العدد الخامس لسنة 2018
مهرجان الأدب والفنون في بوسالم انتقالة ملحوظة في المشهد الثقافي التونسي..
بقلم :علاء الأديب
وأنا في بغداد بين الأهل والأحبة والأصدقاء فوجئت بدعوة أنيقة كريمة من إدارة مهرجان ربيع الأدب والفنون بنسخته32 في مدينة بوسالم التابعة لولاية جندوبة .وكانت الدعوة ممضيّة بامضاء الاخ والصديق الشاعر التونسي معز العكايشي الرجل الذي أكنّ له كلّ التقدير والاحترام لكياسته وحسن أخلاقه.
ومن الجميل حقا بأن موعد اقامة المهرجان كان بعد موعد عودتي الى تونس الحبيبة .
أسعدتني هذه الدعوة وزادتني سعادة بعد أن اطلعت على برنامجها الفخم الذي اعده رئيس المهرجان مع زملائه الذين كانوا يعملون بمهنيّة عالية كخلية نحل .ولفت انتباهي في ذلك البرنامج التنويع في الدعوات لشخصيات ادبية مرموقة من دول عربية واجنبية مما أضفى عليه صبغة العالمية الحقيقية وليست التمويهية التي اعتاد عليها الكثير من منظمي المهرجانات التجارية الشكلية التي يسعى منظموها في اغلب الاحيان للكسب المادي لا أكثر دون الإهتمام بالنوعية التي تترك لوحدها الأثر البالغ في المشهد الثقافي.
وصلنا الى مدينة بوسالم في ولاية جندوبة وهي مدينة صغيرة بمساحتها كبيرة بقلوب أهلها الذين استقبلونا بحفاوة وتكريم كبيرين أثارا فينا الخجل .ايقنت حين وصلت المدينة بأن المنظمين لهذا المهرجان كان هدفهم الأول أن يقولوا للعالم أجمع بأن تلك المدينة الصغيرة ليست أصغر من أن تكون مدينة تونسية تنبض بالشعر والادب والفن وليست أقل من ان تكون شريانا من شرايين القلب التونسي النابض بالمحبة وحب الحياة والتطلع الى مشهد ثقافي صحي حقيقي صادق.
وكان هذا الانطباع الأول الذي تجسد جليّا لي وانا اقرأ في عيون المنظمين العزم والإرادة على تحمل تلك المسؤولية الجليلة والتعامل معها بحرفيّة عالية وروحية تغلب عليها اولا الانسانية الانيقة.
ومن الجدير بالذكر بأن الدورة الثانية والثلاثين تعني الكثير من المعاني اولها مايلفت الانتباه لعمر هذا المهرجان فليس من اليسير على مهرجان ثقافي ان يستمر لاثنين وثلاثين عاما في زمان وظروف قاسية كالتي تمر فيها المشاهد الثقافية في اغلب بلداننا العربية بسبب التغييرات السياسية وما ترتب عليها من منغصات واثار سلبية على الادب والثقافة.
ومن هنا جاء الانطباع الثاني الذي أكد لي مصداقية من عملوا على تنظيم هذا المهرجان وحرصوا على ديمومته وتطويره الى ان وصل الى ماهو عليه في دورته لهذا العام بدون اي شك .
لقد حرص مدير المهرجان وزملائه على ان يختاروا لضيوفهم المكان الملائم لاسكانهم فاختاروا عين دراهم التي تبعد عن بوسالم اقل من ساعة وهيأوا لهم واسطة النقل المريحة التي تنقلهم من والى مكان اقامة الأنشطة في دار الثقافة في بوسالم.ومن هنا جاء الانطباع الثالث الذي الذي تجسد في حرص المنظمين على راحة ضيوفهم من جانب وعلى حرصهم الكبير بأن يكون لمهرجانهم دورا كبيرا في تعريف ضيوفهم بمناطق سياحية جميلة في تونس الجميلة الرائعة اضافة الى الرحلة التي نظموها للمكان الذي اوصى به الطبيب أبا القاسم الشابي للاستشفاء.ومن هنا كان الانطباع الثالث الذي أكد لي بعد النظر في التنظيم والاعداد الذان تجسد فيهما الوازع الوطني.
وما ان بدأت فعاليات المهرجان حتى تواصلت الانطباعات الايجابية عنه ومنها ما كان مثيرا للدهشة بالنسبة لي على الاقل فتعاون السلطات مع ادارة المهرجان كان يوحي الى الاهتمام الكبير من قبل تلك السلطات بالحركة الادبية والثقافية في ولاية جندوبة ومعتمية بوسالم .
ولم تكن التغطية الاعلامية المحلية والوطنية بعيدة عن دورها الايجابي الكبير في تغطية هذا المهرجان اذاعيا وتلفزيونيا.
لقد استفدت شخصيا من مشاركتي في هذا المهرجان فوائد كثيرة أشكر عليها من دعاني اليه بكل الحب والتقدير.
وكان من متطلبات الأمانة الثقافية أن انقل اليكم كل هذه الانطباعات بتجرد لأني وجدت في مهرجان ربيع الادب والفنون في بوسالم فعلا انتقالة ملحوظة نحو الأفضل في المشهد الثقافي التونسي.
تحية تقدير واجلال لكل المنظمين والعاملين على ماقدموه لتونس ولضيوف تونس.
علاء الاديب
تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق