بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 14 مارس 2019

مجلة صدى بغداد العدد الثاني لسنة 2019 وجه من الشمع للشاعر السوري عبد المجيد الفريح


مجلة صدى بغداد

العدد الثاني لسنة 2019

وجه من الشمع
 
للشاعر السوري عبد المجيد الفريح





وجهٌ من الشّمعِ يُهدِي لَذَّةَ العَسَلِ
شَكَا من الوَجدِ حتَّى ذابَ بالمقلِ

أندَى مِنَ الفجرِ في آذارِ ضحكتِهِ
أبهى مِنَ الفُلِّ في أيلولِ مُغْتَزِلِ

أحلى مِنَ الماءِ في تمُّوزَ إنْ ظمِئَتْ
روحِي فتَشربُهُ بُرأً مِن العِلَلِ

ويحمِلُ الدِّفءَ كانونًا بِبحَّتِهِ
وهَمهَماتٍ بَنَتْ صَرحًا مِنَ القُبَلِ

كأنَّ خَدَّيهِ بعضٌ مِن لَظَى كَبِدِي
أمَّا الشِّفاهُ فياقوتٌ بلا جَدَلِ

ومِنْ رُخامِ الجِنانِ العُنقُ صوَّرَهُ
ربُّ البَرِيَّةِ شفَّافًا بلا خَلَلِ

ينسَابُ في دِلِّهِ مِثلَ الفُراتِ على
سهولِ قلبيَ محفوظًا عنِ الخَطَلِ

فَيُخصِبُ العُمْرَ حتَّى لا أرى حَزَنًا
بهِ اشتَكَتْ وردةٌ مِنْ قِلَّةِ الطِّلَلِ

ولو تثنَّى لحَارُ الخيزَرانُ بهِ
حتَّى تراهُ بكى مِنْ شِدَّة الخَجَلِ

آهاتُهُ لَمْ يُجِدْ نَغماتِها أبَدًا
زُريابُ أو مَعبدٌ مُذْ خِلقَةِ الأزَلِ

بهِ حنينُ شُعوبٍ ضيَّعتْ وَطَنًا
لكنَّهُ باحتضانِ الحلمِ لمْ يَزَلِ

كأنَّني ما عَرَفتُ الحبَّ غيرَ بِهِ
ولا أجَدْتُ فُنُونَ العِشقِ والغَزَلِ

عيناهُ حَمَّلتَا نهرينَ مِنْ وَلَهٍ
رَضِيتُ شطَّيهِما سجنِي و مُعتَقَلي

ومَا ودَدْتُ لروحِي أنْ تطيرَ سوى
بِظِلِّ جُنحَيهِمِا تَيمًا بلا مَلَلِ

لهُ مزارانِ كَمْ أجهَدتُ راحِلتي
إليهِمَا حينَما نادَا ولمْ أصِلِ

فيا إلهِي هَلْ مِنْ مُرتَجىً لَهُمَا
فقَدِ شَقِيتُ بتَشريدي ومُرتَحَلِي؟

أغصُّ بالدَّمعِ إنْ أَذْكُرْ مَوَدَّتَهُ
ولَستُ أعلمُ ما يُؤتَى مِنَ الأمَلِ

وكلَّما قُدْتُ عُمري نحوَهُ عَثَرتْ
خُطايَ بالوقتِ بالتَّاريخِ بالسُّبُلِ

هذي القَصيدةُ لا تنفكُّ تَعصرُني
ولمْ يَجُفَّ بعمري آخرُ الوَشَلِ

لم أمتَلِكْ مهرًبا عنها لأهزمَني
فكنتُ كالطِّفلِ أخشَى أوَّلَ الطَفَلِ

ولمْ تكُنْ صولَةٌ للنُّورِ تَجهَلنُي
لكِنْ تَراءى غَدِيْ في ظُلمَةِ الحُلَلِ

فعُدتُ مِنْ حيثُ لمْ أُدركْ بقافيَتي
وجهًا مِنَ الشَّمعِ يُبدِي لَذَّةَ العَسَلِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق