ
ورُحـتُ أنقُشُـهُ في القلـبِ والخَلـَدِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق