العدد الخامس لسنة 2018 خاص بالشهر الفضيل
في مدح الحبيبِ
الشاعر الأردني حسن الكوفحي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )
حَبِيبٌ بالْجَمالِ لَقَدْ أتانا
إلى سُبُلِ الْهُدى رِفْقاً دَعانا
بِوَحْيٍ في الْحَلاوَةِ فاقَ شَهْداً
وَقَلْبٍ في النُّهى مَلَكَ اللِّسانا
وَمَنْ رَفَضَ الْجَمالَ غَدا طَرِيداً
لِنَفْسٍ راحَ يَكْتَسِبُ الْهَوانا
( 2 )
وَيَأْسِرُنِي الْبَهاءُ إذا أبانا
وَيَصْهَرُنِي بِعِشْقٍ لا يُدانى
وَهالاتٍ لِألْماسٍ ضِياءٌ
بَرِيقُ الْحُبِّ مِنْ حُسْنٍ كَسانا
وَمَنْ نَكَثَ الْهَوَى هذا جُنُونٌ
حَبِيبُ اللهِ عَنْ هذا نَهانا
( 3 )
إلى حِبٍّ شَفِيعٍ جاشَ تَوْقِي
نِداءُ الرُّوحِ يَرْفَعُنا مَكانا
نَصيرُ بِعِشْقِهِ بَشَراً تَسامَى
وَمِنْ مَرَضٍ نُداوي مَنْ عَصانا
مُحَمَّدُنا لِأرْواحٍ هَواءٌ
وَهذا الْكونُ دونَ الْحِبِّ هانا
( 4 )
وَشَمْسٌ للنُّبُوَّةِ في سُطُوعٍ
وَلَيْلُ الْجَهْلِ وَلَّى مِنْ سَمانا
وَأصْنامٍ تَهاوَتْ مِنْ ضِياهُ
بِوَحْدانِيَّةٍ للهِ دانا
فَمَنْ تَبِعَ النَّبِيَّ يَظَلُّ شَمْساً
مُتارِكُهُ بِهِ الْإظْلامُ رانا
( 5 )
رَسُولُ الله شِرْعَتُهُ غَناءٌ
بِها الْإصْلاحُ لِلْأزْمانِ كانا
وَأصْحابٍ جِبالُ الْأرْضِ شُمٌّ
على نَهْجٍ لَقَدْ لَزِموا الْبَنانا
وَلَوْ رُمْنا الْهِدايَةَ مِنْ سِواهُ
فَعَقْلُ الْإنْسِ جِمْعاً ما هَدانا
( 6 )
وَأرْشَدَنا لِآخِرَةٍ وَدُنْيا
وَخَيْرُ الزَّرْعِ يُعْطِينا الْأمانا
وَعَلَّمَنا دُرُوبَ الْمَجْدِ حَصْراً
إلى الْعَلْياءِ ما أسمى نِدانا
وَإنْ نَهْدِمْ هُنا نَلْقَ الدَّواهِي
غَداً نُجْزى بِما كَسَبَتْ يَدانا
( 7 )
وَفي التَّرْهِيبِ والتَّرْغِيبِ عَقْلٌ
لِنَفْسٍ في تَقَلُّبِها جَوانا
طَبِيبٌ لِلنُّفُوسِ بِها عَلِيمٌ
وَمَنْ يَأْبَ الْعِلاجَ غَدا مُدانا
فّقِيرٌ أوْ غَنِيٌّ لَيْسَ شَيْئاً
بَياضُ الْقَلْبِ بالْأبدانِ بانا
( 8 )
وَفي عَدْلٍ وَأخْلاقٍ حَياةٌ
يُجَلِّيها جَمالُ الْحَقِّ زانا
رَسُولُ اللهِ بالْأحْكام يُسْرٌ
بِقُرْآنٍ وَسُنَّتِهِ حَمانا
وَإنْسانٍ بِلا هَدْيٍ جَمادٌ
لُهُ الشَّيْطانُ في غيٍّ أعانا
( 9 )
وَآمِنَةٌ بِهِ تَرْقَى الْعَنانا
فَقَدْ حَظِيَتْ بِأحْمَدَ يا هَنانا
وَفي حَمْلٍ بِهِ الْآياتُ تَتْرى
رَأتْ فَرَحاً أضاءَ بِهِ الزَّمانا
مَهِيبٌ في طُفُولَتِهِ أمينٌ
وَنَفْسٍ عَنْ هَوَى الْأطْفالِ صانا
( 10 )
يَتِيماً عاشَ في ظِلٍّ لِجَدٍ
وَعِنْدَ الْعَمِّ قَدْ وَجَدَ الْحَنانا
حَلِيمَةُ بالْحَبِيبِ رَأتْ مَلاكاً
وَطاهِرَةٌ لُهُ وَهَبَتْ جَنانا
وَفي غارٍ تَعالى صَوْتُ إقْرَأْ
وَتَحْرِيرٍ لِكلِّ النَّاسِ حانا
( 11 )
وَفارَقَهُ بِعامِ الْحُزْنِ عَمٌّ
وَزَوْجٌ في الْعُلا سَكَنَتْ جِنانا
وَكانَ بِطائفٍ قَوْمٌ لِئامٌ
وَلَوْلا عَطْفِهِ كانوا حَزانا
وَسَلْمانٌ هَدِيَّتُنا كَرِيمٌ
وَسَعْياً لِلْهِدايَةِ إصْطَفانا
( 12 )
لِإسْراءٍ وَمِعْرجٍ دَعاهُ
إلى شَرَفٍ بِقُرْبٍ جَلَّ شانا
حَبِيْبُ اللهِ مَحْبٌورٌ كَثيراً
رَأى الْآياتِ ماثِلَةً عَيانا
بِجَنَّاتٍ وَنِيرانٍ أُناسٌ
سَعِيدٌ أوْ شَقُيٌّ مُنْتَهانا
( 13 )
بِهِجْرَتِهِ تَغَيَّرَ كُلُّ شَيءٍ
لِإسْلامٍ جَمِيعُ الْخَلْقِ دانا
مُهاجِرَةٌ وَأنْصارٌ سَواءٌ
هُما لِلْحُبِّ شَمْسٌ في سَمانا
وَمُجْتَمَعُ الْمَدِينَةِ لا يُضاهى
عَلى أُسِّ الْفَضِيلَةِ مُبْتَدانا
( 14 )
رِسالَتُهُ لِكُلِّ النَّاسِ طُرَّاً
فَلا إكْراهُ هذا ما أتانا
إلى وَسَطِيَّةٍ بالْعَدْلِ يَسْعَى
لِعِدْوانٍ فَلا يَرْضَى الرِّهانا
مُحَمَّدُنا هُوَ الْقُرْآنُ يَمْشِي
عَلى خُطُواتِهِ يَرْبُو سَنانا
( 15 )
وَفي بَدْرٍ فَإنَّ الشِّرْكَ وَلَّى
وَطابَ الْجُرْحُ بَعْضاً مِنْ أسانا
وَمَكَّةَ لِلْفُتُوحِ غَدَتْ طَرِيقاً
وَبِالْإسْلامِ دَوْلَتُهُ أبانا
نِداءُ اللهِ قَدْ عَمَّ الْبَرايا
عَلى وَجْهِ الْبَسِيطَةِ قَدْ ذَرانا
( 16 )
عَلى رُومٍ يَدُ الْأبْطالِ تَقْضي
أكاسِرَةٌ لَقَدْ شَرِبَتْ دَوانا
فُتُوحاتٌ مَدَى الْأزْمانِ نُورٌ
وَنُورُ اللهِ حَقٌّ حَيْثُ كانا
وَدارَ بِنا زَمانُ اللهِ حتَّى
تُرابُ الْأرْضِ عَنْ قَصْدٍ نَسانا
( 17 )
وَصارَ الدِّينُ يُقْصَى عَنْ حَياةٍ
جَمِيعُ الْخَلْقِ عَنْ قَوْسٍ رَمانا
أبالِسَةٌ لِهذا الدِّينِ عابوا
زَعاماتٌ لَأوَّلُ مَنْ خَزانا
شُعُوبُ الرَّقْصِ تَنْبُحُ في غِناءٍ
فَأحْلامُ الْقَطِيعِ غِذا رٌؤانا
( 18 )
أبالِسَةٌ لِأمَّتِنا أضاعُوا
أسافِلَةٌ لَقَدْ عَبَدوا عِدانا
وَآلَ الْحُكْمُ مَسْخَرَةٌ وَفَوْضَى
وَحاضِرُنا لِماضِينا نَعانا
وَلَيْسَ بِغَيْرِ قادَتِنا فَلاحٌ !!
فَمَرْجِعُهُمْ لِشَيْطانٍ شَوانا
( 19 )
بِلادُ الْعُرْبِ مَزْرَعَةُ الْأعادي
نَصِيبُ الْأُسْدِ يَأكُلُهُ سِوانا
عَبيدٌ نَحْنُ في أرْضٍ لِجَدٍّ
رَغِيفُ الْخُبْزِ مِنْ حُزْنٍ بَكانا
لَقَدْ عُدْنا قَبائلَ في نِزاعٍ
وَفي شِعْبٍ يُحاصِرُنا غَبانا
( 20 )
رَسُولُ اللهِ مِنْ خَجَلٍ أُوارى
فَسَوْأتُنا لَتَخْجَلُ أنْ تَرانا
وَراحُوا لِلْقُمامَةِ مِثْلُ فَأرٍ
بِمَزْبَلَةٍ لَقَدْ وَجَدوا الْأمانا
عَجِيبٌ أمْرُ أمَّتِنا غَرِيبٌ
رَسُولُ اللهِ مَنْهَجُهُ شِفانا
( 21 )
وَمَظْلُومٌ يُمَجِّدُ كُلَّ بَغْيٍ
وَمَقْتولٌ لِقَتْلٍ ما أدانا
ضَلالٌ فيهِ يَرْسو مَنْ تَعامى
جَوائزُهُ نَجِيعٌ مِنْ دِمانا
وَخَوَّانٌ بِمَنْزِلَةٍ تِسامَتْ
وَمُتَّهَمٌ بِإرْهابٍ أخانا
( 22 )
سَلامٌ لا سَلاماً بَعْدَ ذُلٍّ
بِهذا قالَ تارِيخٌ زَرانا
على نارٍ على مَهْلٍ صُراخٌ
طَعامُ الصُّبْحِ في ظُهْرٍ عَشانا
بِأنْفُسِنا لِأنْفُسِنا نُعَزِّي
وَأنْفُسُنا تُرى تَرْضَى عَزانا !!
( 23 )
تَجَلَّى الْحَرْفُ مِنْ أمَلٍ رَجانا
وَذاعَ الطِّيبُ في زَمَنٍ نَفانا
وَمُحْبُوبٌ بِهِ الْأشْعارُ جَذْلَى
أسَطِّرِها بِنَبْضٍ مِنْ هَوانا
وَمَدْحُ مُحَمَّدٍ مِعْراجُ حُبٍّ
فَيا رَبِّي فَلا تُقْصِي دُعانا
( 24 )
فلِسْطِينٌ وَسُورِيّا تُعانِي
وَفي لِيبْيا وَفي يَمَنٍ حَزَانا
وَعاصِمَةُ الرَّشِيدِ غَدَتْ بَواحاً
وَكِسْرى مِنْ جَدِيدٍ في حِمانا
وَفي مِصْرٍ وَفي بُورْما بَلاءٌ
بِحَقِّ مُحَمَّدٍ إكْشِفْ بَلانا
( 25 )
صَلاةُ اللهِ بَلَّلَها دُموعٌ
وَشَوقٌ لِلْحَبِيبِ لَقَدْ كَوانا
وَماءُ الْبَحْرِ في عَطَشٍ قَلِيلٌ
وَرُؤيا الْحِبِّ مِنْ وَلَهٍ كَفانا
وفي ذا الشَّهْرِ يا رَبِّي رَجاءٌ
يَرى ظَمِئٌ بَرِيقاً مِنْ مُنانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي / حسن علي محمود الكوفحي .. الأردن / إربد
** الأحد ** 20 / 5 / 2018 ** 4 / رمضان المبارك / 1439 / هجري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق