بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 19 يونيو 2018

العدد السادس لسنة 2018 مِنْ بَغْدادَ إلى نابُل للشاعر العراقي الدكتور ابراهيم الفايز


العدد السادس لسنة 2018

مِنْ بَغْدادَ إلى نابُل
 
 للشاعر العراقي الدكتور ابراهيم الفايز 





قُمْ مُسْرِعاً وَاسْرِج الْعَوْصَاءَ 
رَاحِلَتِي فَإنَّ لِي مَوْعِداً في نابُلٍ وَ لَهَا

فَإنَّها نَاقَةٌ تَعْدو إذا أُمِرَتْ
وَلَيْلُها حِينَ تَطْوي الأَرْضَ ما وَلَهَا

سَفِينَةٌ تَمْخُرُ الصَّحْراءَ ، في دَمِها
رِيحُ الْعِراقِ، وَلَمْ تَتْعَبْ كَواحِلُها

أَطْلَقْتُ مِقْوَدَها وَالرَّحْلُ أَطْلَقَنِي
حَتَّى الْتَوَيْتُ على حِلْسٍ يُداخِلُها

قَالَتْ إلى تُونِسِ الْخَضْراءِ وِجْهَتُنا
لَعَلَّ في ساعَةٍ مِنْهَا نُساجِلُها

وَنَفْرُشُ الدَّرْبَ مِنْ بَغْدادَ أَوْسِمَةً
فَإنَّ في نابُلٍ تَشْدُو بَلابِلُها

مِنْ دارِ لَيْلَى وَقَدْ أَهْدَتْ ضَفائِرَها
قَصِيدَةً يَسْتَحِثُّ الرَّكْبَ حَامِلُها

فَصاغَها مَهْرَجانُ الضَّادِ ناطِقَةً
لَعَلَّها تُوقِظُ الدُّنْيا مَشَاعِلُها

دَعْها تَقُولُ لِمَنْ ضَاقَتْ دَواخِلُهُم
نَحْنُ الْبَدِيلُ اذا نامَتْ بَدائِلُها

وَنَحْنُ بَغْدادُ لا حَدٌّ يُفَرِّقُنَا
وَكُلُّنا أُمَّةٌ طابَتْ شَمائِلُها

بَغْدادُ ما هاجَرَتْ عَنْها نَوارِسُها
إِلَّا وَعَادَتْ إذا نامَتْ غَوائِلُها

كَمْ سَاوَمَتْها الأَعادِي في عَراقَتِها
فَمَا اسْتَكانَتْ وَلا ضَاقَتْ دَواخِلُها

فَبَيْتُ حِكْمَتِها ما زالَ مُحْتَسِباً
كَالنَّحْلِ يَبْدُو وَقَدْ رَاقَتْ مَناحِلُها

جاء الْخَليلُ فَأَلْقاها مُفَعَّلَةً
حتى اسْتَقامَتْ على بَحْرٍ سَواحِلُها

وَكانَتْ الْبَصْرَةُ الْفَيْحاءُ حَاضِنَةً
فاسْتَقْبَلَتْها لِتُبْقِيها فَسائِلُها

حَتَّى اسْتَقَرَّتْ وفِي بَغْدادَ مَرْتَعُها
كُلُّ الظِّباءِ وما كانَتْ تُبادِلُها

فَأَصْبَحَتْ كَعَروسِ الشَّرْقِ فاتِنَةً
وَكَعْبَةِ الْعِلْمِ لا تُحْصَى فَضائِلُها

ما بينَ بَغْدادَ والخَضْراءِ أَوْرِدَةٌ
تَرْوي الحَجِيجَ وَقَدْ بانَتْ مَجاهِلُها

جاءَ الأَديبُ لِيَبْني مِثْلَ حِكْمَتِهِ
بَيْتاً بِنابُلِ كَالمَأْمُونِ جاعِلُها

فَكانَ لِلْبَيْتِ اوْتاداً وَاعْمِدَةً
وَلِلثَّقافَةِ غِرِّيداً يُواصِلُها

وَها هُنَا مَهْرَجانُ الضَّادِ وَحَّدَها
وفِي غَدٍ تَمْلَأُ الدُّنْيا مَحافِلُها

حَيَّاكِ يا دُرَّةً في بَحْرِها صَدَحَتْ
أَيَّامُ مَجْدِكِ في زَهْوٍ نُطاوِلُها

مَدينةُ البُرْتَقالِ الْحِلْوِ تَحْضُنُهُ
قَدْ زانَ حُلَّتَها الْخَضْراءَ ساحِلُها

تَبْدُو مُنَسَّقَةً أَشْجارُ نَخْلَتِها
كَأَنَّما الدَّهْرُ في الأَحْلامِ شاتِلُها

بانَتْ عَمائِرُها بِيضاً كَنَوْرَسِها
وبِالزَّوارِقِ ما ضَاقَتْ سَواحِلُها

مَدينةُ الشِّعْرِ قَدْ ظَلَّ الأَديبُ بِهَا
كَأَنَّهُ في زَوَايَا الْعِلْمِ نادِلُُها

يا جَنَّةَ اللهِ إِنْ شَحَّتْ مَوارِدُها
مِنْ دارِ لَيْلََى وَإِنْ جَفَّت مَناهِلُها

فَمِنْكِ يا دُرَّةِ الْبَحْرَيْنِ مَوْرِدُها
وَأَنتِ أَهْلٌ اذا ضَاقَتْ مَداخِلُها

كُونِي عُكاظَاً اذا غَابَتْ مَجالِسُهُ
فَإنَّ أَرْضَكِ كَالْمِدْرارِ وابِلُها

أَوْ مِرْبَدَ الْبَصْرَةِ الْفَيْحاءِ مُشْرِقَةً
إِذْ كانَ فيها الْفَراهِيدي يُساجِلُها

يا دُرَّةَ الْبَحْرِ هِزِّي الشِّعْرَ مُجْتَمِعَاً
بَغْدادُ تَأْتي على يَخْتٍ شَناشِلُها

فَشِعْرُها دُرَرٌ مِنْ قاعِ أَبْحُرِها
أَمَّا الْبحورُ فَقَدْ أَغْناكِ قائِلُها

وَابْنِي النُّفوسَ فَإنَّ الْعِلْمَ يُوقِظُها
لِتَسْتَقِيمَ على حَدٍّ مَنازِلُها

وَأَيْقِظيها اذا نامَتْ بِغَفْلَتِها
وَسادَ فيها على ظُلْمٍ أَراذِلُها

فَإنَّنا أَمَّةٌ ما نامَ خاذِلُها
ولا تَنامُ على ضَيْمٍ أَوائِلُها

شُموسُها أَشْرَقَتْ عِلْمَاً وَعالَمُها
رَحْبٌ وَأَيّامُها مَجْدٌ تَداوُلُها

وَأَيْقَظَتْ أُمَمَاً عاشَتْ مَجاهِلَها
قَدْ عَشْعَشَ الجَّهْلُ في صَمْتٍ يُزاوِلُها

فَأَنْقَذَتْها لِتُحْييها بِمَا رُزِقَتْ
مِنْ الْعُلومِ وما زالَتْ تُواصِلُها

لكِنَّها أَنْكَرَتْها بَعْدَ يَقْظَتِها
وَأَمَّةُ الْخُبْثِ لا تَصْفو دَخائِلُها

يا دُرَّةَ الْبَحْرِ لَيْتَ الشِّعْرَ يوصِلُنِي
الى رُباكِ فما أَحْلى خَمائِلها

مِنِّي إلَيْكِ سَلامُ اللهِ ما طَلَعَتْ
شَمْسٌ وَمَرَّتْ على لَيْلَى تُقابِلُها
-------------------------------
معاني الكلمات
......................
وَلَهَ/ اشتَدَّ حُزنُهُ
ألْعَوْصاءُ / اسم ناقة عند العرب تمتاز بقوَّتها وسرعة جَرْيها
كَواحِل / جمع كاحِل وهو المفصل الذي يصل القدم بالساق .
الرَّحْل/ ما يوضع على ظهر الدَّابة للركوب .
حِلْس / كل ما يوضع على ظهر الدابة تحت الرَّحْل أو السرج
يريد شدَّةَ التصاقه بظهر ناقته.
العَراقَةُ/ ألأَصالة
ألْيَخْتُ / سفينة للتنزُّه وتكون شراعية أو بخاريَّة .
غَوائِل / جمع غائِلة وهي المصيبة، الداهية .
إسْتَكانَ / خَضَعَ وذَلَّ
................................................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق