مجلة صدى بغداد
العدد الخامس لسنة 2019
أدباء منسيون من بلادي / الجزء الثالث
الحلقة السادسة / الشاعرة الدكتورة عاتكة وهبي الخزرجي
تقديم / علاء الأديب
التقديم /
............
لقبت بالعديد من الألقاب التي تثير الرغبة في تصفح كلّ ماكتبت وما كتب عنها كالقديسة وعاشقة بغداد والمتصوفة وغير ذلك . وكانت لها بصمتها التي لايمكن لزمن أن ينساها أو يتناساها مادام هناك نسغ للشعر ونبض للكلمة والمعنى الأصيل . لقد قرأت لعاتكة وهبي الخزرجي دواوينها وأنا في الدراسة الثانوية وكنت شغوفا بإسلوبها الماتع الذي أشعرني باختلافها عن غيرها من شعراء زمنها وأهم ماشعرت به بأنها قد بقيت على عهد القصيدة الخليلية من جانب ومن جانب آخر سعت بالعديد من الأساليب إلى التجديد داخل العمود فمرّة بالتكرار الجميل في قصائدها للضمائر والصفات والصور الشعرية والجمل المركبة وتارة أخرى في اللعب الرشيق على القوافي وتغيير أنماطها المعهودة في الشعر القديم من خلال ماكتبته من رباعيات.
ها إضافة إلى تسخيرها الأسلوب الصوفي الذي كان الملاذ الوحيد للتعبير عن مكنونات النفس الشاعرة تحت وطأة التقاليد والأعراف .
من غير ماكانت تتصف به من مقدرة على إضافة نوع من أنواع الموسيقى على الإإيقاعات الشعربية المعهودة من خلال سهلها الممتنع ولغتها الرشيقة.
لقد عشت مع دواوين عاتكة وهبي الخزرجي وكتبها النثرية التي كانت تزخر بها مكتبة والدي رحمه الله ردحا مع الزمن دون أن أشعر بثقل في الساعات أو الأيام أو الشهور .
وكنت أدون لها في دفاتري الخاصة ماأشعر بأنه قريب منّي وأنا لم أبلغ العشرين من عمري بعد.
وما أن آن الأوان لأبحث عمّا كتب عنها وقيل حتى وجدتني أبحر في عالم أوسع من العالم الذي ابحرت فيه في العشرينيات من عمري.
فأنا الآن أمام ظاهرة لم أكتشف منها سابقا إلا ماكان يسمح به العمر والإدراك ومن خلال قراءتي لما كتبت.
إنّها المحيط الممتد من زمن العباس بن الأحنف والمتنبي إلى يومنا هذا بكلّ مايمكن أن يحوي هذا المحيط من الخبايا والخفايا والجمال الأخاذ الذي ترافقه الدهشة.
لم ولن أذكر بها وبمسيرتها بل أردت فقط إجلالا أن أسبق النسيان إليها من خلال ماجمعته عنها في هذا البحث من أبحاث ومقالات وحوارات كانت الأهم من بين ماوجدت .
فشكرا لكلّ من كتب وخلّد ودوّن الموروث الجميل للحفاظ عليه من الضياع.
نسأل الله تعالى أن نكون قد وفقنا في هذا
والحمد لله رب العالمين.
علاء الأديب
ولادتها :
................
ولدت الشاعرة عاتكة وهبي الخزرجي في عام 1924م ببغداد و بعد ستة اشهر من ولادتها توفي والدها ( و كان متصرفا للواء الموصل لفترة ) فكفلتها امها و ربتها التربية الحسنة فادخلتها المدارس الابتدائية و المتوسطة و الاعدادية في بغداد و هنا و خلال دراستها الثانوية انبجست منابع عيون الشعر في قريحتها فكانت لها قصائد جميلة في هذه الفترة و بعد تخرجها من الثانوية درست اللغة العربية بدار المعلمين العالية ببغداد فنالت اللسانس في الاداب عام 1945م فعينت بعد تخرجها مدرسة للادب العربي في ثانويات بغداد , ثم نقلت الى الارشاد في الوسائل التعليمية و الايضاح .تلّقت بكالوريا الفنون في معهد المعلمين العالي، ثم تسلمت وظيفتها كمعلمة .
الدكتوراة من جامعة السوربون :
.......................................
التحقت بجامعة السوربون عام 1950 وحصلت علي شهادة الدكتوراة عام 1955. نشرت مجموعة من أعمال الشاعرعباس بن الأحنف عام 1954. درّست اللغة العربية لاحقاً في معهد المعلمين العالي. كما نشرت عملاً عن الشاعر إسماعيل صبري.
أستاذة للأدب الحديث في جامعة بغداد :
..............................................
عينت مدرسة في قسم اللغة العربية بدار المعلمين العالية ( كلية التربية فيما بعد ) ثم استاذة للادب العربي الحديث في كلية التربية بجامعة بغداد , و بقيت في عملها حتى احيلت على التقاعد في اواخر الثمانينات انضمت الشاعرة عاتكة الى نادي القلم سنة 1957م .
عاتكة بين بغداد والعباس بن الأحنف والمتنبي:
......................................................
تعد عاتكة وهبي الخزرجي من ابرز شاعرات العراق في العصر الحديث ضم شعرها بين ابياته روح بغداد و عشقها و صوفيتها و شوقها للماضي و صبابتها للحاضر فقد نهلت من ثقافات مختلفة في دار المعلمين العالية و من خلال سفرها خارج العراق و مع ذلك فقد حصرت ادبها و شعرها في الادب العربي فقط , و كان لشعرها نزعة تقليدية لتأثرها بشعر العباس بن الاحنف والمتنبي , و طابع قصصي رائع و ابرز ما يتسم به شعرها النغمة ذاتية و موسيقى الرائعة.
رقة وموسيقى شعر عاتكة :
.................................
يزخرشعرها بموسيقاه الرقيقة فيجسد حبها للوطن الذي سكن روحها و خيالها و في شعرها ايضا قوة معنى و ترابط و تنسيق جميل لجسد القصيدة . تقول في قصيدة حب لوالدتها :
{اما هواك فلست من انساه
يوما اذا نسى المحب هواه
ابدا اراه تحير بين جوانحي
حبا لان جوانحي مأواه }
الدور الثقافي للشاعرة عاتكة وهبي الخزرجي :
......................................................
كان للشاعرة دورها الثقافي المميز من خلال حواراتها و ما تنشره من قصائد و كانت عاتكة عاشقة لبغداد و هي تسكن في بيت انيق تعتني به عناية فائقة و هي تعيش بين نباتاتها و ازهارها المختارة و اوراقها و كتبها و صورها التي كانت تعشقها كثيرا .. لم تستطع عاتكة فراق بغداد , كانت تلقي شعرها بنفسها في المحافل شعرا عذبا رقراقا بانغام ساحرة تأخذ بالوجدان و كانه سلاسل من الذهب تجود بها بين حين و اخر .
النزعة الصوفيّة في شعر عاتكة :
........................................
باتت النزعة الصوفية المنحى او السمة التي تميز الراقي في مخاطبتها للرمز سواء كان الغائب الحاضر من الوطن و هو الحب الاكبر و تتوسع دوائر هذا العطاء الوجداني لتشمل كل نبض القلب عند شاعرتنا الادبية و نابع من القلب و الوجدان .
{يهون عليك اليوم مثلي و لم اكن احسب يوما انني سأهون
يلذ لكم ذلي فانكر عزتي لديكم و يقسو قلبكم و الين} .
الشعراء الذين زامنتهم الشاعرة عاتكة وهبي الخزرجي :
......................................................................
الشاعر بدر شاكر
عبد الوهاب البياتي
نازك الملائكة
الشاعر شاذل
الشاعر بلند الحيدري
الشاعر كاظم جواد
الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد
لميعة عباس عمارة
محمد جميل شلش
الأسباب التي أخذت عاتكة الى الشعر الصوفي :
...........................................................
عاشت الشاعرة في مجتمع محافظ و رغم تحررها من خلال السفر لكنها تحاول ان ترضي هذا مجتمعها فاتخذت من الشعر الصوفي نوعا من الغزل المتخفي .
و قد برز هذا السلوك في شعر المرأة في ذلك العصر لاجتماع الموانع السلوكية وهيمنتها على الواقع.
إضافة إلى انها حفيدة صوفي خزرجي , دغدغ سمعها و هي بعد طفلة صوت والدها منشدا شعر ابيه و سواه من شعراء التصوف , اذ جمعت في شعرها بين رقة البحتري و غزل العباس بن الاحنف , و تعفف الشريف الرضي و استعطافه , و صوفية ابن الفارض و هيامه فهي ابنة الرصافة و ربيبة دار المعلمين.
بدايات مبكرة مع الشعر :
..................................
عكفت عاتكة على نظم الشعر منذ ان كانت في العاشرة من عمرها و نشرت منه و هي في الرابعة عشرة في الصحف العراقية , و كتبت مسرحية بعنوان ( مجنون ليلى ) و هي في السادسة عشرة في مرحلة الدراسة الاعدادية و طبعتها سنة 1963م في القاهرة و تنتهج فيها منهج احمد شوقي , و قد انتمت الى نادي القلم سنة 1957م و من دواوينها المطبوعة ( انفاس السحر ) حيث طبع في القاهرة سنة 1963م و ( لألاء القمر ) الذي طبع في القاهرة 1994م و لها ديوان مخطوط بعنوان ( افواف الزهر ) و عدد من المقالات المنشورة .
ديوانها الأول يحكي فترة تكوينها الأول :
................................................
و لابد من الاشارة الى ان ديوانها الاول لا يكشف لنا الا فترات التكوين الاولى , منها ما رافق فترة ( التلميذة والطالبة ) و منها ما رافق فترة التغرب في اوربا حيث نلمح فيه بداية التحرر الروحي و يقول عن هذا الامر الدكتور داود سلوم : اني ارى ان مادة هذا الشعر الوجداني الذي نسبته الشاعرة الى مسرحية علية بنت المهدي كان تهربا من الاعتراف بعواطفها في الفترة الاولى .
ديوانها الثاني يحكي حبا جديدا :
......................................
اما في ديوانها ( لألاء القمر ) فتظهر فيه القدسية و بين يديها حب جديد تعترف به و تنسبه الى نفسها لا الى علية بنت المهدي و هذا الحب الصوفي خلاصة تأمل في الذات الالهية , و اود ان اشير الى ان الشاعرة عاتكة الخزرجي على الرغم من انها عاشت في اول شبابها في مجتمع متحرر نوعا ما ثم سفرها الى فرنسا للدراسة و رجوعها بعد ذلك و هي تحمل دكتوراه الدولة في الادب العربي , و سلوكها بعد مجيئها من دراستها الى العراق سلوكا تحرريا و شعورها بالكثير من السعادة في حياتها الاولى قبل زواجها الاول الذي لم يكتب له الاستمرار , ثم في زواجها الثاني الذي هو الاخر لم يعمر طويلا نرى ان الشاعرة قد تغيرت في افكارها و اشعارها .
ثم ظهر في المرحلة الثالثة من حياتها نوع من التشاؤم ادى بها الى الاتجاه نحو شعر التصوف و العرفان .
قال عنها الأديب المصري أحمد حسن الزيّات :
.........................................................
و قد قال عنها الاديب المصري احمد حسن الزيات : { انها تدخل في الغزل بابا من ابواب الشعر لا مجرى من مجاري الشعور فهي تعبر بالفن لا بالوحي و تؤثر بالصنعة لا بالطبيعة}
و يشير الاديب المصري احمد حسن الزيات بان لقاءه بالشاعرة عاتكة الخزرجي و اصغاءه الى انشادها لمقاطع من شعرها بعثت في نفسه ذكريات ( مي زيادة ) التي اشتهرت بالقائها العذب للشعر و النثر.
الدكتور داود سلوم يطلق على عاتكة ..القديسة :
........................................................
اما الدكتور داود سلوم الذي اطلق عليها القديسة و ناداها به فيقول : ( ان القديسة في صلواتها الشعرية لا تتكلف في اختيارها فهي تشعر بالقرب ممن تخاطب , و تشعر انه قريب منها , ففي شعرها تنتفي القاعدة – لكل مقام مقال – و تستحيل الفاظها الى الفاظ هامسة بسيطة , الفاظها تشبه حوارا بين اثنين في روضة بعيدين عن الناس و الزحام و قد غابا عن الوجود حول منضدتهما احدهما ينظر في اعماق عيني الاخر فيقول ما يشعر بما يقوله , انه شعر يشبه النثر و نثر يشبه الشعر , انه صلاة قديسة ... و دعوة محتاج ).
غرض التصوف في شعر عاتكة ( الغزل الصوفي )
.............................................................
ان من يطلع على شعر عاتكة يلمس في تركيزها على موضوعات ( الحب و التصوف ) و هذا ما لاحظه الاديب احمد حسن الزيات فهي ربيبة الرصافة و نزيلة الكرخ حيث يتعطر بانفاس الملائكة و تحوم حول ارواح المتصوفين { كالجنيد البغدادي و الحلاج و معروف الكرخي } حيث ان الينابيع الصافية التي ارتوى من فيضها شعر الدكتورة عاتكة و الينابيع هي الله و الطبيعة و النفس.
و الينبوع القدسي هو اندى على كبدها و اروى لشعورها من الينبوع النفسي و الينبوع الطبيعي لانها حين تصف النفس او تصور الطبيعة يتمثل فيها بديع السماوات و الارض الذي احسن كل شيء خلقه و منح كل جميل جماله , فنسمعها تقول :
بالذي رقرق الصبابة في القلب و شى بالحب اثناء نفسي
و الذي برأ الحنايا و اصفاها صفاء الانداء في ضوء شمس
انت عندي معنى اجد الله حيالي في الصبح او حين امسي
( شهد الله لم يغيب عن جفوني شخصه لحظة و لم يخل حسي )
فهذا الحب الصوفي الالهي خلاصة تأمل في الذات الالهة و نوع من الذوبان في ذات الله , و ان هذا الشعر وليد التأمل و النضج الفكري و التقدم في الثقافة و التأثر بالنصوص الدينية و جذور النشأة الاولى
و هنا تستخدم الشاعرة كل ما استخدم غيرها من دلائل الربوبية و لكن كونها امرأة تجعل من شعرها عشقا يقوم بين اله روحاني و امرأة بشرية ذات لحم و دم .
الإبداع في التعبير الصوفي عن حالة حب حقيقي :
............................................................
الطريف في موضوع الغزل الصوفي إن هذا العشق الحاد بين الروح و المادة لم يتكرر بهذا الجمال و الصفاء و اللطف و الظرف منذ ان غنت رابعة العدوية النغم لنفس الاله .
و من خلال شعرها نراها تسجل اعترافاتها في اكثر من قصيدة عن مدى عشقها ( للاله )و تؤكد عليه و اذا كان هناك من يسألها ماذا تعشقين
اجابت :
اهوى الذي خلق الوجود من العدم
اهوى الذي سواك من لحم و دم
اهوى الذي شق الضياء عن الظلم
اهوى الذي علا و علم بالقلم
قالوا تعالى من له الملكوت من برأ النسم .
فيلحّ كيف ان الشاعرة تعشق ( الاله ) و تبين ان عشقها خالص لربها و لكنها في الوقت نفسه تعطي دليلا على ان عشقها موجه الى ( حبيب خيالي ) اذ تشخص بقولها :
اهوى الذي سواك من لحم و دم
فكيف تقدم دلائل لربوبية الاله و تتحدث عن حبها له ثم تعشق ما خلق الله
وتقول :
............
قالوا : و ماذا تعشقين ؟ فقلت سر الحسن كله
قالوا : و من ذا ؟ قلت ربي بارئ الكون جمله .
و نلمس عشق الشاعرة الى كل شيء جميل خلقه اله و بعد ذلك تؤكد محبتها للاله
فتقول :
احبك ... لو صح ان الهوى
تترجمه احرف او معان
احبك للحب لو اعربت
عن الحب قافية او بيان
و هنا تصرح الشاعرة بشكل مؤثر عن مدى تعشقها لربها اذ تصف ذلك الحب الذي يعجز عن وصفه اي شخص .
غزل صوفي منشطر إلى نصفين :
.............................................
يمكن تحديد خصائص هذا الغزل الصوفي الذي انشطر الى نصفين فنصفه الهي و نصفه بشري ... فهذا الغزل غير محدد بمستوى اجتماعي و ليس لهذا الموصوف ابعاد البشر الذي يتحرك بيننا و انما هو صورة – الرجل – الذي يعيش في قلب القديسة , هو – ادم – كما تريده حواء , فهي في رسم صورته لا تبرهن على انها كالشعراء الاخرين و الشاعرات الاخريات , فامرئ القيس حدد لنا مستوى من يحب , و عمر بن ابي ربيعة حدد لنا مستوى الكثيرات من اللواتي ذكرهن , حدد مستواهن في الجمال و المال و المركز و التربية و المزاج .
عاتكة من حب الأم إلى الوطن إلى الأمة إلى الإنسانية :
..................................................................
تدرّج حب عاتكة من حب الام و الاهل , الى حب بغداد و حب العراق و حب العرب و حب الامة العربية الاسلامية باسرها و حب الانسان .
تقول عن حبها للعراق :
{وطني العراق احبه او تبلغ الروح التراقي
هوى النخيل على ضفاف بحضن دجلة و السواقي}
و يمتد حبها من العراق ليشمل العروبة باسرها و جميع الامة العربية الاسلامية :
هواي بها , اني نذرت جوانحي الى كل شبر في العروبة ممتد .
{لقد جمعتنا يا فلسطين نكبة ...كما تجمع الاحزان شمل يتامى
فلسطين هيا ثورة عربية...... تصير ابراج الطغاة ركاما}
عاتكة ترى في وحدة العرب الرد الأمثل :
..................................................
و كانت عاتكة ترى ان ردّ الامة العربية على التحدي البريطاني الصهيوني ينبغي ان يتمثل في وحدة عربية تمنحنا القوة و الهيبة فتقول :
فلسطين حتام السكوت عليهم و قد حسبونا لانطيق كلاما
و مبدأ الوحدة الكبرى يقربنا قربا تخال بهلايوان اهراما
بيد ان عاتكة كانت تدرك انذاك ان الوحدة العربية لا تتحقق في مجتمعات ترزح تحت وطأة الجهل و المرض , و تنشغل قياداتها بسرقة اموال الشعب و اختلاس خزينة الدولة و لهذا اكثر شعرها الاجتماعي الذي يندد بهذه الاخلاق ..
و ان لمثلي ان تسالم دهرها و ليس له الا السفاهة مقصد؟
و انى لمثلي ان تسر بامة بها الفرد عبد المال و المال سيد؟
و لهذا فهي تستنهض الهمم و تدعو امتها الى ثورة خلقية من اجل الرجوع الى الدمن و الخلق القويم
بلاكم يا قوم امست عليلة ترجى دنو البرء و البرء يبعد
تمنيت لو عاد فينا محمد اذن لاتى بعد الظلالة يرشد
فعودوا الى ايمانكم بعد رجعة فعودكم للحفايا قوم احمد
و هكذا كانت عاطفتها القومية مقرونة بايمانها الاسلامي العميق و هذا واضح من اهدائها ديوانها الاول ( انفاس السحر ) { الى كل ناطق بالضاد و مؤمن بلغة القران , و مبارك لوحدة العرب اهدي تسبيحة لي في محراب الادب }.
عاتكة والمحبّة الخاصة لمصر :
.....................................
و جعلهاايمانها بالوحدة العربية تكن محبة خاصة لمصر بوصفها قلب البلدان العربية و اكبرها و اغناها فكرا و فنا فتقول من قصيدة طويلة بعنوان { مصر ساحرة التاريخ}
حبيبة الروح , يا روحي و يا ذاتي الشوق
يعصف بي لولا غلالاتي
يا مصر يا قبلة للفن باركها
روح القديرباي عبر ايات.
التكرار في شعر عاتكة الخزرجي :
.............................................
التكرار : ظاهرة شعرية درسها النقاد و لهم فيها نظرات نقدية متفاوتة تتصل بمواضع التكرار و طبائعه من جهة , و بمواقف النقاد و ثقافتهم من جهة اخرى.
و كان للمحدثين منهم عناية خاصة به لدوره في بناء القصيدة و نجاح الشاعر فيه بان يجعل لهذا التكرار خصيصة فنية تتصل ببناء القصيدة في التركيز على موقف من مواقفها كأن يكون هذا الموقف مثيرا في نفس الشاعر لونا من العاطفة و الشعور فيميل الى تكراره او توكيده او يكون له دور في استمرار موسيقى القصيدة و ادوارها و مقاطعها , و له اشكال قد تكون من القديم المدروس و قد تكون من اثار التطور في اشكال القصيدة الحديثة ... فقد اتخذت هذه الظاهرة مجالها في بناء قصيدة عاتكة و في كثير من المواقف و المواضع اذ استعملتها بالوان و اشكال متنوعة فمن تكرارها ..
تكرار الضمائر : و منها الضمير ( انا ) و ذلك في قولها :
.....................................................................
انا بنت كل العرب بنت بدايتها او حاضريها
مهدي الجزيرة انما قلبي توزع ساكنيها
انا ملكها انا نذرها انا صوتها الرنان فيها
انا زندها و زنادها انا درعها انا من يقيها
الموصول ( التي ) في ... تكرار الأسم
............................................
و انا التي ارهنت لديك الروح في نغم و لحن
و انا التي وقفت قوافيها عليك بغير وزن
و انا التي كشفت خوافيها لديك فكان فني
و انا التي لهجت بمولاها .. و الى الاك اعني .. ؟
انا بنتها انا نبتها انا من بروحي افتديها
تكرار للضمير المنفصل ( انت ) ...
................................................
انت الرفيع الحسن انت الذي سبحت فيك الله فيما خلق
انت الذي لولاه ما كان لي عين ترى النور و قلب خفق
انت لي الحب و انت الذي رقرق لي الوحي فروى و رق
فانت انت الحسن و الحب و الوحي فكل فيك منك اندفق ...
تكرار الالفاظ : و منه لفظة ( اواه ) في قولها :
..........................................................
اواه لو تدرين ما نلقى و قد بعد المزار !
اواه يا اماه هل لي ان ازور و ان ازار
تكرار التراكيب : و منه قولها :
...........................................
ومضى الشتاء ببرقه و رعوده من بعد ان غمر الانام بجوده
و مضى الشتاء على جناح سحابة متدثرا بغمامه و جليده
و مضى الشتاء ملفعا بفرائه و اتى الربيع بقرعه ويعيده
و مضى الشتاء بباكيات جفونه و اتى الربيع بضاحكات خدوده
و مضى الشتاء بدمدمات وعيده و اتى الربيع ببارقات وعوده
فقد تكررت جملة ( و مضى الشتاء ) اربع مرات , و تكررت جملة ( و اتى الربيع ) ثلاث مرات .
تكرار الاستفهام و منه في قولها :
........................................
أنحب من باع البلاد بمنصب فيه الصفار و فيه الاستعباد ..؟
أنحب من ضرب البلاد ببعضها فاذا بها شعل و ثم رماد ؟
أنحب من اورى الضغائن بيننا فاذا القلوب تضمها الاحقاد؟
أنحب جلادا تخفى هاربا اذ هاله الاجرام و الافساد ؟
تكررت همزة الاستفهام اربع مرات
-
و قد تكررت صيغة الاستفهام ( ماذا ) اربع مرات و ذلك في قولها :
ماذا ورائك يا ملاك السحر فاتنة الرجال
ماذا وراء الصمت ؟ هول قط لم يخطر ببال
ماذا ؟ ابيني ؟ افصحي رباه ان القول غال
سر كأسرار الكهوف
طوته بين السجوف
تكرار الصور و منه قولها :
....................................
يا ليلة ما كان الطف بردها بل ما احلى النار نجلس عندها
و الشاي اكؤسه تدار شهية ما بيننا و النار تسعر وقدها
و البرق يومض في الفضاء ملوحا و السحب قد وفدت لتذر جندها
و الرعد يقصف و الحيا غمر الدنى دررا بها بانت تصعر خدها
و الريح رددت القفار نشيجها ثكلى عدت تذري المدامع وحدها
و الروض مال و صفقت اغصانه و تعانقت نشوى بفيض غامر
و اذا السنابل من قصي حقولها رفعت الى الانواء مقلة شاكر
و الارض زاولها الشقاء و جاءها عهد الرخاء مع الغمام الماطر
فقد تكرر الايحاء الدلالي لقدوم المطر الذي يملأ حقول الارض حياة من خلال وميض البرق ,
و وفود السحاب التي توحي بمجيئه في قولها :
و البرق يومض في الفضاء ملوحا و السحب قد وفدت لتذر جندها
عاتكة وبحور الخليل :
................................
عندما تقرأ دواوين شعر عاتكة وهبي الخزرجي تدرك جليّا بأنها متقنة جدا لما خاضته من خلال قصائدها في بحور الشعر الخليلي فقد نظمت تلك القصائد على أغلب البحور دون مؤشر على هنّة وزنيّة أو كسر عروضي ولو بالصدفة هذا إضافة لما أضافته من موسيقاها الخاصة المتمثلة برقّة أسلوبها إلى ايقاعات الخليل لتكتمل الصورة عن نصوص أنيقة فارهة . وإذا أردنا أن نستدل بالشواهد فإن الموضوع سيطول عرضه .
عاتكة والقضيّة الفلسطينيّة :
...................................
عاشت الشاعرة عاتكة وهبي الخزرجي أيام اغتصاب فلسطين واحتلالها من قبل الكيان الصهيوني
في السنوات الاربع ( 1941- 1945) م .
وكانت آنذاك تدرس في دار المعلمين العالية في بغداد .وحيث كانت القضيّة الفلسطينية لهيبا في وجدان العرب .فكتبت كما كتب غيرها من الشعراء العراقيين الذين عاصروها عددا من القصائد لفلسطين كرد فعل طبيعي لمن يشعر بأن جزءا من وطنه العربي قد سلب منه وصبّت الشاعرة في قصائدها جمّ غضبها على بريطانيا التي كانت السبب الرئيس في هذا اإحتلال بسبب وعدها الأسود بإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين { وعد بلفور } المشؤوم.و وطالبت بتأجيج ثورة عاتية تسحق الطغاة المتواطئين مع المستعمرين.
فتقول في قصيدتها الطويلة
{فلسطين هيا ثورة عربية }
اليك عن الشكوى فلسطين اننا نفوس تحيااو تكون حطاما
العهود على الوفاء و هاك و اليك ذي يمناي في يمناك
بحبك و الذي يبرأ الهوى و اذاب روحي في سعير لظاك
ارعى العهد شأن متيم الى على الايام ان يهواك
هذا ماقاله نقّاد الشعر في شعرها :
..........................................
يرى النقاد ان شعرها واقعي اصيل مطبوع دون التكلف و يمتاز بالمحافظة على تقاليد الشعر و يزدان بموسيقى عذبة فيها براعة الايقاع و روعة النغم و تميل الشاعرة الى الشعر القصصي في الشعر العربي.
عاتكة تطوّع القافية دلالة على المهارة في رباعياتها :
................................................................
ذهبت الشاعرة في عدد من رباعياتها إلى تنويع القافية بشكل ملفت للنظر وخاصة في الفترة الشعريّة التي كتبت بها الشعر فهذا بحدّ ذاته كان يعتبر نوعا من أنواع التجديد على العمود .فنلاحظ هنا مثلا بأنها قد استخدمت قافية للأشطر الثلاث الأولى من بيتي الرباعية وقفلتهما في الشطر الرابع بقافية مغايرة عادت إليها بعد أن استخدمت قافية أخرى للأشطر الثلاث للبتين الثالث والرابع فقفلت بنفس ماقفلت به الشطر الرابع من البيتين الأوليين. وهذا مايحسب للشاعرة كدلالة من دلالات المهارة في تطويع القافية لجمالية القصيدة دون التأثير سلبا على وحدة العمود.
قالت الشاعرة :
........................
انت معنى الحب بل معنى الحياه انت نور فاض من نور الاله
انت يا اماه من قلبي مناه ايعيش المرء من دون الامل ؟
انت من بعد الله رمز يعبد تفتديه مهج بل اكبد
انت يا اماه سر سرمد ظل فيه الفكر منذ الازل
عاتكة وتجربة قافية السطر الواحد :
............................................
تجاوزت عاتكة وهبي الخزرجي القديم و احلت بدل نظام الصدر و العجز نظام الشطر الشعري و هذا ما لاحظناه في قصيدتها
اواه ما تدرين ما نلقى و قد بعد المزار
اواه يا اماه هل لي ان ازور و ان ازار
تحدث عنها الأستاذ سيار الجميل :
........................................
الذكرى القديمة
التقيت بها مرة واحدة في حياتي وانا على مقاعد الدراسة في واحد من مهرجانات الشعر والادب والثقافة التي كان العراقيون يعشقونها .. كنا نرصّ انفسنا رصا في قاعة كبرى بانتظار اطلالتها .. كانت صورتها في مخيلتي انها تعشق الالوان والبهرجة والالبسة الجميلة .. كان الصمت يخيم في تلك القاعة التي امتلأت بنا نحن طلبة واساتذة في واحد من ربيع بداية عقد السبعينيات ، وقد بدأ الموسم الثقافي لجامعة الموصل ، اذ كان من تقاليده وقت ذاك دعوة كبار المثقفين والمبدعين العرب لسماع ما يقولونه لنا .. دخلت برفقة رئيس جامعتنا وكان مثقفا بارعا قبل ان يكون رئيسا قديرا ، انه الدكتور محمد صادق المشاط ( المقيم في كندا حاليا والذي اعتز بصداقته اليوم اعتزازا كبيرا ) وضجت القاعة بالتصفيق وقام كل من كان جالسا احتراما لشاعرة مبدعة ذاع اسمها في الافاق .. جلست والابتسامة تملأ وجهها وقد بانت الكهولة عليها ، ولكنها لم تفتر عن اهتمامها بنفسها ومكياجها وملابسها المبهرجة الملونة .. اذ كانت ترى في ذلك جمالية من نوع خاص بها كفنانة تختلف عن بقية الناس .
قدمّها لنا رئيس الجامعة بعد ان حّياها بكلمة قصيرة ذكرنا بروائعها ، ثم خطت خطواتها معتلية المسرح وبدأت بعد ان ران الصمت ثانية الا من كلماتها التي جعلتنا نغرد معها في فضاء من الموحيات الجميلة في مناخ ملائكي رائع .. تذكرت البحتري في صوره عن الطبيعة وخمائلها الجميلة ، وطرق سمعي العباس بن الاحنف التي لم يعتن به احد كعناية عاتكة بسيرة حياته وبشعره الرائع .. تذكرت جرير وانا احرك يدي مع موسيقى عاتكة بكل عذوبة الانشاد وحلاوة الكلمات وطلاوتها .. كانت محاضرتها عن العباس بن الاحنف وشعره قد جعلتنا نسبح في بحر من الرومانسية برغم العوالم الكلاسيكية الرحبة وقرأت قصائده وقصائدها بصوت لم يزل يرن في اعماقي .
سيار الجميل يتحدث عن عاشقة بغداد
...........................................
لقد تخرج على يديها العدد الكبير من المثقفين والادباء والمبدعين والمبدعات ، وكانت استاذة ماهرة يعشق سماع محاضرتها الكبار والصغار .. كانت تهتم بموسيقى الشعر ورقته وترعى كل من تتلمس لديه موهبة الشعر ، وتشدد عليه حتى يصفو شاربه . وكان لها دورها الثقافي المتميز من خلال حواراتها وما تنشره من قصائد كنا نترقبها لتغدو حديثا بيننا نحن الشباب من المثقفين في اوائل تكويننا .. كانت عاتكة عاشقة لبغداد وهي تسكن في بيت انيق تعتني به عناية فائقة مع نباتاتها وازهارها واوراقها وكتبها وصورها التي تعشقها كثيرا .. لم تستطع عاتكة فراق بغداد ، ولكنها بارحتها وهي كلمى حزينة ولم ترجع اليها لأنها كما علمت قد تعذبت وألم بها القهر والاسى ، ولا ادري اين هي الان ، اذ ادعو المثقفين العراقيين اليوم ان يهتموا بها وبكل رموز العراق التي ابدعت وانتجت روائع الاعمال .. من وقد اجادت عاتكة حين انشدت :
بغداد ان ازف الوداع وصاح بي داعي الرحيل مناديا بنواك
وشددت من فوق الحشا واستعبدت عينان لم تدر البكا لولاك
لهواك زادي بل لقاك تولهي والعيش ان احيا على ذكراك
لولاك يا بغداد ما اخترت النوى وتركت امي والحمى لولاك
وعن عزلتها الروحانية ونتاجها الشعري يقول الأستاذ سيار الجميل :
...................................................................................
عاتكة تحب العزلة من اجل المناجاة وتذكر بأنها عرفت الله ومن ثم عرفت نفسها من خلال وحدتها التي تصفو نفسها فيها من كل الاكدار .. وقد كان لذلك تأثيره في ينبوع صفائها بذكرها الله كثيرا في قصائدها وكأنها في محراب تصوفي لا اول له ولا اخر .. تذكر ان ربة الشعر تتنزل عليها من اعالي السماوات على كل حين حيت يخيل اليها ان ثمة انجذاب وتعلق بها وهي من اسعد الناس بذلك .
اصدرت عاتكة عدة دواوين شعرية ، منها :
...................................................
" ديوان نوراني " في العشق الالهي وقصائدها روحانية نورانية تقارب المئتي قصيدة . وديوان " قصائد آخر " ، وديوان " من القلب الى القلب " وفيه معان انسانية خصبة تزخر بها رقة الشاعرة وشفافيتها . ومسرحية " علية بنت المهدي " الاميرة الشاعرة والموسيقارة المغنية .. ومن كتبها في الادب العربي : " من روائع الشعر العربي " وكتاب " من روائع الشعر الفرنسي " وكتاب " في أجواء الاثير " وكتاب " نسيب الشريف الرضي " وغير ذلك من المحاضرات والاعمال .
في حوار مع الشاعرة د. عاتكة وهبي الخزرجي :
..........................................................
سئلت د. عاتكة وهبي الخزرجي عن تأثير العباس بن الاحنف على شعرها, ولمن تكتب الشعر..؟ تجيب بعذوبة ورقة: ــ اكتب الشعر للاخرين ولذاتي, لاخرج عما في داخل نفسي من احاسيس, اما تأثير الاحنف على شعري فيعود الى انني من أسره دينية, وقد نشأت في بيئة محافظة تعنى بالقيم وتعتد بالمثل ووجدتني منذ نعومة اظفاري وانا احس بالايمان يجري في عروقي, كما أحس ان الله محيط بي من كل جهة وحين اكتب شعري ارى هذه القوة الخفية تملي علي ما اريد ان اكتبه. اما العباس بن الاحنف فشاعر احبه, وحبي له دفعني لكتابة اطروحتي في الدكتوراه عنه وقد نلتها من جامعة السوربون في باريس. * لنعد الى شعرك الذي يتناول قضايا العرب الكبرى.. أين نجدها فيه؟ ــ انا أول من دعا الى وحدة الصف في قصيدتي (وحدوا الصف), وانا أول من دعا ومازال يدعو الى وحدة العرب ويستفز الهم وقصيدتي (عيد العرب) شرفتها ليبيا العربية بأن جعلتها في مناهجها الدراسية.
في إجابة للشاعرة عن المكونات الأولى لشعرها, وما المؤثرات فيه؟
...............................................................................
ان القارىء لشعري يلحظ أول ما يلحظ فيه ذكري الدائم لله سبحانه فلا تكاد تخلو قصيدة منه, والاثر القرآني روحاً وشكلاً واضح فيه فهو موشى بآية وانت تحس ان الله سبحانه مهيمن في اجوائي الشعرية من الفها الى يائها. واسلوب شعري كما لا يخفى هو السهل الممتنع, المطيع المعجز, القريب المحال, بلاشك الاسلوب الأول هو النمط الذي يجب ان يشار اليه, وبكلمة اخرى فانا بحترية الاسلوب لاني غنائية النزعة, واسلوب البحتري يمتاز بالماء والطلاء والرونقة.. ولعمري تلك هي سمات الشعر الصافي الاصيل.
في إجابة للشاعرة عن التجديد في شعرها :
......................................................
التجديد ضرورة من ضرورات الحياة فان لم يكن فالحياة اذن موت متجدد, وانني من دعاة التجديد في اعتدال. فالتجديد يجب ان يقع في جوهر الشعر, اعني في اغراضه واساليبه والحذر كل الحذر من ان يقع في الاقلال بعموده فيعود تخريبا وهدماً. اما تقويم فني الشعري فليس ذلك الي انما هو للملايين من جمهرة القراء وللتاريخ بعد ذلك.
سئلت الشاعرةعن أفضل موضوع لقصائدها فقالت:
.............................................................
لا موضوع مفضل آخر عندي لاني أغرف من نبع روحي, فحين الانفعال يتدفق الشعر صافيا وروبة الشعر تملي وانا اكتب بسرعة تفوق الارتجال وبذلك فانا اكتب بقوة الالهام الروحي واستمد فني من الطبع لا تطبع وهو الهام لاتصنع ومن هنا جاءت قوته وشدة تأثيره في سامعيه.
وسئلت عن وصف النقّاد لها بالقديسة فأجابت :
.........................................................
ألا ما أجمله من وصف وما انبله.. انه الوسام الذي يحق لي أن ازدهي به واباهي الزمن.
وفي معرض حديثها عن إنتاجها الشعري قالت عاتكة :
....................................................................
* اريد التعرف على أعمالك؟ ــ في الحقيقة انني الان احيا أجمل سنين عمري الادبي. فالانتاج الشعري وفيد والحمد لله وربة الشعر تتنزل من عليا سماواتها على كل حين ولحظة حتى انه ليخيل الي ان بها انجذاباً الي وتعلقا بي وما اسعدني بذلك. وبعد مجموعتي التي صدرت عام 1986 اصدرت خمسة دواوين هى (ديوان نوراني) مدراه العشق الالهي وهو فريد في بابه يضم قصائد روحانية نورانية تقارب المئتي قصيدة وقد كتبته بخطي وسيطبع مخطوطا واراني لم أسبق الى الغرض والفكرة من قبل وهو حبيب الى روحي اثير لدي, وديوان يضم قصائد شتى في اغراض تفلسف بعمق الحياة والاحياء اسميته (قصائد آخر) وصفحاته قد تصل الى الالف صفحة, وديوان (من القلب الى القلب) وهو باب واسع لانه يعكس شفافية الروح ومدى محبتها لبني البشر على اختلاف اوزانهم والوانهم, ومسرحية (علية بنت المهدي) الاميرة الشاعرة الموسيقاره المغنية, ومضات في حياة المتوكل الخليفة العباسي العظيم وقد ثمنته الجهات العليا في الدولة فخشيت عليها من الضياع فصورتها وكتبتها بخطي في مجموعات انيقة لتطبع فيما بعد اذا كتب لها الخروج الى النور فطالما طالبني القراء على امتداد الوطن العربي بذلك وعسى الله ان يتيح الفرصة لظهور هذه الآثار كلها.
أما عن بحوثها في الشعر والشعراء قالت :
...................................................
اما كتبي الاخرى التي تضم بحوثي النثرية في الشعر والشعراء فقد خططتها كلها ايضا بخطي وصورتها جميعا الدولة كما فعلت باعمالي الشعرية حفظا لها وصوناً واعتزازا بمخطوط هو بخط يدي وهى عديدة منها كتب (نسيب الشريف الرضى) وهو مخطوط بخطي ومطبوع ويضم شعر الشريف كله في النسيب, و(من روائع الشعر العربي) و(من روائع الشعر الفرنسي), وهو مختارات لمشاهير الشعراء مترجمه من قبلي ومخطوطة بخطي واخيرا (في اجواء الاثير) مجموعة بحوث في الشعر والشعراء مما اذيع وتلفز وغير ذلك. عاشقة الوحدة بقي ان أقول ان الدكتورة الشاعرة الخزرجية كانت من عشاق الوحدة مذ كانت, وتقول: ــ بها عرفت الله ومن بعد عرفت نفسي.. هذه النفس العامرة بالنور, المشرقة بالايمان الفياضة بالحب, العائشة للخير وبالخير, فانا منها ابداً في سعد دائم وشباب روحي وجسدي متجدد, وهل يثقل الزمن على من يعمر الشباب كيانه ووجده..! ورحلت سيدة الشعر العربي.. في دار غربة وعيناها على بغداد.. هواها وعشقها.. الله كم دفعنا ثمنا لهذا الحصار اللعين.. بغداد .
رحلت عاتكة الخزرجي عام 1997 في زمن الحصار في الغربة تاركة ارثاً يزخر بالادب وشعراً رقيقاً جسد الوطن الذي سكن روحها وخيالها ومعزوفة جميلة تترنم بها الاجيال .
رحم الله قيثارة العراق
الشاعرة عاتكة وهبي الخزرجي
وأحسن مثواها
وإلى لقاء أخر في { أدباء منسيون منبلادي}
أستودعكم الله.
علاء الأديب
تونس / نابل
16-6-2019
المصادر :
....................
ويكبيديا الموسوعة الحرّة
موقع النور / الشاعرة عاتكة الخزرجي دراسة موضوعية وفنية اعداد منار جابر حسين
وكالة عراق بيديا
الحوار المتمدن / سيار الجميل
صحيفة البيان / لهيب عبد الخالق
صحيفة المدى / سميرة عبد الخالق
صحيفة الجيش العربي
اسلام سيفلايزيشن -السيد فالح آل الحجية الكيلاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق