العدد السابع لسنة 2017
فقه اللصوص ولصوص الفقه
الشاعر والكاتب السوري عبد الناصر طاووس
اولاً : فقه اللصوص.
جاء في كتاب [الأذكياء ] لابن الجوزي هذه الحكاية عن فقه وذكاء لصوص الدين.
خرج قاضي أنطاكية ليلاً إلى مزرعةٍ له ، فلما سار من البلد اعترضه لص فقال له :
دع ما معك وإلا أوقعتُ بك المكروه ..
فقال القاضي :
أيَّدَك الله ؛ إن لأهل العلم حرمة ، وأنا قاضي البلد ، فَمُنَّ عليَّ ..
فقال اللص :
الحمد لله الذي أمكنني منك.
لأني منك على يقين أنك ترجع إلى كفاية من الثياب والدواب.
أما غيرك فربما كان ضعيف الحال فقيراً، لا يجد شيئاً....
فقال له القاضي :
أين أنت مما يُروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« الدين دين الله ، والعباد عباد الله ، والسنة سُنَّتي ، فمَن ابتدع فعليه لعنة الله ».
وقطعُ الطريق بدعة ، وأنا أشفق عليك من أن تدخل تحت اللعنة.
فقال اللص :
يا سيدي هذا حديث مُرْسَل ، لم يُرْوَ عن نافع ، ولا عن ابن عمر.
ولو سلّمته لك تسليم عدل أو تسليم انقطاع.
فما بالك بلص متلصص مما لا قوت له ولا يرجع إلى كفاية عنده!
إن ما معك هو حلال لي.
فقد روى مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم قال:
« لو كانت الدنيا دماً عبيطاً لكان قوت المؤمنين منها حلالاً ».
ولا خلاف عند جميع العلماء أن للإنسان أن يُحييَ نفسه وعياله بمال غيره إذا خشي الهلاك.
وأنا واللهِ أخشى الهلاك على نفسي ، وفيما معك إحيائي وإحياء عيالي.
فسَلِّمه لي وانصَرِف سالماً.
فقال القاضي :
إذا كانت هذه حالتك فدعني أذهب إلى مزرعتي، فأنزِلُ إلى عبيدي وخدمي وآخُذُ منهم ما أستتر به ، وأدفع إليك جميع ما معي.
فقال اللص : هيهات !
فمثلك مثل الطير في القفص، فإذا خرج إلى الهواء خرج عن اليد، وأخاف أن أخلي عنك فلا تدفع لي شيئاً!
فقال القاضي :
أنا أحلف لك أني أفعل ذلك.
فقال اللص :
حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
« يمين المُكره لا تُلْزِم ».
وقال تعالى :
(إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ )
[ النحل : 106].
فادفع ما معك .
فأعطاه القاضي الدابة والثياب دون السراويل.
فقال اللص :
سَلِّم السراويل ، ولا بُدَّ منها.
فقال القاضي :
إنه قد آنَ وقتُ الصلاة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« ملعون مَن نظر إلى سوأة أخيه ».
وقد آنَ وقتُ الصلاةِ ، ولا صلاة لعريان ، والله تبارك وتعالى يقول :
(يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) [ الأعراف : 31]
وقيل في التفسير :
هي الثياب عند الصلاة.
فقال اللص :
أما صلاتك وانت عريان فهي صحيحة.
حدَّثَنَا مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
« العراة يُصلُّون قياماً، ويقوم إمامهم وسطهم »..
وقال مالك :
لا يُصلُّون قياماً ؛ يُصلون متفرقين متباعدين، حتى لا ينظر أحد منهم إلى سوءة البعض.
وقال أبو حنيفة :
يصلون قعوداً. وأما الحديث الذي ذكرتَ فهو حديث مُرْسَلٌ.
ولو سلّمته لكان محمولاً على النظر على سبيل التلذُّذ.
وأما أنت فحالك اضطرار ، لا حال اختيار .
فقال القاضي :
أنت القاضي وأنا المستقضي.
وأنت الفقيه.
وأنا المستفتي.
وأنت المفتي.
خذ ما تريد ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فأخذ السراويل والثياب ومضى .
هم فئة من تجار الدين جعلوا منه مهنة وسلعة رابحة يحرّفون الكَلِمَ عن مواضعه
فيحللون ما حرّم الله ويحرّمون ما حللّه بل
ويلوون عنق آيات القرآن الكريم لغايات في أنفسهم .
هذه الظاهرة بدأت منذ أن كان الإسلام ومازالت منتشرة الى يومنا هذا.
ثانياً: لصوص الفقه.
وما اكثرهم اذ هم سبب دمار الأمة...
هم فئة من علماء ومشايخ الأمراء والسلاطين وهم يزينون سوء اعمالهم ويأخذون من القرأن والحديث مجتزءاً يتوافق مع هواهم وهوى وليّ نعمتهم.
سمعت فتوى مسجلة بالصوت والصورة عن وجوب ولزوم طاعة ولي الأمر طاعة عمياء مطلقة وكأنها من وحي السماء حتى لو صلّى بهم الفجر أربعاً وهو سكران.
مستندا الى آية كريمة.
(وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)
علماً أنّ وليَّ أمرِ نعمتهِ يعدّ وليّ امر المسلمين وتولاه من نهى الله به عن ذلك ( ومن يتولهم فهو منهم )
وقد حالف أعداء الأمة على دينهم واغدق عليهم من اموال المسلمين بالهبات والهدايا والعطايا.
أسأل هذا الشيخ
أيّهما أصدق حديثاً ابو بكر الصديق الذي تولّى أمور المسلمين وهذا الدّعي صاحب فتوى تحت الطلب
يقول الصديق في أول خطبة له عندما تولى أمور الامة :
{ أيّها الناس :
إني وليت عليكم ولست بخيركم....
إن أسأت فقوموني.
ألا أن الضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ الحق له.
ألا وإن القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه.
أطيعوني ما أطعت الله ورسوله.
فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.
قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله }.
ماذا تقول ايها الشيخ هل يطاع وهو يصلي الفجر اربعا اي انه فاقدٌ عقله وشاربٌ ام الخبائث وام الكبائر!
عمر بن الخطاب... خطب قائلا:
( إذا أحسنت فأعينوني، وإذا أسأت فقوموني).
فقام له رجلٌ فقال:
(لو رأينا فيك اعوجاجاً، لقوّمناه بسيوفنا!)
فرد عمر:
(الحمد لله الذي جعل في أمة محمد، صلى الله عليه وعلى آله وسلم من يقَوِّم عمر بسيفه!)
والصحابة حضور كثيرون، ولم ينكر عليه عمر، ولا أحد منهم عليه ذلك.
فأين انتم يالصوص الدين من عظمة اصحاب نبي الرحمة.
اللصوص الفقهاء إساءتهم على انفسهم لكسب العيش
لكن الطامة الكبرى في الفقهاء اللصوص الذين تاجروا بدينهم من اجل دنياهم فهم سبب انحطاط الامة.
رحم الله احمد بن حنبل الذي ناله العذاب والسحن في عهدي المأمون والمعتصم في مسألة خلق القرآن وقد حابى جميع علماء عصره الخليفة إلا انه رفض اﻷعطيات وتأييد الحاكم في خزعبلاته.
وصلّ اللهم على محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق