العدد السادس لسنة 2018
من المنتقيات .. وسراجا منيرا
الشاعر السوري عمر هزاع
هذه القطعة هي توطئة ديوان السيرة النبوية ( وسراجًا منيرًا ... ) الذي تجاوز 1250 بيتًا شعريًّا على بحر واحد وروي واحد لا تتكرر فيه لفظة واحدة على مدار الديوان كاملًا , سأحاول نشر بعض فصوله إن شاء الله لاحقًا
( لاتنسونا من صالح دعائكم )
ـــــــــــــــــــــــــــ
تَوطِئَة :
( إِرهاصاتُ فِكرَةِ الدِّيوانِ وَدَوافِعُهُ - الصِّراعُ الذَّاتِيُّ - إِبَّانَ الشُّرُوعِ بِهِ )
ـــــــــــــــــــــــــــ
أَصمَى صِيامَ القَناني مَن وَقانيها
وَصَوتُ صَمتيَ أَسقَى مَن سَقانيها
( أَأَنتَ أَنتَ ؟ )
( نَعَم )
( أَثبِتْ هَواكَ إِذًا )
( هَبْ أَنَّني هِبتُها )
( فَاثبَتْ , وَهَبنيها . قُلْ )
قُلتُ : ( لا , أَبَدًا )
( لا بُدَّ ) - قالَ - ( فَثُبْ )
( أَيهاتَ ) قُلتُ
فَقالَ : ( الآهُ تَثبيها )
وَيحي ؛ وَوَيحَ حِوارَ الشِّعرِ لِي ؛ ومَعِي
هاها - بِحارِنَةٍ ما – دَعُّ حاريها
ظَلَلتُ في قُمقُمِ الأَسرارِ أَقمَعُها
فَثارَ مارِدُهُ الثَّرثارُ يُفشيها
دُوَّامةً ؛ لُجَّةُ الدَّمعاتِ تَقذِفُها
جَمرًا ؛ وَلَجلَجَةُ الحَسراتِ تَجليها
تَنُّورُها قَفَصُ الأَضلاعِ , مِرجَلُها
جَوى حُشاشةِ مَفؤُودٍ يُفاديها
وَزَفرةً ؛ ما يَكادُ الصَّدرُ يَكتُمُها
إلَّا تَدافَعتِ الآهاتُ تَدويها
بَرقِيَّةً ؛ ذَبذَباتُ التَّوقِ تَجذِبُها
تِلقاءَ قِبلَةِ أشواقٍ أُوَلِّيها
تَفَجَّرتْ بِوَرِيدِ السِّلكِ فَانتَثَرَتْ
خَثارةُ السَّكتِ شِعرًا مِن تَشَظِّيها
شَجا نَشيجِيَ كَلٌّ , وَالكَلامُ دَمٌ
وَرِعدَةُ الرُّعبِ في الأَحناءِ تَغثيها
وَسَفسَفُ القَلَقِ الفَتَّاكِ يَقلَعُني
مِن تُربةِ الحُلمِ - جُذمورًا - وَيَسفيها
ما بينَ خَيفَةِ خافيها وَخِيفَتِهِ
عُرى الرَّوائِعِ تَعروني , وَأَعريها
وَهاجِسٌ مِن خَفِيِّ الشَّوقِ يَلمِزُني
بِقَبضةٍ تَعصِرُ الأَحشاءَ , تَلويها
( قُمْ ؛ ناجِ رَبَّكَ ) - صاحَ الشِّعرُ - ( مُبتَهِلًا )
وَناحتِ الرُّوحُ : ( أَخلِصْها لِباريها )
فَهَيَّجَ الحِبرُ في سُهدِ الدَّواةِ رُؤَى
وَراوَدَتني رُؤَىً أُخرى تُوازيها
وَعادَني " هُدهُدُ " الآمالِ يُبلِغُني
بَشائِرًا هَدهَدَتني < عَن " بَلاقيها " >
أَلقَتْ عَلَيَّ " قَمِيصَ " النُّورِ , فَاصطَخَبَتْ
مَشاعِري تَتَمَحَّى في تَحَمِّيها
فَسِرتُ < وَحدِي بِها لِلطُّورِ > يَصعَقُني
< إِذا اتَّحَدتُ وَ طَورَ الشِّعرِ > حاديها
بِريشَةٍ – بِيَدي – فَوقَ السُّطورِ عَدَتْ
كَضامِرٍ خَبَّ فَوقَ البِيدِ يَطويها
لَها اضطِباحُ جَموحٍ في تَثَبُّتِها
وَحَمحَماتُ لَحوحٍ في تَثَنِّيها
يا خازِنَ الشِّعرِ < يا قَلبي > أَأَنتَ تَرى
بِأَنَّ نَبضَكَ أَهلٌ في تَأَسِّيها ؟
أَلقَتْ إِلَيكَ يَدُ الأَحلامِ زُخرُفَها
وَعَلَّلَتكَ بِآمالٍ أَماليها
فَجِئتَ تَختَطُّ إِصحاحَ التَّوَهُّجِ في
دُجى الخطيئَةِ , وَالإِلحاحُ يُوهيها
أَنَّى احتَطَبتَ يَبابًا في تَكَرُّرِها
تَلقَ الوَقودَ شِهابًا في تَكَرِّيها
فَلا تُحاولْ بِها استِنساخَ فِطرَةَ ما
يَخشاهُ شِعرُكَ مِن طَفراتِ " صِبغيها "
وَضاءَةُ السِّيرةِ الغرَّاءِ مُعجِزَةٌ
أَضوتْ قَرائِحَهُم , فانهَدَّ قافيها
فَما عَمَدتَ إِلى استِدماعِ أَخيِلَةٍ
وَجَدتَ – قَبلَكَ – آلافًا تُباكيها
وَما التَفَتَّ لِكَيفِيَّاتِها انفَلَتَتْ
عَنِ الرَّقابةِ كَمِّيَّاتُ حاويها
أَتَحجِرُ البَحرَ في صَلصالِ خابِيَةٍ ؟!
أَمْ تَحجُبُ الشَّمسَ بِالغِربالِ تَخبيها ؟!
أَمْ تَسلُكُ السُّبُحاتِ - الخَرزَ - تَحسَبُها
قلائدَ الدُّرِّ – مَخدوعًا – تُوَشِّيها ؟!
< دُجىً > إِلى كُوَّةِ المِشكاةِ < مُدَّخَلًا >
مَدَدتَ عَينَكَ ! قِفْ ؛ وَاستَفتِ غاديها
ضَوءُ المَسيرةِ ! وَهجُ الحَقِّ ! كيفَ لَهُ تَصَدَّعَ البَدرُ !! نادى المُنتَهى : ( وِيها ) !!
إِذا التَمَستَ إِلى جَوزائِهِ سَبَبًا
أَطلِقْ جَوارِحَكَ العَطشى لِساقيها
واختَرْ خُيُوطَكَ إِمَّا شِئتَ تَسدِفُها
بِنَولِ شِعرِكَ أَثوابًا , وَتَسديها
< مُسَبَّقًا > ؛ أَنتَ تَدري أَنَّ آيَتَهُ
حَتَّى الخَيالُ تَرَدَّى عَن مَراقيها
لَكِنَّ عُذرَكَ فيها حُبُّ صاحِبِها
وَأَدمُعٌ سَلَّ < هُدبَ العَينِ > ماقيها
يا مَن حَطَمتَ بِقَدُّومِ الهُدَى صَنَمًا
مِنَ الغَوايَةِ , شِعرُ الأَمسِ طاميها
" نِمرُودُ " عُمرِكَ ما زالَتْ مَواقِدُهُ
مُسَعَّراتٍ , فَرِدْ وَالزَمْ مَواقيها
يا سادِنَ الشِّعرِ < يا قَلبي > وَلَستَ سِوى
مُتَيَّمٍ يَتَخَشَّى مِن تَأَتِّيها
أَمِثلُ وَجدِكَ يَجدو في مَجاوِدِها ؟!
وَمِثلُ حَرفِكَ يَحفو في تَحَفِّيها ؟!
إِذا أَطَقتَ مُضِيًّا , فاستَمِرَّ بِها
وَاستَنكِرِ النَّفسَ , وَاربأ عَن مَعاصيها
لَعَلَّ طَبعَكَ يَصفو , وَالعُيُونُ ترى
وَعَلَّ رُوحَكَ تَسمو عَن مَلاهيها
مَن يَبتَعِ النَّفسَ لَم تَنفَعْهُ بَيعَتُهُ
وَمَن يَبِعْها فَإِنَّ اللَّهَ يَشريها
لَئِن أَرادَ - بِكَ < اللَّهُ > التَّمامَ - لَها
اسَتَمسِكْ
وَإِنَّكَ - < ما أَخلَصتَ > - مُنهيها ...
يُحَملِقُ اللَّيلُ في ما - هَهُنا وَهُنا
وَما هُناكَ هُناكَ - النُّورُ مُغشيها
وَما لَدَيكَ لَدَيكَ , اعلَمْ بِأَنَّكَ لَم
تُعجِزْ , فَبادِئُكَ الخَلَّاقُ باديها
أَلجَأتَ نَفسَكَ < مُغتَرًّا > إِلى جِهَةٍ
< بِجاهِ شِعرِكَ > , وَاستَكفَيتَ تَوجيها
بِهِ تَوَسَّمتَ أَن تَجتازَ مَهمَهَةً
وَظِلتَ تَأمَلُ < مُهتَمًّا > تَماهيها
يا ناقِعًا - مِن فَسيخِ الدَّمعِ - مَشرَبَةً
كَأَنَّما مِن رَحيقٍ < أَنتَ > ناقيها
هِيَ ابتِكارُكَ ؛ لا يَفجَعْكَ ما اختَلَسُوا
< لَصقًا لِقَصٍّ > , فَما يَمزيكَ يَمزيها
جَفِيرُ صَدرِكَ يَقفو العَجزَ ؛ رَميَتُهُ
رَوِيُّها كَنِبالٍ في مَراميها
تَختَصُّ مِنها الذي يَعدُو ؛ فَتُتبِعَهُ
شُواظَ نارٍ لِعِفريتٍ مَساعيها
طَرائِدُ الشِّعرِ أَهدافٌ مُحَقَّقَةٌ
لِقَوسِ فِكرِكَ ما امتَدَّتْ بَواديها
تَختارُ مِنها وُحوشًا كَي تُرَوِّضَها
وَالدَّاجِناتِ – لِأهلِ الشِّعرِ – تُرخيها
فَتَعقِلُ الصُّوَرَ الفُضلَى كَأُضحِيَةٍ
طَعامُها الدَّمُ ؛ وَالدَّمعاتِ تَسقيها
حَتَّى إِذا ما دَعاها عِيدُها انطَلَقَتْ
لِلهاشِمِيِّ < فِداءً > في تَباريها
دَهِشتُ مِنِّيَ !! كيفَ اجَّرَّأَتْ فِكَري
تَنضيدَ شِعريَ في تَنبيهِ قاريها !؟
لِأَنْ نَظَلَّ مَعًا في ظِلِّ قامَةٍ مَن
بِهِ المَكارِمُ تَمَّتْ في مَعاليها
" مُحَمَّدٌ " ؛ صَلَواتُ اللَّهِ يَرفَعُهُ
بِها الإِلَهُ , وَيُخزي مَن يُجافيها
هُوَ النَّبِيُّ الذي استَسقى الظِّماءُ بِهِ
فاغدَودَقَ الماءُ بِالأَحياءِ يَرويها
هُوَ الرَّسولُ ؛ رَسيلُ الحَقِّ ؛ مُنقِذُها
وَالكَوكَبُ الصَّامِدُ الدُّرِّيُّ ؛ هاديها
تَبِعتُهُ , وَالشُّعاعُ الفَذُّ حاوَطَني
< وَهالَةُ النُّورِ تَستَهوي مُحِبِّيها >
فَراشةً ؛ وَجَناحاتي مُحَرَّقَةٌ
لَمَّا أَقَرَّ - بِأَطماعي - تَشَهِّيها
فَجِئتُهُ بِمَهِيضِ العَظمِ مِن لُغَةٍ
لَحمُ القَصيدَةِ سَقطٌ مِن تَعَضِّيها
بِحَبَّةِ القَلبِ مِن تَضلاعِ قافيةٍ
خَلفَ الرَّجاواتِ لِلمَولَى أُحَبِّيها
وَقَد نَظَرتُ لِما في راحَتَيَّ
مِنَ الذُّنُوبِ
فاستَنكَرَتْ نَفسي
تَعَطِّيها !
يا أَسعَدَ الخَلقِ ؛ ما عِندي سِوى أَمَلٍ
أَسعَى إِلَيكَ < بِهِ > نَفسي أُباهيها
بِأَن أَسيرَ على مَمشاكَ بَعضَ خُطىً
فَأَستَظِلَّ < هُدىً > في ظِلِّ ماشيها
ما بِاعتِفاريَ بِالآثارِ < مَرحَلَةً >
أَدنو إِلَيكَ , وَلَكِن ... بِاتِّباعيها
< عَبدًا > ظَنَنتُ بِرَبِّي أَن يُمَكِّنَني
وَاللَّهُ < عِندَ ظُنونِ العَبدِ > مُمضيها
فَسُخِّرَ الشِّعرُ لِي تَسخيرَ مُغتَرِفٍ
دُرَّ المُحيطاتِ إذ شَفَّتْ خَوابيها
فَبِتُّ أَمخَرُها طَورًا بِأَخيلَتي
وَتارَةً مُستَقَرَّاتي شَواطيها
كَأنَّني قَد رَكِبتُ البَحرَ , فَاتَّسَقَتْ
لِيَ المَراكِبُ , وَاصطَفَّتْ نَواتيها
حَتَّى بَدَتْ لِيَ جَنَّاتٌ عَرائِشُها
دَلَّتْ عَناقيدَها نَحوي بِدانيها
طَفِقتُ أَقطِفُ - < عَفوًا > - كُلَّ ناضِجَةٍ
فَعماءَ تَصفو لِساقيها دَواليها
وَمِن رَحيقِ انعِقادِ الوَردِ مَشرَبَةً
مَحَّضتُها دَمِيَ المَعقُودَ يُرشيها
ضَمَمتُ باقَةَ أَحلامٍ ؛ لِأَحمِلَها
إِضمامَةً لِإِمامِ الهَديِ أُهديها
الفُلُّ يَهتِفُ ؛ وَالجُورِيُّ في لَهَفٍ
وَالياسَمينُ وَلُوهٌ مَعْ أَقاحيها
يَستَنزِفُ الوَجدُ < مِن قَلبٍ سَكَنتَ بِهِ >
عُرُوقَ مُبتَسِمِ الدَّمعاتِ < جاريها >
هَذا التَّناقضُ في حالَيَّ مُعضِلَةٌ
فَدِيمَةُ الدَّمعِ جُرحُ الضِّحكِ يَهميها
وَدَمعُ عَينيَ في وَجهي ارتِسامُ دَمٍ
شّطُّ ابتِسامِ جِراحاتي مَراسيها
عُكَّازُ عُمريَ حُلمٌ قَد هَشَشتُ بِهِ
< على قَطِيعِ عَذاباتي > مَراعيها
تَرعَى - بِتِيهِيَ - تِيهَ الأَمسِ ؛ في سأَمٍ
وَتَقضَمُ الغَدَ ؛ بِاستِجرارِ ماضيها
عَلَيهِ نِصفُ اتِّكاءِ الـ( ــعُمـ/ ـــشِّعـ )ـرِ هَلهَلَةٌ
شَروَى دَراهِمِ لَذَّاتٍ تَلَهِّيها
وَنِصفُ مُتَّكَئي عُكَّازُ مَحبَرَةٍ
بِرَفرَفِ الوَرَقاتِ البِيضِ ؛ يَهريها
يا شِعرُ ؛ يا شِعرُ ؛ يَا لِلَّـهِ , كَيـفَ < إِذا
سِفرُ التَّراتِيـلِ قاواني > أُقاويها !؟
لَكَ التَجَأتُ - إلَهي - بِالدُّعاءِ , فَتَىً
تَنازَعَتهُ سِياقاتٌ يُقاسيها
شَبَّتْ عَنِ الطَّوقِ - في المَحبوبِ - فِكرَتُهُ
فَشَبَّ عَن فِكرَةِ التَّكرارِ , يَعصيها
لَيستْ لِمامَةَ مَدحٍ قَد سُبِقتُ لَهُ
وَإِنَّما < سِيرةَ " المَحمودِ " > أَحديها
فَكُلُّ مَدحٍ كَليلٌ عَن حِياطَةِ مَن
بِالمَدحِ رَفَّهَهُ مَولاهُ تَرفيها
< سُدىً > حَلَبتُ ضِروعَ الدَّمعِ مِن سُدُدٍ
حَتَّى تَكَزَّزَ في الهَيماءِ هاميها
فَما وَجَدتُ بِها شَيئًا أُساجِمُهُ
خَلا قَذى الإِثمِ يَذمي في صَواريها
غَذَذتُ شِعريَ لِلعَلياءَ راحِلَةً
وَما لَدَيَّ سِوى شَوقي يُغَذِّيها
بِهِ عَزَمتُ عَلى جُلَّى هُدِيتُ لَها
وَمُنتَهى الأَمَلِ المَنشودِ أُوفيها
حُبِّي لَها - < لِاقتِداءِ النَّهجِ > - أَرشَدَني
وَقادَني نَهجُها - < رُشدًا > - لِحُبِّيها
< تِيهًا > عَبَرتُ ! فَما آنَستُ دَمعَ هُدَىً
إِلَّا < عَلَى قَبَسِ العَبراتِ > آتيها
خَلَعتُ نَعلَ خَيالاتٍ تُؤَرِّقُنُي
لَمَّا مَكَثتُ بِواديها ؛ أُباديها :
( < بَعدَ السَّلامِ > وَ < بِاسمِ اللَّهِ > أَبدَؤُها ، وَ < بِالصَّلاةِ > عَلى الهادي < تَتاليها > )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق